استضافت ديوانية السفارة اللبنانية في الكويت بمنطقة السفارات في الدعية، أمس الأول، ندوة مفتوحة بمناسبة صدور كتاب الباحث والإعلامي اللبناني حمزة عليان، والذي حمل عنوان «رحلتي مع الصحافة... 57 عاماً بين بيروت والكويت»، وذلك بحضور القائم بأعمال السفارة اللبنانية لدى البلاد أحمد عرفة، وجمع كبير من الدبلوماسيين والمثقفين والإعلاميين والفنانين والكُتاب والمهتمين بالشأن الثقافي والإعلامي والتاريخي في الكويت من المواطنين والجالية اللبنانية وغيرها من الجاليات الأخرى.

أدارت الندوة أستاذة التاريخ بجامعة الكويت د. نورة الحبشي، والتي انطلقت في رحلة مع الكاتب عليان تجوَّلت خلالها في صفحات مؤلَّفه الجديد، وتوقفت عند محطات عدة، كان أبرزها واقع الصحافة الورقية مقارنة بما هو حاصل في الفضاء الإلكتروني، كما تطرَّقت إلى اقتراح بعض النواب إعادة الرقابة على الكُتب والمطبوعات، خصوصاً في ظل إصداره كتاباً عن تاريخ الرقابة في الكويت.

فترة الغزو
Ad


وأشارت الحبشي إلى ظهور رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد جاسم الصقر في لقاء على قناة mbc مع مالك الروقي، والذي تحدَّث فيه عن كونه رئيس تحرير جريدة القبس بالسابق، وكيف كان دور حمزة عليان في حفظ أرشيف «القبس» أثناء فترة الغزو. وكانت فرصة تحدَّث فيها عليان عن تجربة إصدار القبس الدولي كصحيفة كويتية، وخلاصة تجربته في مركز المعلومات.

من جانبه، قال عليان خلال الندوة: «قدمت إلى الكويت في رحلة عام 1976 لمدة 6 أشهر حتى انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، وكنت وقتها صحافياً في جريدة السفير، ويشاء القدر أن تمتد هذه الأشهر إلى 47 عاماً قضيتها في بلدي الثاني الكويت، التي لم أشعر فيها أبداً بالغربة أو ضرورة العودة إلى بلادي، فقد شعرت أنني في بلدي بالكويت، ومن هنا جاء شغفي بموضوع العلاقات الكويتية- اللبنانية على مستوى السياسة أو الصحافة أو المعلومات. وجاءت كتاباتي في هذا الاتجاه، نتيجة خبرتي ومتابعتي اليومية لما يصدر في الصحافة المحلية والإقليمية والدولية، ما وفَّر لي بيئة غنية بالمعلومات والوثائق والأخبار التي ساعدتني كثيراً في هذا المشوار الطويل من العمل البحثي والتوثيقي».

حكومة الكويت

وحول القبس الدولي، قال: «صدر العدد الأول من الصحيفة في 20 مايو 1985، وكان الفضل في ذلك لرئيس التحرير بذلك الوقت محمد جاسم الصقر وأصحاب القبس، لأن هذه الصحيفة وضعت الكويت على خط المنافسة مع كبرى الصحف العربية في ذلك الوقت، كما كانت الصحيفة الكويتية الأولى التي قامت بتلك الخطوة، وكان لها دور كبير في فترة الغزو، لأن حكومة الكويت طلبت من أصحاب (القبس) أن تصدر الصحيفة باسم حكومة الكويت، وصدرت باسم صوت الكويت».

وتطرَّق عليان إلى حفاظه على مركز المعلومات من الغزو العراقي الغاشم، قائلاً: «حينما أتذكر كيف دمر الغزو جهداً بنيناه لسنوات بجريدة القبس أشعر بالرغبة في البكاء، فقد سرق العراقيون ثلث محتويات مركز المعلومات، وشملت 4500 کتاب تم انتقاؤها، و178 ألف صورة، وكل ملفات الدول، والتي تقدَّر بـ 450 ألف وثيقة، لكن من حُسن حظنا أن قُمنا قبل الغزو بتصوير الصحيفة على ميكروفيلم، وحفظ الأفلام كوديعة بخزائن البنك الوطني. كانت الفرحة الكبرى لنا، بحفظ أعداد الصحيفة من التلف والضياع، حيث زُرت البنك، وكان لي الحق في الاطلاع على الوديعة، وكانت سعادتي لا توصف حين تأكدت أن يد المحتل الغاشم لم تطل هذه الثروة المعلوماتية».

الصحافة الورقية

وحول واقع الصحافة الورقية اليوم، في ظل الفضاء الإلكتروني، أكد عليان أنها أزمة عالمية، إلا أنه يبقى للصحافة الورقية أنصارها ومذاقها الخاص، ولكن هذا لا ينكر أن الصحافة، وإن كانت سُلطة رابعة، فهناك من يقول إن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت سُلطة خامسة، لأنها صارت تياراً جارفاً ومؤثراً في الرأي العام وفي قرارات المسؤولين.

وأكد عليان أن مركز المعلومات بـ «القبس» هو خامس أبنائه الأربعة، لأنها تجربة يعتز بها، وتم اعتبارها استكمالاً لأركان مؤسسة القبس الإعلامية، لتضاهي تجربة جريدة الأهرام في مصر، والنهار في لبنان، والحياة بلندن، وذلك على مدى 43 عاماً من العمل في «القبس»، مضيفاً أنه لم يكن عملاً سهلاً، فمن الصعوبة بناء مركز معلوماتي، والأصعب منه الاستمرار في تطويره، لكن تم وضع نظام عمل يكفل للمركز الاستمرار مع اختلاف الأشخاص والإدارات.

وحول الرقابة على المطبوعات، قال عليان: «تاريخ الحريات بالكويت معروف، لكن في المستقبل نأمل المزيد من الحريات لمصلحة الصحافة والمواطن والمنطقة، لأن الكويت أكثر الدول الخليجية التي تتمتع بالحريات وحقوق الأفراد، وتعتبر محط أنظار الجميع، ولا نريد أن نعود للوراء مثلما حدث في عام 1976 حين تم حل مجلس الأمة، وأيضاً عام 1986».

عرفة: الإصدار يتناول موضوعاً مهماً



افتتح الندوة القائم بأعمال السفارة اللبنانية لدى البلاد أحمد عرفة، بالترحيب بالحضور، مؤكداً أن السفارة اللبنانية في الكويت تهتم بالشأن الثقافي، وتولي له اهتماماً خاصاً، لذلك جاءت ندوة الكاتب الكبير حمزة عليان، الذي ارتبط اسمه بلا منازع بتاريخ العلاقات الكويتية - اللبنانية، كإحدى أهم الفعاليات التي تنظمها السفارة، لتعكس صورة جميلة عن لبنان، باعتباره بلد علم وفن وحضارة، وعن الجالية اللبنانية بالكويت، التي تساهم في بناء ونهضة المجتمع الكويتي، الذي احتضنها تاريخياً، ولا يزال، وصارت العلاقة بين البلدين هي التعاون والمحبة والإخاء.

وأكد عرفة فخره بجهود أبناء الجالية اللبنانية في الكويت، وإسهاماتهم في الحركة الثقافية والتاريخ الكويتي، معرباً عن سعادته بصدور المؤلَّف الجديد للكاتب حمزة عليان، نظراً لتناول الإصدار موضوعاً حيوياً وفترة غاية في الأهمية لتغطية الفترة الزمنية التي قضاها أحد أعلام الصحافة الكويتية، الذي أمضى جزءاً كبيراً من شبابه وحياته بالصحافة الكويتية، ولا يزال عطاؤه مستمراً لا ينقطع في خدمة العمل الإعلامي والبحثي بالكويت على مدى 47 عاماً، فضلاً عن دوره في تأسيس أرشيف ومركز المعلومات والأبحاث بجريدة القبس.

الحبشي: إسهامات كبيرة للكاتب في التوثيق



قالت أستاذ التاريخ بجامعة الكويت د. نورة الحبشي، في كلمة ترحيبية بالكاتب حمزة عليان: «هو أستاذي ومعلمي الذي تعلمت منه الكثير، منذ كنت طالبة بالدكتوراه حين استعنت به للحصول على معلومات من مركز المعلومات والأبحاث بجريدة القبس، فالكاتب حمزة عليان له إسهامات غير مسبوقة في توثيق رواد الكويت والأقليات، ومنها مؤلفه (وجوه من الكويت)، الذي تحدَّث فيه بإنصاف عن تاريخ رواد من الكويت بمعايير البحث العلمي والأمانة في نقل المعلومات، كما تحدث بموضوعية عن الأقليات في الكويت، عندما كتب عن اليهود والمسيحيين والأرمن في الكويت بطريقة جميلة في سرد المعلومات».

يُذكر أن الحبشي قدَّمت عدداً من الأبحاث والدراسات المهمة، منها: التغيرات التي عاشتها الكويت في عهد الشيخ عبدالله السالم، وكتاب العلاقات الكويتية الأميركية، الذي حازت عنه جائزة الدولة التشجيعية، وكتاب الشخصية الوطنية «عبدالعزيز الصقر... ذو الرئاستين بين السياسة والاقتصاد»، أول رئيس لغرفة تجارة وصناعة الكويت ورئيس أول مجلس أمة في الكويت.