«العدل»: نرفض إلغاء «محكمة الوزراء» منعاً للشكاوى الكيدية وتفادياً لبطء الإجراءات
• الوزارة تمسّكت برأيها السابق وأكدت أنها ليست تمييزاً لشخوصهم بل لطبيعة أعمالهم
• «وجودها لا يخل بتطبيق القوانين الأخرى بشأن ما يقع منهم من جرائم عادية»
في معرض رفضها للاقتراح بقانون المقدم من النائب د. عادل الدمخي حول إلغاء القانون رقم 88 لسنة 1995 بشأن محاكمة الوزراء، تمسّكت وزارة العدل برأيها السابق، مشددة على أن المحكمة ليست تمييزاً لشخوص الوزراء، ولكن لطبيعة ما يشغلونه من مناصب وزارية.
وقالت الوزارة في المذكرة التي أعدتها وحصلت «الجريدة» على نسخة منها، «سبق للوزارة إبداء الرأي في هذا المقترح حول إلغاء القانون رقم 88 لسنة 1995 بشأن محاكمة الوزراء، وسريان القانون الإجرائي والجزائي العام على الوزراء».
وأشارت إلى ما استقرت عليه المحكمة الدستورية أن المقصود بالمساواة أمام القانون ليست المطلقة أو المساواة الحسابية، بل إن المشرّع بموجب سلطته التقديرية، ومن باب أولى إذا فوضه الدستور في ذلك، أن يفرض تغايراً في المعاملة بين أصحاب المراكز القانونية المختلفة أو المتماثلة متى كان ذلك مبرراً، وفقاً لأسباب موضوعية تمليها اعتبارات المصلحة العامة، وكافلاً في ذلك وحدة القاعدة القانونية بشأن أشخاص تتماثل ظروفهم بما لا يجاوز متطلباتها كان القانون واقعاً في إطار السلطة التقديرية ولا يعد تمييزاً منهياً عنه.
وأضافت: متى كان ذلك وكان الدستور قد نص في المادة 132 منه على أن يحدد قانون خاص الجرائم التي تقع من الوزراء في تأدية أعمال وظائفهم، ويبين إجراءات اتهامهم ومحاكمتهم والجهة المختصة بهذه المحاكمة، وذلك دون إخلال بتطبيق القوانين الأخرى بشأن ما يقع منهم من أفعال أو جرائم عادية، أي أن الدستور فوض القانون في تنظيم محاكمة الوزراء عن جرائم تقع منهم في تأدية أعمال وظائفهم، وناط الدستور بالقانون تحديد هذه الجرائم، ووضع إجراءات خاصة بهم في مجال التحقيق والاتهام والمحاكمة والجهة المختصة بنظر هذه المحاكمة، وذلك ليس تمييزاً لشخوصهم، ولكن لطبيعة ما يشغلونه من مناصب وزارية، فهم يمثلون السلطة التنفيذية، ويأتون على رأس الأجهزة التنفيذية والإدارية في الدولة، وهم يشاركون كأعضاء في مجلس الوزراء - الموكول إليه الهيمنة على مصالح الدولة، ورسم السياسة العامة للحكومة، كما يُشرف كل منهم على شؤون وزارته، وتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها - المادة 123 وما بعدها من الدستور.
وأضافت: لذا جاء القانون 88 لسنة 1995 إنفاذا لحكم الدستور متضمناً أحكاماً إجرائية أكثر سعة وأسرع حسماً في مرحلتَي التحقيق والمحاكمة عنها في الإجراءات العادية التي قد يستطيل أمرها، فتشيع جواً من البلبلة التي تتنافى وما يجب أن يكون من ثقة المواطنين بالسلطة التنفيذية القائمة على مصالح الدولة ورعايتها، وكذلك ظناً أن يعلّق بأحد أعضائها استرابة أو مظنة أي اتهام خاطئ أو كيدي بما ينعكس سلباً على أدائها، وما قد يسببه ذلك من عدم استقرار الأوضاع في البلاد، وليس أدل على انعدام التمييز أو المساواة بين هؤلاء وغيرهم من الأفراد أن ما قد يقع من الوزراء من أفعال أو جرائم عادية خلاف تلك المتعلقة بأداء أعمالهم الوزارية فقد تركه الدستور للقوانين الأخرى الواجبة التطبيق، لأنها غير مرتبطة بمناصبهم الوزارية.
وقالت: لذا فقد حدد القانون رقم 88 لسنة 1995 في المادة الثانية منه الجرائم التي يمكن أن تقع من الوزراء في تأدية أعمال وظائفهم من بين سائر الجرائم التي يضمها قانون الجزاء والقوانين الجزائية الخاصة، والتي رأى المشرّع أن هذه الجرائم إذا ارتكبها الوزير هي التي تتطلب تطبيق أحكام خاصة بإجراءات التحقيق والاتهام والمحاكمة تختلف عن تلك الواردة في قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، بحسبان اتصالها بأداء العمل الوزاري، وأنه من الأوفق حفاظاً على المصلحة العامة ومراعاة للحكمة المبتغاة من حكم الدستور الوارد في المادة 132 المشار إليها اتباع هذه الأحكام الخاصة بصدد هذه الجرائم فحسب، ودون إخلال بما لا يتعارض معها من القواعد العامة.
وفي ختام رأيها قالت: بناء على ما تقدم جميعه، ونظرا لطبيعة المسؤولية الملقاة على عاتق الوزراء، ورغبة في تمكينهم من أداء واجبات هذه المسؤولية دون التعرض للشكاوى الكيدية، وتفادياً لبطء الإجراءات العادية في التحقيق أو المحاكمة، وما قد يثير ذلك من بلبلة تعوق المسيرة كان هذا التنظيم الذي يخضع فيه الوزير لإجراءات التحقيق والمحاكمة التي نظمها القانون 88 لسنة 1995 بناء على التفويض الدستوري دون الإخلال بالأصول المقررة.
وانتهت الوزارة آنذاك بعدم الموافقة على الاقتراح بقانون المشار إليه، وحتى تتمسك الوزارة بذات الرأي بمذكرتها آنفة البيان، ومن ثم ترى عدم الموافقة على الاقتراح بقانون.