بدأ وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أمس، رحلة تستغرق أربعة أيام إلى روسيا، من المتوقع أن يتعهد خلالها البلدان بثقة سياسية متبادلة أعمق، استعداداً لزيارة مهمة محتملة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى بكين في أكتوبر.
وقالت وزارة الخارجية الصينية، في بيان، إن وانغ، الذي يشغل منصب وزير الخارجية ويرأس مكتب الشؤون الخارجية في الحزب الشيوعي الحاكم، "سيشارك في الجولة الـ18 من المشاورات الأمنية الاستراتيجية الصينية الروسية بين 18 و21 سبتمبر" بناء على دعوة من سكرتير مجلس الأمن في الاتحاد الروسي نيكولاي باتروشيف.
ومن المتوقع أيضاً، أن يمهد وانغ لزيارة بوتين إلى العاصمة الصينية لحضور منتدى الحزام والطريق الثالث بعد دعوة من الرئيس شي جينبينغ خلال زيارة رفيعة المستوى لموسكو في مارس.
وحضر بوتين أول منتديين للحزام والطريق في الصين في عامي 2017 و2019. لكن لا توجد زيارات خارجية معروفة لبوتين منذ أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه بتهمة ترحيل مئات الأطفال بشكل غير قانوني من أوكرانيا.
وفي الأول من سبتمبر، قال بوتين إنه يتوقع أن يلتقي شي قريباً، لكنه لم يؤكد صراحة أنه سيسافر إلى الصين مرة أخرى. وتلزم مذكرة الاعتقال، التي صدرت قبل أيام قليلة من زيارة شي لروسيا، الدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 123 دولة باعتقال بوتين وترحيله إلى لاهاي لمحاكمته إذا دخل أراضيها. مع ذلك، فإن الصين ليست عضواً في نظام روما الأساسي الذي تأسست بموجبه المحكمة الجنائية الدولية في عام 2002.
وقالت وزارة الخارجية الروسية الأسبوع الماضي إن المحادثات بين وانغ ونظيره الروسي خلال زيارته ستغطي "مجموعة واسعة من قضايا التعاون الثنائي، بما في ذلك الاتصالات على أعلى المستويات".
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الوزارة قولها، إنه سيكون هناك أيضاً "تبادل مفصل لوجهات النظر" بشأن قضايا مثل أوكرانيا.
وكانت آخر زيارة قام بها وانغ لروسيا في فبراير عشية الذكرى السنوية الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا، مما أثار قلق الولايات المتحدة التي اتهمت البلدين في ذلك الوقت بالتشارك في رؤية يمكن من خلالها "إعادة ترسيم الحدود بالقوة".
وقبل زيارة هذا الأسبوع، سافر وانغ إلى مالطا لإجراء محادثات "بناءة" لساعات مع مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان.
وكانت محادثات نهاية الأسبوع هي الأحدث في سلسلة اجتماعات رفيعة المستوى بين المسؤولين الأميركيين والصينيين، التي يمكن أن تضع الأساس لاجتماع هذا العام بين شي والرئيس الأميركي جو بايدن.
وكذلك تأتي المحادثات بعد زيارة لزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون إلى روسيا حذر الغرب من أنها تمهد لصفقة تحصل خلالها موسكو على ذخائر كورية شمالية تحتاجها بشدة في حربها بأوكرانيا مقابل حصول بيونغ يانغ على تقنيات لبرنامجها المتعثر للأقمار الصناعية.
إلى ذلك، رغم تأكيده قدرة الولايات المتحدة على صد أي غزو محتمل لتايوان، شدد رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي على أن إدارة الرئيس جو بايدن يجب أن تفعل كل ما في وسعها لتجنب اندلاع حرب مع الصين.
وعشية لقاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع نائب الرئيس الصيني هان تشينغ، قال ميلي، لشبكة "سي إن إن": "علينا أن نفعل كل ممكن لتجنب صراع مسلح مفتوح مع الصين".
وأضاف ميلي أن الولايات المتحدة شاركت فعلاً في "حربي قوى عظمى"، موضحاً أنه كان يتحدث عن الحربين العالميتين الأولى والثانية، وأن مثل هذا الصراع مع الصين لا ينبغي أن يحدث.
وفي الوقت نفسه، أكد ميلي أنه في حال حدوث "غزو صيني لتايوان"، فإن واشنطن ستكون قادرة على صده، لكنها تريد "حلاً سلمياً" للوضع بين الصين وتايوان.
وأكد ميلي مواصلة دعم الاتفاقيات الثنائية مع تايوان ومنها تلك المتعلقة بالضمانات، مضيفاً: "نريد علاقات سلمية بين الصين وتايوان. لكن من الناحية العسكرية، أعتقد أن الصين سترتكب خطأ استراتيجيا كبيرا إذا حاولت مهاجمة تايوان أو الاستيلاء عليها".
وخلال محادثات "صريحة وموضوعية وبناءة" مع مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان في مالطا يومي السبت والأحد، أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أن قضية تايوان تظل خطاً أحمر في العلاقات لا يمكن لواشنطن تجاوزه، ويتعين عليها أن تلتزم بالبيانات المشتركة الثلاثة وتفي بالتزامها بعدم دعم استقلال الجزيرة.
وذكرت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" الصينية أن يي وسوليفان بحثا عدداً من القضايا الخلافية، بما في ذلك الحرب الأوكرانية وبحر الصين الجنوبي.
وفيما أظهرت المحادثات الرفيعة المستوى بمالطا علامات مبكرة ومحدودة على احتمال البدء في استعادة الاتصالات العسكرية المقطوعة، التقى بلينكن أمس، نائب الرئيس الصيني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وفي خضم المباحثات، أعلنت وزارة الدفاع التايوانية أنها رصدت تحليق 103 طائرات حربية صينية حول الجزيرة خلال 24 ساعة، واصفة هذا الرقم بأنه "الأعلى في الآونة الأخيرة".
وأضافت أن "المضايقات العسكرية المستمرة لبكين يمكن أن تؤدي بسهولة إلى تصاعد حاد في التوتر وتدهور الأمن الإقليمي"، داعية الصين إلى "الوقف الفوري لمثل هذه الأعمال الأحادية التخريبية".
وقال البيان، إنه من بين العدد الإجمالي للطائرات الحربية التي تم رصدها، عبرت 40 طائرة ما يسمى بالخط الوسط لمضيق تايوان الذي يفصل الجزيرة عن الصين، ودخلت منطقتي تحديد الدفاع الجوي من الجهتين الجنوبية الغربية والجنوبية الشرقية.
وزادت الصين في الفترة الماضية من وتيرة ضغوطها العسكرية على الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي، خصوصاً من خلال المناورات والطلعات الجوية. وتدهورت العلاقات بين بكين وتايبيه منذ تولي الرئيسة تساي إنغ-وين المؤيدة للاستقلال السلطة في تايوان عام 2016.
ولم تعلّق المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ مباشرة على التحركات الجوية والبحرية، لكنها أعادت التأكيد على أن "تايوان هي جزء من الأراضي الصينية، وما يسمّى خط الوسط هو غير موجود".