رياح وأوتاد: مخالفات لدور الحكومة الدستورية ومذكرة العدل الممتازة
حسب الدستور فإن الحكومة هي المهيمن على مصالح الدولة، وهذا يعني أنه متى ما تخلت الحكومة عن هذا الدور وتركته للمجلس فهي تقع في مخالفة التوجيه الدستوري، وتثير شبهة التدخل في السلطة التنفيذية، ولكن للأسف فإن هذا هو الوضع المشاهد الآن، فبعض اللجان تستدعي الوزراء لبحث موضوع معين، وتقوم بتوجيههم دون إحالة الموضوع إليها من المجلس، ويستجيب الوزراء قبل عرض تقاريرها والتصويت عليها في قاعة عبدالله السالم، وهذا مشاهد من تصريحات اللجان في مواضيع عديدة مثل الإعلام والبيئة والتعليم والزراعة، ومن المشاهدات أيضاً قيام بعض الأعضاء بالتهديد بوقف التعاون وتقديم الاستجوابات، والضغط من أجل سحب أولويات وردت في برنامج الحكومة، فاستجابت على لسان وزير المالية، وتخلت عما ورد في برنامجها قبل المناقشة العامة، ومنها أيضاً تهديد ومهاجمة القضاء دون رد أو موقف من الحكومة.
وكذلك يتساءل كثير من المراقبين أين الحكومة؟ ولماذا لا توضح ولا ترد على كثير مما يشغل الناس من قضايا تردد يومياً على مسامعهم، مثل مشكلة دروازة العبدالرزاق، وحقيقة الـ9 آلاف غير كويتي المستفيدين من التأمينات، وصحة خبر غير الكويتيين المستفيدين من قانون الإعاقة، وحجم تأثير الاقتراحات الشعبوية على الميزانية والمالية العامة، وموضوع السحب من احتياطي الأجيال، ومصداقية ما يبثه بعض المحكومين من الخارج، وما يثار عن قضايا الفساد، وحل مشكلة البدون، وغير ذلك الكثير من الموضوعات المطروحة التي توجب أن تقوم الحكومة بالتوضيح والرد عليها بتصريحات مدروسة ومقنعة، ولقاءات مطولة تشرح فيها للشعب موقفها ودورها وخطتها بخصوص هذه المواضيع مستعينة بالقانون وبالأرقام والمقارنات، وبالتالي القيام بقيادة المشهد السياسي والاقتصادي كي يقتنع الناس أنها بالفعل المهيمنة على مصالح الدولة.
واستثناء مع هذه المشاهد غير الدستورية يجب أن نشيد بموقف مذكرة وزارة العدل التي ردت على اقتراحات بعض النواب غير الدستورية، مثل عقد الجلسات دون حضور الحكومة، ومنع الوزراء من التصويت في أي موضوع يتعلق بالاستجوابات، والتصويت العلني في انتخابات مناصب ولجان المجلس، فقد كانت المذكرة قمة في بيان الحجج الدستورية والقانونية، ويبدو أن أصحاب هذه الاقتراحات استمرؤوا إعلان الحكومة عدم التصويت في جلسة الافتتاح على بعض المناصب، ليطالبوا بتحويل هذا الموقف إلى قانون دائم، لذلك لم يكن من الحصافة أن تتخلى الحكومة عن صلاحياتها الدستورية، ولا يجوز تصوير رفض الحكومة لأي اقتراح نيابي أو تمسكها بمشروعاتها القانونية على أنه إخلال بالتعاون، ولا يجوز إلزامها بما تراه اللجان أو الأعضاء إلا بعد التصويت العام أو بالقوانين القائمة.
في مقالات سابقة تطرقت إلى المخالفات الدستورية التي وقعت من الحكومة، ومن بعض الأعضاء في المجلس السابق، مثل تصوير ورقة الانتخاب مع الباركود، والاستجوابات غير الدستورية، وتأجيل الاستجوابات المزمع تقديمها، والدعوة إلى إسقاط الحكومة فور تشكيلها، وعدم الاحتكام إلى المحكمة الدستورية، وإساءة استخدام المادة (80) من قانون التأمينات، واليوم نقلت بعض المشاهدات المطروحة على الساحة، والتي لا تتناسب مع دور الحكومة الدستوري، راجياً الانتباه لخطورتها، داعياً الحكومة لتكون حقاً المهيمن على مصالح البلاد برؤية وقرارات مدروسة، وأن تكون هذه الهيمنة بالحق وبما يحقق المصلحة العامة، وبما لا يقلل من سلطة المجلس في التشريع والرقابة.