في وقت تلوح بالأفق بوادر أزمة مهاجرين جديدة في أوروبا، يغذيها تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية في بعض دول الشرق الأوسط وشمال ووسط إفريقيا، أجرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين زيارة أمس لجزيرة لامبيدوزا الإيطالية على البحر المتوسط، والتي كانت إحدى عناوين أزمة المهاجرين في 2015، برفقة رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية جورجا ميلوني، التي دعت قبل أيام إلى إجراءات ملموسة لوقف موجة متصاعدة من المهاجرين المتدفقين إلى إيطاليا.

ودعت المسؤولتان إلى تضامن أوروبي لمساعدة روما على إدارة تدفق المهاجرين الوافدين عبر البحر المتوسط، بما يفوق القدرات الاستيعابية للجزيرة الإيطالية الصغيرة التي استقبلت في الأيام الأخيرة أرقاما قياسية من اللاجئين تفوق عدد سكانها.

Ad

وفيما تحاول فون ديرلاين تجنب تجدد الجدل بشأن تقاسم المسؤوليات بين دول الاتحاد الأوروبي، شددت ميلوني، في مؤتمر صحافي مشترك مع المفوضة الأوروبية، على أن «السبيل الوحيد للتغلب على هذه المشكلة بصورة جدية هو وقف وصول المهاجرين بصورة غير قانونية».

وأشارت إلى أن مسألة التعامل مع الوضع تقع على عاتق الاتحاد الأوروبي كله، مضيفة أنه على الجميع أن يسعى إلى تحقيق نفس الهدف، والعمل نحو حلول جدية ومستدامة.

وتنتقد ميلوني نقص التضامن الأوروبي مع إيطاليا، التي تعد أبرز نقطة وصول في القارة للمهاجرين الوافدين عبر المتوسط، واستقبلت هذا العام نحو 130 ألفا منهم.

وكانت السلطات الإيطالية استقبلت أكثر من 5100 مهاجر في لامبيدوزا الأربعاء الماضي، مما دفع المجلس المحلي إلى الإعلان عن حالة الطوارئ.

ويشار إلى أنه بسبب قربها من مدينة صفاقس التونسية، تعد هذه الجزيرة منذ أعوام من أبرز مقاصد المهاجرين من شمال إفريقيا، الساعين للوصول إلى الشواطئ الأوروبية.

في المقابل، حضت فون ديرلاين دول التكتل على أداء دورها، وقالت: «الهجرة غير القانونية هي تحد أوروبي يحتاج إلى رد أوروبي»، داعية «الدول الأعضاء الى استضافة» قسم من المهاجرين الوافدين إلى لامبيدوزا.

كما عرضت فون ديرلاين خطة طارئة لمساعدة إيطاليا من 10 بنود تقوم خصوصا على تقوية نشاط الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود والسواحل (فرونتكس) في مجال مكافحة المهربين، وتسريع الدعم المالي لتونس التي ينطلق منها غالبية المهاجرين، وتعزيز «المسارات القانونية» للهجرة نحو القارة.

وشددت المسؤولة الأوروبية على أنه ينبغي تعزيز مراقبة البحر المتوسط بحرا وجوا لمكافحة عبور المهاجرين، مضيفة أنها تؤيد مطلب ميلوني باستكشاف الخيارات لتوسيع العمليات البحرية الحالية في البحر المتوسط أو العمل على تدشين عمليات جديدة.

وأثارت زيارة فون ديرلاين وتصريحاتها ردود فعل متضاربة في إيطاليا، فقد علّق موقع بوبليكو بأن «فون ديرلاين تستخدم نفس الكلمات الفارغة التي استخدمها الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بلامبيدوزا في اللاجئين عام 2015». وتزامنت زيارة المسؤولة الأوروبية لإيطاليا مع عقد رئيس حزب الرابطة اليميني المتشدد، الشريك في الائتلاف الحكومي، ماتيو شالفيني، مؤتمرا مع زعيمة اليمين المتشدد في فرنسا مارين لوبن، أعلنا خلاله عن تحالف ضد طوفان الهجرة دفاعا عن الهوية.

وقالت لوبن، في كلمة، إنه «عندما دافع سالفيني عن الحدود الإيطالية (بوجه المهاجرين)، نظرت أوروبا كلها إلى بلدكم بإعجاب في مواجهة هذا القدر الكبير من التصميم».

إلى ذلك، قال وزير الداخلية القبرصية كونستانتينوس يوانو إنه سيحاول إقناع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بإنهاء تصنيف سورية «دولة غير آمنة» لإعادة اللاجئين إليها.

وتأتي الخطوة القبرصية عقب موجة من الهجمات العنصرية على الأجانب خلال الأسابيع الأخيرة في الجزيرة، والتي شهدت تدفق أعداد كبيرة من طالبي اللجوء معظمهم سوريون، عن طريق البحر من سورية ولبنان، وسط تزايد المشاعر المعادية للمهاجرين، بحسب الوكالة.

من جهته، قال وزير الخارجية القبرصية، مارغريتيس سخيناس، في رسالة إلى نائبة المفوضية الأوروبية، إن «هناك حاجة مُلّحة لمساعدة لبنان الذي لجأ إليه مليونان ونصف المليون سوري».

بدوره، أكد يوانو أن لدى قبرص معلومات من السلطات اللبنانية عن زيادة في عدد السوريين الذين ينتقلون إلى لبنان، معتبراً أن «لبنان هو حاجز، وإذا انهار، فستواجه أوروبا بأكملها مشكلة».