بلغت الثقافة الدولة العربية الإسلامية أعلى ذراها، فأخذت من علوم الإغريق وفلسفتهم، ونقلت عن حضارة الهند، واستفادت مما كان عند الفُرس، ونقلت صناعة الورق من الصين، ثم ازدهرت قدراتها الذاتية في الأدب والشعر وعلم الكلام والفلسفة والفيزياء والكيمياء والرياضيات والفلك، ناهيك عن دراسة الفقه والحديث واللغة وغير ذلك مما فاضت به خزائن الكتب في عواصم البلدان المُتنافسة فيما بينها على الفضل في العلم والأدب، وما كان كل ذلك يحدث لولا الحرية التي كان يتمتع بها الإنسان في البحث والكلام.
***
ويوم أن جاء الحاكم الجاهل، والضعيف، والجشع ساد الجهل والتخلف بسبب جهله وجشعه وضعفه، فضرب عرض الحائط بنصائح الحكماء ممن أسدوا لهُ النصح في مواجهة المغول، فخزائن الدولة كان فيها من الذهب والأموال ما يكفي لمواجهة التتار لعشرات السنين، كما أن جيش الدولة كان يساوي أضعاف جيوش المغول، لكنهُ رعديد جبان استبد برأيه وبطريقة تفكيره في أن يزوج هولاكو إحدى بنات الأسرة العباسية، ليناسبهُ وبذلك ينقذ الإمبراطورية التي كانت تحكم العالم، وهو لا يدري أنه ذهب برجليه إلى كارثة هلاكه، فأسقط بجهله عاصمةً كانت تهابها الدنيا بأسرها.
***
فما أشبه التاريخ حينما يُعيد تكرار نفسهُ في أكثر من زمانٍ ومكان!
***
أعلم أن المقال قصير، وهناك الكثير من الأمثلة التي من الممكن الاستشهاد بها لإتمام الموضوع، لكنني فضلت لو أن القارئ الكريم هو من يثري الموضوع بما يدور في ذهنه عن دور الثقافة في حياة الحاكم..