تحت شعار «بريكس وإفريقيا»، عقدت قبل فترة قمة مجموعة «بريكس» في جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا، والتي شارك فيها قادة كل من روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا.

وقد ألقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كلمته أونلاين، واكتفى بإرسال وزير خارجيته سيرغي لافروف لحضور القمة، وقد أعربت عشرات الدول عن اهتمامها بالانضمام إلى هذه المجموعة الاقتصادية، ومنها الأرجنتين، ونيجيريا، وإيران، وبيلاروسيا، والسعودية، وإندونيسيا، ومن الجدير بالذكر أن مجموعة «بريكس» تمثل 40 في المئة من سكان العالم وربع الاقتصاد العالمي.

Ad

وفي تطور عالمي آخر، تم إطلاق «مشروع الممر الاقتصادي» بين دول قمة مجموعة العشرين الذي انعقد مؤخراً في الهند، حيث أعلنت كل من الإمارات، والسعودية، والهند، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة إطلاق اتفاقية الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار والممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.

ويرى المراقبون أن اتفاق البنية التحتية الجديد سيغيّر قواعد سلاسل التوريد والإمداد من خلال تعزيز الاتصال بين الهند والشرق الأوسط في مقابل مبادرة الحزام وطريق الحرير الذي أطلقته الصين منذ سنوات، فالأحداث الاقتصادية المتسارعة تواكب ما يجري من نزاعات عسكرية في آسيا وإفريقيا.

والعقوبات الاقتصادية الأميركية على روسيا بسبب حربها الأوكرانية، والحرب التجارية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين، بجانب وجودها العسكري في بحر الصين الجنوبي، عززت تماسك مجموعة «بريكس» الاقتصادية ودفعتها لتكوّن تحالفاً اقتصادياً منافساً لمجموعة الدول الصناعية السبع. وقد وضعت «بريكس» ضمن أولوياتها التخلص من هيمنة الدولار الأميركي ومنافسته بعملة موحدة على غرار اليورو، واعتماد التبادل التجاري بالعملات المحلية فيما بينها، وهو ما تراه أميركا وحلفاؤها تحدياً للنظام المالي العالمي على المديين المتوسط والبعيد.

وفي ظل هذه المعطيات تنظر واشنطن بقلق بالغ نحو تنامي القوة الاقتصادية والعسكرية للصين وتحالفها المتنامي مع روسيا وكوريا الشمالية، مما دفعها إلى تكثيف الوجود الأميركي في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان مع حلفائها الآسيويين (تايوان واليابان وكوريا الجنوبية) وهو ما تراه الصين تصعيداً خطيراً قد يؤدي إلى تصاعد التوتر في العلاقات قد ينذر بنشوب نزاع عسكري على غرار الحرب الروسية الأوكرانية، والتي أدت تبعاتها إلى حدوث أزمات اقتصادية عالمية في مجالات متعددة ترتبط بالتمويل الحربي والطاقة والغذاء والإمداد والبيئة وصولاً إلى دمار شامل في حال اللجوء إلى استخدام الأسلحة النووية، فهل ستنجح أميركا وحلفاؤها (الدول الصناعية السبع) في احتواء الصين وروسيا عسكرياً لفرض نظام القطب الواحد حتى لو دفع العالم ثمناً باهظاً؟ أم ستنجح الصين وحلفاؤها (مجموعة بريكس) في قيادة قطب اقتصادي جديد منافس يعيدنا إلى عالم نفتقد فيه توازن القوى وتعدد الأقطاب؟