أبدع الموسيقار د. محمد البعيجان في وضع بصمة موسيقية ساحرة وباهرة على «ألحان الذكريات»، التي قدَّمها في حفل على مسرح الدراما بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، أمس الأول، ضمن فعاليات مهرجان الموسيقى في دورته الـ 23، بحضور الأمين العام المساعد لقطاع الفنون بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، مساعد الزامل، الذي قام بتكريمه وإلقاء كلمة قبل انطلاق الحفل، الذي امتد لساعتين من التحليق في سماء الفن والإبداع.

لم تكن مجرد ليلة موسيقية تقدم أشهر وأعذب الألحان، بل كانت إجابة عن أسئلة كثيرة، منها: ما الجديد والمختلف الذي ستقدمه فرقة موسيقية تعزف ألحاناً خالدة ومعروفة؟ وما الداعي لحضور حفل موسيقي من دون مطرب يبدع ويرتجل ويتفاعل بحضوره مع الجمهور على خشبة المسرح؟ وغيرها من الأسئلة، حتى جاءت ليلة الحفل، لتقدم إجابة قاطعة عنها دون مجال للشك، وهي أن الإبداع ليس له حدود، وأن قيادة فرقة موسيقية على يد فنان عبقري وملحن مخضرم وموسيقار موهوب قادر على تقديم الألحان المحفوظة في الذاكرة بثوب جديد يضع الجمهور في حيرة، فيجد نفسه يقول: «هو نفس اللحن، لكنه مختلف... أعرف هذه الأغنية، لكنها تبدو جديدة»، ويتساءل: «ماذا فعلت تلك العصا السحرية بيد قائد الفرقة الموسيقية د. محمد البعيجان ليجعلنا نشعر أنه يقدم شيئاً جديداً كلياً، رغم أنه من ألحان الذكريات؟».

Ad

لوحة موسيقية

كل هذه الأسئلة جالت بخاطري، كأحد أفراد جمهور الحفل، واستمتعت إلى الحد الذي جعلني أسأل الموسيقار البعيجان، ماذا صنعت بالألحان؟ أنا أعرفها جيداً، لكن لا أعلم كيف صنعت منها لوحة رائعة لم نشاهدها أو نسمعها من قبل، وكانت الإجابة: «كان هدفي منذ قررت المشاركة في الحفل هو تقديم شيء لم يُقدَّم من قبل، وهو ميدلي عربي - خليجي - كويتي يبهر الجمهور، وكان الأمر يحتاج إلى جرأة لتقديم ميدلي لـ «كوكب الشرق» أم كلثوم، ومطربين كبار، لذلك خرج الحفل الأول من نوعه بالعالم العربي، حيث تم أخذ مقاطع من أغنيات شهيرة، ودمجها، وعمل ريمكس منها بصورة إبداعية مع تغيير في الأدوات الموسيقية وشكل اللحن وتوزيعه دون أي تدخل في اللحن الأصلي».

وأضاف البعيجان: «السبب في نجاح الحفل، أنني قدمت ما أشعر به وأحبه، مع مصاحبة الإيقاع لمعظم الأعمال، ما أضفى عليها طابع البهجة والحركة، وساهم في تفاعل الجمهور، كما تمت دراسة الألحان، واختيار المقام المناسب لكل أغنية ومقطع، لذلك تم اختيار مقاطع محددة لخدمة هذا الهدف، مثل المقطع الثالث من أغنية (أنت عمري)، وليس من بدايتها، كما هو متعارف عليه في عمل الميدلي، بمشاركة باقة مختارة من العازفين المحترفين والكورال بلغ عددهم إجمالاً على المسرح 46 فرداً، وتم تجهيز الفكرة قبل شهر من الحفل، ثم بدأنا كتابة أفكار الألحان، لتقديمها بصورة مبتكرة، وكان المجهود جباراً، من الكورال تحديداً، في حفظ النوتة الجديدة بالأفكار المبتكرة في الألحان».

«كوكب الشرق»

وقدَّم البعيجان خلال الحفل ميدلي لأغنيات أشهر المطربين، حيث انطلق بالبداية في عزف ميدلي «كوكب الشرق» أم كلثوم، وتضمن أغنيات: يا مسهرني، وأنت عمري، والحب كله، ويا أغلى من أيامي، وقدَّم لأبوبكر سالم ميدلي لأغنيات: ما علينا، وسر حبي، ويا سمار، وقولي متى أشوفك، كما قدَّم للمطربين عبدالمجيد عبدالله وراشد الماجد ميدلي أغنيات: يا طيب القلب، ويا خوي وينك، وانت العزيز، وغير الناس. كما قدَّم ميدلي للمطربين طلال مداح ومحمد عبده، تضمن أغنيات: كل ما نسنس، وصعب السؤال، وتصدق ولا أحلف لك، ولو كلفتني المحبة.

وقدَّم البعيجان وفرقته الموسيقية باقة من أشهر أعمال المطربة فيروز، منها: سألوني الناس، واسمك يا حبيبي، وبنت الشلبية، وعهادير البوسطة، ونسم علينا الهوى، وحبيتك تنسيت النوم. واختتم الحفل بميدلي الطنبورة، والعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، من خلال أغنيات: سواح، وتوبة، وأسمر يا أسمراني، وصدفة. كما قدَّم ميدلي للمطربة نوال تضمن أغنيات: فديت روحي، وضاقت عليك، وغرورك عذالي، ومعقولة تنساني، وتعب قلبي، وميدلي آخر للمطرب عبدالله الرويشد، من خلال أغنيات: تصور، وتذكرني، ورمادي، وتعالى ما بقى لي يوم، وغيرها الكثير من الأغنيات لأشهر المطربين، ثم غنى الكورال أغنية «سلام يا ديرتي يا ديرة أجدادي»، ليودع الجمهور الحفل بتصفيق حار، وبكلمات شكر وامتنان قدَّمها البعيجان لهم، وللمجلس الوطني راعي المهرجان، ومركز الشيخ جابر الثقافي.

ومن جانب آخر، رحب مساعد الزامل بحضور المهرجان من السفراء والدبلوماسيين والفنانين الكويتيين والخليجيين.

وأكد الزامل أنه جمعته علاقة صداقة وأخوة مع الموسيقار د. محمد البعيجان منذ مراحل الدراسة والطفولة، إذ كانا يعشقان الفن منذ الصغر، والتمثيل الكوميدي على المسرح في ثنائي متناغم جداً، وفي الوقت الذي اتجه الزامل للتمثيل والمسرح، كان البعيجان منبهراً ومولعاً شغفاً بالموسيقى، لاسيما آلة البيانو، معرباً عن سعادته وفخره بأن يقوم اليوم بتكريم صديقه وزميل الطفولة البعيجان على مسرح واحد يجمعهما بعد كل هذه السنوات، مؤكداً تقديره وفخره بكل ما يقدمه البعيجان من فنون وموسيقى رائعة، وهو ابن الموسيقار الكبير عبدالرحمن البعيجان.