في مداخلة للزميل صلاح العلاج ضمن البرنامج التلفزيوني «المشهد» الذي يقدمه الإعلامي اللبناني المعروف طوني خليفة قال: «أعتقد أنه لا يوجد لبنانيون، يوجد هناك ناس ساكنين لبنان ولكنهم ليسوا لبنانيين.. اللي حاصل اليوم إن هناك موارنة ودروز وشيعة وسنّة ولكن ليس هناك لبنانيون.. اللي يجمعكم (اللوكيشن) أو الموقع، الانتماء الوطني غير موجود لا أشاهده ولا أستشعره كمراقب، من بعيد تشوف لبنان بلد جميل حلو، وساكنين جنب بعض و(بالعين) بعض، ولكن الولاء للوطن غير موجود، ولا يلام شخص ما من طائفة ما عندما يصل إلى مركز أن يكون كل حلمه أو كل شغله خدمة فئته أو فصيله أو طائفته اللي وصلته، مش اللبنانيين، اللي وصلوه لهذا المركز، استغلوا ذكاءكم في تنمية بلدكم، حبوا لبنان، انتوا ما بتحبوا لبنان، مشكلة اللبنانيين إنهم بيحبوا أحزابهم وطوائفهم أكثر من حبهم لبلدهم، ويتعاملوا مع لبنان وكأنه لوكيشن فقط مش وطن وبلد ومستقبل وحياة وأرض...».
مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بين مختلف فئات المجتمع أصبحت أوضاع الكويت كتاباً مفتوحاً أمام شعوب الأرض كلها، لدرجة أنه لو تبادل الزميلان الإعلاميان طوني خليفة وصلاح العلاج الأدوار وصار العلّاج هو المذيع التلفزيوني وطوني خليفة هو الضيف المتحدث عن أوضاع الكويت، لما اختلف مضمون حديثه عما طرحه العلاج، فالأوضاع الديموغرافية والسياسية بالكويت ولبنان متشابهة. فالحكومات الكويتية المتعاقبة أنشأت للكويتيين مناطق وضواحي صارت فيما بعد مستوطنات تحتضن كل منها مجموعة متجانسة العرق والمذهب، وكل منها تحتضن إما أغلبية سنية أو شيعية أو قبلية، استفاد منها المتنفذون من مرشحي مجلس الأمة لضمان نجاحهم في الانتخابات، فهذه الظروف وخلال العقود الأربعة الماضية جعلت من دولة الكويت مجموعة أحزاب أشبه بدويلات داخل الدولة يحاول كل منها أن يستفرد بالقرار، وإلا فما الذي يدفع بقبيلة أن ترفع علمها بدلاً من أن ترفع علم بلادها؟ وما الذي طرأ على فكر رئيس وفد كويتي زائر لإحدى الدول العربية أن يفاخر بإنجازات قبيلته بدلاً من أن يفاخر بإنجازات بلده؟ وبعد أن تكاثر المزدوجون والمزورون بيننا، بعلم الحكومة، ما الذي يدفع مزدوج الجنسية أو مزور لجنسيته الكويتية أن يفاخر بالكويت إذا لم يكن قد ولد على أرضها وزور في وثائقها الرسمية في سبيل استنزاف المال العام؟ ولهذا أستطيع أن أقول إنه لا يوجد كويتيون في الكويت، ولكن يوجد ناس «ساكنين» الكويت لكنهم ليسوا كويتيين، فهناك سنّة وشيعة وأحزاب دينية وقبائل عديدة يجمعهم «اللوكيشن» أو الموقع فقط، وهذه الفئات يفاخر كل منها بما لديه على حساب حصة الكويت من المفاخرة، والانتماء الوطني غير موجود ولا يشاهده الكويتي الحقيقي ولا يستشعره، فمن بعيد الكل يرى الكويت بلدا غنيا مستمتعا بثروته النفطية، وسكانها يسكنون جنب بعض و«بالعين» بعض، ولكن الولاء ليس للوطن أو للأرض، بل للطائفة أو الحزب أو القبيلة، ولا يلام شخص ما من أي من هذه الفئات عندما يصل إلى منصب مرموق أن يكون شغله الشاغل خدمة من أوصله لهذا المنصب، لا الكفاءة ولا الخبرة ولا الكويتيون الذين أوصلوه إلى هذا الموقع، مشكلة الكويتيين اليوم أنهم يحبون أحزابهم وطوائفهم ومصالحهم الخاصة أكثر من حبهم لبلدهم، ويتعاملون مع الكويت وكأنها «لوكيشن» فقط لا وطن أو بلد أو أرض أو مستقبل وحياة... للأسف!!