واشنطن وطهران تتجهان لتنفيذ «مبادرة السلطان»
• عقوبات أميركية جديدة... وشويغو يبحث في إيران تعزيز التعاون العسكري
أكد مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإيرانية أنه بعد الإفراج عن الأرصدة الإيرانية المجمدة وتبادل السجناء بينهما، ستمضي طهران وواشنطن باتجاه تنفيذ الخطوات التالية في التفاهم الأمني، الذي تم التوصل اليه قبل أشهر بين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ومندوبين عن الأجهزة الأمنية الأميركية عبر اجتماعات مكثفة في عمان وقطر وسويسرا.
ويقول المصدر، إن المرحلة المقبلة من الاتفاق، التي يطلق عليها البعض اسم «مبادرة سلطان عمان هيثم بن طارق»، تنص على تعليق إيران خطواتها التصعيدية التي تنتهك الاتفاق النووي وتثبيت التهدئة الشاملة بين إيران وحلفائها والولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، على أن توقف إيران مد روسيا بالأسلحة لاستخدامها في أوكرانيا مقابل أن تقوم الولايات المتحدة بتعليق تنفيذ قسم كبير من العقوبات على إيران.
وأشار الى أن النقاش الدائر حالياً هو على أولوية الترتيبات والعقوبات التي يجب أن يتم تعليقها بين الجانبين ومدت التعليق المتبادل.
وبحسب المقترح الذي يُنسب لسطان عمان، فإن إيران ستحتفظ بكل اليورانيوم الذي خصبته بنسب عالية وأجهزة الطرد المركزي والماء الثقيل داخل البلاد في مخازن تحت إشراف المنظمة الدولية للطاقة الذّرية، ولن يتم شحنها إلى روسيا، كضمان على تنفيذ الولايات المتحدة لتعهداتها، وفي المقابل، فإن الولايات المتحدة لن ترفع العقوبات أو تلغيها، بل ستعلّق تنفيذها فقط، وبهذا الشكل، فإن الولايات المتحدة أيضاً سيكون لديها ضمانات بأن إيران ستنفّذ تعهّداتها.
وقال المصدر، إن المشروع يتضمن أن يتباحث الجانبان الإيراني والأميركي على الخلافات في محاولة للتوصل إلى صيغ تفاهم لحلها، على أن تكون أولى الخطوات عودة الجانبين لتنفيذ الاتفاق النووي كمبادرة حُسن نوايا.
وأشار إلى أن تنفيذ هذا التفاهم سيستمر حتى موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة العام المقبل، وبناء على نتائجها إما يتم تمديده في حال بقاء بايدن في البيت الأبيض أو تتولى الإدارة الجديدة متابعته.
ووصل الأميركيون الخمسة الذين أطلقت إيران سراحهم بموجب الصفقة أمس، إلى الولايات المتحدة. وبعد مرورهم في الدوحة، هبط الأميركيون الخمسة في قاعدة عسكرية قرب واشنطن، وفق المصدر نفسه الذي تحدّث بشرط عدم كشف اسمه.
وقال مستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية جايك سوليفان على منصة (إكس) «أهلا بكم في بلادكم»، ونشر صورة للرعايا الأميركيين المفرج عنهم برفقة دبلوماسيين في الطائرة التي أقلّتهم الى الولايات المتحدة.
وكان السجناء الأميركيون السابقون، وأحدهم كان معتقلاً منذ 8 سنوات و2 من أفراد عائلاتهم غادروا طهران صباح الاثنين في طائرة قطرية إلى الدوحة، حيث توقفوا لبعض الوقت قبل الإقلاع مجدداً في طائرة أميركية أقلتهم الى الولايات المتحدة.
وبعد محادثات سريّة قادتها قطر جزئياً، استكمل البلدان عملية التبادل عقب الإفراج عن حوالي 6 مليارات دولار جمّدتها كوريا الجنوبية بموجب العقوبات المفروضة على إيران.
ونفت واشنطن أن يكون المبلغ بمنزلة فدية، مشددة على أنه سيستخدم لأغراض إنسانية فحسب، مع التهديد بإعادة تجميده ما لم يحدث ذلك. إلا أن بعض المسؤولين في طهران ألمحوا إلى عدم وجود قيود على إنفاق هذه الأموال. وأصدرت إدارة بايدن عقوبات جديدة تتعلق بإيران أمس، استهدفت العديد من الأشخاص والكيانات في إيران وروسيا والصين وتركيا فيما يتعلق بتطوير طهران للطائرات المسيرة والحربية.
إلى ذلك، دعت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة إيران إلى «التراجع الفوري» عن قرارها بسحب اعتماد عدد من مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرّية.
كما دعا الممثلون الدائمون للدول الأربع لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، في بيان مشترك، إيران إلى «التعاون بشكل كامل مع الوكالة لتمكينها من تقديم ضمانات بأن برنامج إيران النووي سلمي حصراً».
وذكر البيان أن قرار إيران سحب اعتماد العديد من مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرّية ذوي الخبرة قوّض عمل الوكالة.
وقال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في لقاء بنيويورك، مساء أمس الأول، إن استخدام لغة القوة ضد الشعب الإيراني «أداة غير فعالة»، وأضاف: «ما يمكن أن يؤدي إلى كسب ثقتنا، هو تغيير هذا السلوك المتغطرس، والعمل على أساس الالتزامات، وهو أمر لم تنجح أميركا فيه حتى الآن».
ورداً على سؤال بشأن الاتفاق النووي وآفاق العلاقات الإيرانية - الأميركية، قال الرئيس الإيراني: «مع تغيّر الحكومة في الولايات المتحدة والإعلان عن استعداد الحكومة الجديدة للعودة إلى التزاماتها، أعلنت إيران أيضاً استعدادها للتوصل إلى اتفاق جيد، وتابعت المفاوضات بجدية، لكن بعد فترة تبيّن أن الأطراف الأخرى لم تلتزم بتعهداتها» وأضاف: «لقد تخلّت الحكومة الأميركية، بسبب النصائح الخاطئة التي تلقتها من بعض العناصر المرتزقة التي تدّعي بأنها إيرانية، كذلك التقديرات الخاطئة لأجهزة التجسس، عن المفاوضات بعقد الأمل على نتائج أعمال الشغب، في حين أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية اليوم عبارة عن شجرة عملاقة، لن تؤثر عليها مثل هذه الهزات».
على صعيد آخر، وصل وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الى إيران، أمس، في زيارة رسمية تشكّل «محطة مهمة» للتعاون العسكري بين موسكو وطهران التي تواجه اتهامات بتزويد روسيا بمسيّرات تستخدم في هجومها بأوكرانيا.
وأعلنت اللجنة العليا لتنفيذ الاتفاق الأمني المشترك بين العراق وإيران، أمس، إخلاء المقرات المتواجدة قرب الحدود مع إيران والتي كانت تشغلها مجموعات كردية إيرانية معارضة بإقليم كردستان العراق.
جاء ذلك بالتزامن مع إبلاغ وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، خلال مباحثات على هامش اجتماع الأمم المتحدة بنيويورك، التزام العراق بالاتفاق الأمني المشترك، وعدم السماح بوجود أي تهديد لإيران من أرض العراق وإقليم كردستان العراق مشددا على ضرورة احترام طهران له.