شبّه وزير الخارجية الايطالي، أنطونيو تاياني، التدفق الكبير للمهاجرين الوافدين من القارة الإفريقية على السواحل الإيطالية، بـ «مستودع بارود منفجر»، وذلك بعد زيارة لرئيسة المفوضة الأوروبية أورسولا فون ديرلاين الى روما التي تشتكي منذ أسابيع من موجة تدفّق كبيرة للمهاجرين غير الشرعيين، وتدعو شركاءها الأوروبيين الى مساعدتها.
وقال الوزير الإيطالي، في تصريحات نقلتها وكالة آكي الإيطالية للأنباء، أمس، إن «مستودع البارود الإفريقي (أي الهجرة) قد انفجر بالفعل».
وأضاف لدى وصوله إلى القنصلية الإيطالية في نيويورك، عشية انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة: «هناك حركة مستمرة لملايين وملايين الأشخاص، ولا توجد جدران تصمد أمامهم، انظروا إلى تاريخ الغزوات البربرية التي لم يتم إيقافها من قبل الجيش الروماني، على الرغم من أنه كان أقوى جيش في التاريخ العسكري»، داعيا الى تدخّل دولي وليس فقط أوروبي.
وأظهر آخر تحديث لبيانات الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود والسواحل (فرونتكس)، عبور أكثر من 232 ألف مهاجر غير نظامي الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الثمانية لهذا العام، وهو أعلى رقم منذ 2016.
وقدّم حوالي نصف هؤلاء عبر المنطقة الوسطى للبحر الأبيض المتوسط، أي عبر السواحل الإيطالية، حيث ينشط مهربو البشر لدفع اليائسين الى الإبحار على متن قوارب مكتظة ومتداعية انطلاقا من السواحل التونسية والليبية مقابل آلاف الدولارات.
وأعلنت السلطات الإيطالية حالة الطوارئ في جزيرة لامبيدوزا التي تشهد تدفقا كبيرا للمهاجرين، وقبل أيام وصل حوالي 7 آلاف مهاجر في يوم واحد، وهو رقم قياسي يفوق أعداد سكان الجزيرة.
وأفادت وسائل الإعلام بأن مركز استقبال خاصا بالمهاجرين في جزيرة صقلية الإيطالية شهد وقائع فوضوية أمس، فيما غادر نحو 100 مهاجر المخيّم، حيث تسلّقوا الأسيجة وكسروا الحواجز، وباءت محاولات قوات الطوارئ لإيقافهم بالفشل. وقال عمدة ميناء بورتو إيمبيدوكلي بجنوب البلاد إن المهاجرين كانوا يغادرون المخيم لأوضاعه السيئة.
وفي ظل توافد آلاف الأشخاص لجزيرة لامبيدوزا، جرى إرسال أكثر من 1000 شخص إلى المخيم الواقع بصقلية على مدار عدة أيام.
الى ذلك، زار وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، أمس، روما لإيصال رسالة «دعم وحزم»، وقبل مغادرته قال إن فرنسا تريد بشكل خاص «مساعدة إيطاليا على مراقبة حدودها» الخارجية.
وأكد دارمانان أنه يريد أن يعكس موقفا يقوم على أنه «لا يمكن توجيه رسالة إلى الأشخاص الذين يأتون إلى أراضينا مفادها أنه سيتم الترحيب بهم مهما حدث».
وأضاف: «إذا كان هناك طالبو لجوء مؤهلون ويتعرّضون للاضطهاد لأسباب سياسية، فبالطبع هم لاجئون. وفي هذه الحالة، يمكن لفرنسا كما فعلت على الدوام، استقبالهم». لكنه أشار الى أن «60 بالمئة» من الحالات تعود إلى أشخاص «يأتون من دول مثل ساحل العاج وغينيا وغامبيا»، حيث «لا ظروف إنسانية» تبرر لجوءهم.
وتهدف هذه الرسالة لتهدئة التوتر مع الحكومة الإيطالية المشكّلة من ائتلاف اليمين واليمين المتطرف، والتي انتقدت رئيستها جورجا ميلوني نقص التضامن الأوروبي. وقال حزب الرابطة اليميني المتطرف، العضو في الائتلاف الحكومي، أمس «كفى كلاما، يتوقّع الإيطاليون إجراءات ملموسة من فرنسا وأوروبا، وهم يستحقونها».
ومن المقرر أن يزور دارمانان روما، لكنه لن يتوجه إلى لامبيدوزا، كما فعلت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الأحد برفقة ميلوني، حيث عرضت خطة من 10 بنود تهدف الى تحسين إدارة الوضع الراهن من خلال توزيع طالبي اللجوء بين الدول الأوروبية بشكل أفضل، وتفادي تكرار تدفقهم بأعداد كبيرة على سواحل إيطاليا بشكل يستنزف قدراتها اللوجستية والإدارية.
وتلحظ الخطة «دراسة الخيارات لتوسيع عمليات البحرية في المتوسط»، وتشمل تسريع الدعم المالي لتونس التي ينطلق منها غالبية المهاجرين، والتحاور مع أبرز الدول التي يأتون منها، مثل غينيا وساحل العاج والسنغال وبوركينا فاسو، لإعادتهم في حال لم يستوفوا شروط اللجوء.