التكسبات الانتخابية المبنية على منع الاختلاط ما زالت هي الورقة التي يستخدمها المتشددون من نواب مجلس الأمة الى يومنا هذا، فقد فوجئنا قبل أيام بموافقة وزير التربية على أحد مقترحات عضو من أعضاء لجنة القيم الركيكة في مجلس الأمة، وهذا الاقتراح يطالب بمنع الاختلاط الحاصل في الفصول الدراسية داخل جامعة الكويت.
جامعة الكويت العريقة التي طالما كانت وجها حضارياً حقيقياً للتعليم المشترك المحترم، أصبحت يُشكك بأخلاق طلابها من لجنة قيم غير مختصة في فهم آلية العمل الأكاديمي الصحيح، أو حتى فهم مضار منع الاختلاط المالية والفكرية على الطلبة والدولة على المدى البعيد، والأدهى والأمرّ هو خضوع الحكومة المستمر لهذه المطالبات المتشددة، التي كان آخرها إلغاء وزير التربية الحالي تسجيل الطلبة في الشعب المختلطة، وإجبارهم على التسجيل في شعب منفصلة، ضاربا بمصلحة الطلبة وقرار المحكمة الدستورية القاضي بوضع مساحة فاصلة في الفصل الدراسي بين الطلبة والطالبات دون الحاجة إلى منع الاختلاط تماماً الذي يطالب به النواب المتشددون عرض الحائط.
فكيف لوزير التربية أن يتغاضى عن الآراء القانونية والأكاديمية المختصة الرافضة لمنع الاختلاط، ويستمع إلى صوت خارجي من لجنة قيم موجودة في مجلس الأمة هدفها الحقيقي التكسب الانتخابي باسم الدين حتى لو كان هذا التكسب غير قانوني وضد مصلحة الطلبة الخريجين والمستمرين أيضاً.
فهل من المنطق أن يضيع الدكتور الأكاديمي وقته في تدريس شعبه للذكور وأخرى للإناث في المادة العلمية نفسها، وهو ما يعد هدراً للوقت والمال والجهد بلا أي داع، في حين من الممكن أن يستثمر هذا الوقت الضائع في الأبحاث العلمية التي ترفع التصنيف الحالي لجامعة الكويت؟ إذاً خضوع الحكومة التام لمطالب المتشددين أصبح أمراً لا يسكت عنه، ويجب أن يكون هناك وقفة حقيقية وجدية للشعب ضد هذه الظاهرة المستنكرة التي سيكون مردودها عكسياً على الشعب بمختلف أطيافه ومختلف نواحي حياته سواء الاجتماعية أو السياسية أو حتى الاقتصادية.