شهد لبنان، في الأسابيع الماضية، سلسلة أحداث أمنية متنقلة كان آخرها حادثة إطلاق النار، ليل الأربعاء ـ الخميس، على السفارة الأميركية في منطقة عوكر شمال بيروت.

ولم يعهد لبنان، في السنوات الأخيرة، أي اعتداء على تلك السفارة، وآخر التحركات كان قبل سنوات من خلال دعوات للتظاهر أمامها، وهذه أيضاً قد خفتت، لذلك فإن ما جرى مؤشر لا بدّ من التوقف عنده، خصوصاً أن الاعتداء وقع بعد أيام من ذكرى تفجير السفارة ومقر المارينز في بيروت عام 1983.

Ad

وقال المتحدث باسم السفارة الأميركية في لبنان، جيك نيلسون، إن أعيرة نارية أُطلقت على السفارة، و«لم تقع إصابات، ومنشآتنا آمنة، ونحن على اتصال وثيق مع سلطات إنفاذ القانون». وتتواصل التحقيقات حول كيفية إطلاق النار، والجهة التي أقدمت عليه، وفيما تبيّن أن 15 رصاصة أطلقت من سلاح كلاشنيكوف، لا تزال المعطيات متضاربة بشأن ما إذا كان المهاجم قد فتح نيرانه من سيارة دون لوحات مرّت بشكل مسرع، أم من أحد الأحراج المحيطة.

ولا ينفصل الاعتداء على السفارة عن كل الأجواء الأمنية التي تسيطر على لبنان، سواء المعلومات بشأن تجدُّد أنشطة مجموعات إرهابية أو إحباط مخابرات الجيش تهريب أسلحة من مخيم عين الحلوة قد تستخدم لتوتير الأجواء في مناطق أخرى، أو انشغال القوى الأمنية بموجة تسلّل اللاجئين السوريين.

في لبنان هناك معادلة ثابتة، أنه في فترات الفراغ الرئاسي، وكلما ارتفع منسوب الأحداث الأمنية عزّز ذلك فرص قائد الجيش للوصول إلى رئاسة الجمهورية، خصوصاً في حال حصلت تطورات، واضطر الجيش إلى التدخل وحسمها وتكريس الاستقرار، وتلك تجارب شهدها لبنان سابقاً، مع وصول إميل لحود بعد «أحداث الضنية»، وميشال سليمان بعد «أحداث 7 مايو ومخيم نهر البارد»، وهذا ما قد يحدث مع جوزيف عون حالياً.

وفي تفاصيل الخبر:

هل وصل لبنان إلى مشارف الدخول في مرحلة من الأحداث الأمنية والعسكرية؟ أصبح السؤال يفرض نفسه، خصوصا بعد سلسلة من التطورات التي شهدتها الساحة اللبنانية، وآخرها حادثة إطلاق النار على السفارة الأميركية في منطقة عوكر. لم يعهد لبنان في السنوات الأخيرة أي اعتداء على السفارة الأميركية، وآخر التحركات كان قبل سنوات من خلال دعوات للتظاهر أمام السفارة، وهذه أيضاً قد خفتت، لكن ما جرى مؤشر لا بد من التوقف عنده، خصوصا أنها المرة الأولى التي يحصل فيها مثل هذا الاعتداء، بعد أيام من ذكرى تفجير السفارة ومقر المارينز في بيروت عام 1983.

وقال جيك نيلسون، المتحدث باسم السفارة الأميركية في لبنان، إن أعيرة نارية أطلقت على السفارة، ليل الأربعاء ـ الخميس، مضيفا: «لم تقع إصابات، ومنشآتنا آمنة، ونحن على اتصال وثيق مع سلطات إنفاذ القانون». وتتواصل التحقيقات حول كيفية إطلاق النار، والجهة التي أقدمت على العملية، وقد تبين أن الرصاص أطلق من سلاح كلاشينكوف، والمعطيات متضاربة إذا ما كان إطلاق النار حصل من سيارة دون لوحات مرت بشكل مسرع، أم أن شخصاً أقدم على إطلاق النار من أحد الأحراج المحيطة.

ولا ينفصل الاعتداء على السفارة الأميركية عن كل الأجواء الأمنية التي تسيطر على لبنان، فمنذ أيام يتم التداول بمعلومات وتسريبات تفيد بتجدد الأنشطة لمجموعات إرهابية على الساحة اللبنانية، خصوصا أن الجيش كان قد نجح في الكشف عن شبكة إرهابية وتفكيكها، من خلال توقيف رأسها المدبر. وبحسب المعلومات العسكرية، فإن هذه الشبكة كانت تحضر لتنفيذ عمليات إرهابية، وهي تضم في صفوفها لبنانيين وسوريين. ليس بعيداً أيضاً، جاءت عملية أمنية أخرى قامت بها مخابرات الجيش على أحد مداخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان، بعد الكشف عن عملية تهريب أسلحة وذخائر من داخل المخيم وتحديداً من حي حطين المحسوب على القوى الإسلامية إلى خارج المخيم، وتستمر التحقيقات لمعرفة وجهة هذه الأسلحة، وإذا كان الهدف منها هو توتير الأجواء في مناطق أخرى.

في الموازاة أيضا، تتزايد نسبة دخول لاجئين سوريين إلى لبنان بطرق غير شرعية، فيما يعمل الجيش على مكافحة التسلل، وقد وقع اشتباك أمس في منطقة الهرمل على الحدود اللبنانية السورية مع عدد من المهربين، ما أدى إلى سقوط جرحى، فيما تبدي مصادر لبنانية استغرابها للعملية الممنهجة التي تجري حول تهريب اللاجئين السوريين إلى لبنان وبأعداد كبيرة، وكأن هناك من يريد أن يفتعل أحداثاً بين اللبنانيين والسوريين، ما سيؤدي إلى توتير الأجواء الأمنية والعسكرية في البلاد.

قد تكون كل هذه الأحداث مضبوطة حتى الآن، وغير قابلة للانفجار، ولكن تراكمها وتزايدها قد يؤدي إلى وقوع انفجارات أمنية متفرقة على الساحة اللبنانية، وربما قد توضع كل هذه الأحداث في خانة الضغط على كل القوى لتهيئة الأرضية والذهاب إلى البحث عن تسوية رئاسية وإعادة تشكيل السلطة بشكل يعيد إرساء الهدوء نسبياً.

في لبنان هناك معادلة ثابتة أيضاً، أنه في فترات الفراغ الرئاسي وكلما ارتفع منسوب الأحداث الأمنية تتعزز فرص قائد الجيش للوصول إلى رئاسة الجمهورية، خصوصاً في حال حصلت تطورات واضطر الجيش اللبناني إلى التدخل وحسمها وتكريس الاستقرار، وتلك تجارب شهدها لبنان سابقاً، مع وصول إميل لحود بعد أحداث كفرحبو في الضنية، ووصول ميشال سليمان بعد أحداث 7 مايو ومخيم نهر البارد، وهذا ما قد يحدث مع جوزيف عون.

إلى ذلك، قال الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في حديث صحافي، إن «الأزمة الرئاسية في لبنان عادت إلى نقطة الصفر»، معتبرا أن «نتائج اجتماع المجموعة الخماسية الأخير في نيويورك بداية تهميش لمهمة المبعوث الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، وبالتالي قفزة نحو المجهول».

وفي موقف لافت، قال جنبلاط: «لتشرح لنا السعودية ماذا تريد؟ لأن الأمور أصبحت بمستوى صارخ وغير مقبول. هناك من يلعب مع اللبنانيين! وهذا ما يغذي النظريات السخيفة لمن يريد الفراغ».