يقول خبراء البيئة إن تزايد السيول والأعاصير يرجع إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض، أو وجود فارق كبير في الضغط الجوي بين منطقتين علوية ومنخفضة، حيث تتعزز الأعاصير عندما يتبخر الماء الدافئ من البحار والمحيطات إلى طبقات الجو الباردة، مما يؤدي إلى تكاثف البخار مع الهواء المشبع به، بالتالي حدوث العواصف إذا ما صاحبتها رياح عاتية.
وما لم تلتزم الدول الصناعية الكبرى بقوانين القرارات البيئة الجديدة والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية المناخ، فإن العواصف والأعاصير ستزداد، وبالتالي زيادة الفيضانات التي آثارها تهديد للأمن الاجتماعي، وزيادة الأوبئة، وتهجير الآلاف من السكان وغيرها.
كما تعلمون فإن الفيضانات تهدد الأمن الغذائي أيضاً، لأنها تجرف المحاصيل الزراعية، حيث أفاد خبراء من جامعة نيويورك بأنها قد تهدد ما يقارب 5 ملايين إنسان في قارة إفريقيا فقط، في حين أشار بعض الباحثين، وفق دراسات، أن الفيضانات الساحلية أصبحت تزداد ما بين 20 إلى 50 ضعفاً من جراء تغير المناخ.
لسنا هنا من أجل ترويع الناس، لكننا بصدد دق ناقوس الخطر، وعلى الحكومات أن تأخذ الاحتياطات اللازمة لصد الفيضانات، وأخذ الجدية اللازمة فيما يخص مخاطر التغييرات المناخية القادمة، لا وضع الأمور من غير ضوابط الاستعدادات المطلوبة، وفق مقولتنا الشائعة «زرع الله على الله».
باحثو الغرب دائماً ما يعملون الدراسات للدول المهددة بالفيضانات، التي تعرف بالدول الجزرية المتناهية الصغر، ونحن بدورنا كمهتمين بالبيئة وباحثين نطالب دولنا بأخذ الاحتياطات اللازمة، كعمل مصدات ضد هيجان البحار أو ما يعرف الأعاصير القادمة، ومصدات تجاه العواصف والرياح العاتية، بالتوسع في زرع الأشجار والنخيل، بشتى أنواعهما، والعمل على إصدار تشريعات حديثة تُجرم جرف الأراضي الزراعية القائمة وتطبيقها، لوقف أضرار العواصف والسيول التي تزداد يوماً بعد آخر من جراء التغيرات المناخية.
فلا ننسى أو نتغافل عما تتعرض له دولة ليبيا التي ضربها إعصار دانيال، وبسببه تم فقدان الآلاف، وآخر إحصائية فقدان 5200 فرد عند كتابة هذا المقال، وتشريد الآلاف وتضرر ما يقارب 1.2 مليون مواطن ومقيم من هذه العاصفة، حتى هذه اللحظة، وجرف الكثير من المباني والمنازل وغيرها من الأضرار التي لا تعد ولا تحصى، والسبب يرجع إلى عدم وجود خطط استراتيجية تمنع الكوارث الطبيعية فضلاً عن الإهمال في وضع بعض تقنيات التكييف والتخفيف في البلد، التي يوصي بها خبراء المناخ، والتي يمولها صندوق المناخ الأخضر التابع للأمم المتحدة، كالمصدات في السواحل مثلاً، ومنع جرف الأراضي الزراعية للحد من العبث بالتربة وإخلال تماسكها، ونتيجة الضعف في البنية التحتية من تقنيات التكييف والتخفيف شهدنا ما حصل في نيجيريا العام الماضي من فيضانات راح ضحيتها 500 شخص بعد أن غمرت الأمطار 27 ولاية من أصل 36 ولاية، حسب ما أفادت به وزارتا إدارة الكوارث والشؤون الإنسانية، وكذلك خسران الناس محاصيلهم الزراعية بما يعادل 60 إلى 70%، ونجد نتيجة الضعف في البنية التحتية السليمة، كذلك ما حصل من الزلازل في الشرق الأوسط في فبراير الماضي في كل من تركيا وسورية والتي أودت بحياة الآلاف في البلدين، وتضرر مئات المساكن في كل منهما، وآخرها زلزال المغرب الذي أودى بحياة ثلاثة آلاف تقريباً، وما يقارب ضعفهم من المصابين.
في الختام، نؤكد على جميع دولنا الإقليمية أن تبدأ بعمل دراسات عن التخفيف والتكييف لا سيما في الدول النامية والجزرية المتناهية الصغر، والشروع في تقنياتهما التي يكون تمويلها من صندوق المناخ الأخضر بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
* كاتب بحريني.