أسدل مهرجان الموسيقى الدولي الستار على دورته الـ 23، أمس الأول، والذي نظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، باحتفالية بعنوان «ليلة موسيقار الأجيال الراحل محمد عبدالوهاب»، بقيادة المايسترو د. محمد الموجي، وغناء الفنانين محمد شطا وسماح صديق.

وتضمنت فعاليات المهرجان، الذي انطلق الاثنين الماضي برعاية وزير الإعلام رئيس «الوطني للثقافة» عبدالرحمن المطيري، مجموعة من الحفلات الغنائية وأمسيات مختلفة، منها الموسيقى الكويتية والخليجية التي كانت حاضرة مع ليلة الاحتفاء بالموسيقار د. عبدالرب إدريس.

Ad

بدأ الحفل بكلمات ترحيبية للمذيع عبدالله بوقماز، ومن ثم كلمة للأمين العام المساعد لقطاع الفنون بـ «الوطني للثقافة» مساعد الزامل، حيث أعرب عن سعادته بأصداء المهرجان، مؤكداً أن الهدف من التعاون مع مركز جابر الأحمد الثقافي هو تقديم نسخة جميلة من المهرجان، مشدداً على أن المجلس الوطني، بجميع قطاعاته والعاملين فيه، اجتهدوا ليظهر المهرجان بهذه الصورة، ومسلطاً الضوء على أبرز فعاليات النسخة الـ 23 من المهرجان.

وأكد الزامل أن «الارتقاء بمستوى الثقافة والفنون ينطلق من الحفاظ على إرثنا وتاريخنا الموسيقي والفن الكويتي والخليجي والعربي».

وتضمنت الاحتفالية تكريماً، فقد صعد على المسرح الأمين العام لـ «الوطني للثقافة» بالإنابة د. محمد الجسار، والزامل، لتكريم النجوم المشاركين في الحفل.

وقد جاءت الليلة محمَّلة بروائح الفن الجميل، وعبق الماضي الأصيل، بكوكبة من الأغاني التي ملأت المسرح بهجة ومشاعر متعددة. وقد حضر قيادات «الوطني للثقافة»، ولفيف من أعضاء السلك الدبلوماسي.

جماليات الصوت

انطلق الحفل بقيادة المايسترو د. الموجي، ليطل الفنان محمد شطا، ويفاجئ الجمهور بجماليات صوته وموهبته، حيث استهل وصلته بأغنية «يا مسافر وحدك»، ونجح في لفت الأنظار إليه من الوهلة الأولى، بصوته المؤثر القوي، وتفاعل معه الحضور، وغنى بإحساس عالٍ «كل دا كان ليه».

بعدها أشعل شطا قاعة المسرح، ونشر الرومانسية في كل الأرجاء عندما قدَّم أغنية «بلاش تبوسني في عينيه». ووسط انسجام من الجماهير الغفيرة التي ملأت المسرح غنى «خايف أقول اللي في قلبي»، وقدَّم أغنية «مضناك جفاه مرقده» للشاعر أحمد شوقي، ثم اختتم وصلته الغنائية بأغنية «من غير ليه»، وهي من الأغاني الأخيرة التي قدَّمها «موسيقار الأجيال».

أداء وحماس

وتواصلت فعاليات الحفل، لتطل الفنانة سماح صديق، حيث قدَّمت واحدة من أجمل الوصلات الغنائية، واختارت تقديم الأغاني التي لحَّنها عبدالوهاب إلى مجموعة من الفنانين. وكانت بدايتها على المسرح في هذه الليلة مع أغنية «لولا الملامة» للفنانة وردة الجزائرية، التي تفاعل معها الحضور، حيث حلَّقت بصوتها العذب مع اللحن الجميل والكلمات الأصيلة، ثم انتقلت إلى أغنية «هان الود»، وقدمت أغنية من الأغاني التي تحتاج إلى مطرب يتمتع باحترافية ونَفَسٍ طويل، وهي «قلي عملك أيه قلبي»، ثم انتقلت إلى أغنية مؤثرة جعلت المشاعر تفيض، وهي أغنية «ست الحبايب».

وقد تميزت سماح بصوتها القوي، واستطاعت أن تنال إعجاب الجماهير وتصفيقها لأدائها العالي، وحماسها، وحضورها على المسرح.

جلسة حوارية

وقبل ختام المهرجان، أقيمت الخميس الماضي جلسة حوارية مع د. عبدالرب إدريس، وحديث الذكريات عن مسيرته الفنية في الكويت، بحضور الصحافة والمهتمين من أساتذة عالم الموسيقى. وأقيمت الجلسة في القاعة المستديرة بمركز جابر الأحمد الثقافي، وقدَّم الأمسية د. خلف الخطيمي، الذي قال: «لا شك في أن د. إدريس لا يحتاج منا إلى تقديم، لكننا في هذه الجلسة سوف نستحضر معه ذكريات فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات بالقرن الماضي»، مؤكداً أن د. إدريس في ذاكرة الأجيال على المستوى المحلي والخليجي والعربي.

من جانبه، أعرب الأمين العام المساعد لقطاع الفنون في «الوطني للثقافة» مساعد الزامل عن سعادته، مضيفاً أنهم ليسوا في جلسة حوارية، بل في مناجاة لاستحضار ألبوم الذكريات، بما يحتويه من صور ومواقف وأحداث وحالات إنسانية وعاطفية واستثنائية تصل بالإنسان بعد فترة من الزمن الطويل أن يقدم إنجازاً كبيراً يفيد الأجيال جميعاً، فالموسيقى غذاء الروح، لذلك «الأساتذة الكبار، أمثال د. عبدالرب إدريس، أعطونا أحاسيس معينة في كيفية سماع اللحن والأغنية وكلماتها».

عبدالرب إدريس: بعد اعتزالي كرة القدم ركزت على الموسيقى

تحدث د. عبدالرب إدريس في الجلسة الحوارية عن بداياته في المجال الموسيقي، التي اتسمت بالشغف، وحُب التعلم، والصعوبات التي واجهته، قائلاً إن مسيرته في مجال الموسيقى لا شك كانت طويلة، وقد واجهته خلالها صعوبات منذ كان في سن السادسة عشرة، ففي تلك الفترة كانت تشده هوايته الأولى، وهي لعبة كرة القدم، والثانية الموسيقى، وحينما أصيب في قدمه بإحدى المباريات اعتزل كرة القدم، وركز في الموسيقى، واستطاع أن يوفر لنفسه عوداً، وبدأ البحث عن ألوان الغناء في منطقة حضرموت.

وأضاف د. إدريس أنه في بداية توجهه للموسيقى لم يكن لديه عود، وبعد أن اشتراه تعلَّم العزف عليه، من خلال بعض الأصدقاء، إلى جانب سماع الأغاني لمطربي حضرموت، أبرزهم محمد جمعة.

وذكر أنه بدأت لديه فكرة التلحين خلال تلك الفترة، فبدأ بأغنية «بربك قولي لماذا الجفا»، وبعدما انتهى من اللحن أسمعه للفنان محمد جمعة، والذي أثنى عليه، الأمر الذي بعث السرور والفرحة في نفسه، وبعد ذلك طلب اللحن أحد المطربين، ليسجله بإذاعة عدن، وهذه الخطوة شجعته على الاستمرار في التلحين والغناء، ثم بدأ التفكير في الخروج من منطقة الغناء الحضرمي إلى منطقة أخرى، للاطلاع على ألوان جديدة من الموسيقى، لاسيما أنه كان يستمع إلى الغناء المصري والجزيرة العربية عبر الإذاعات آنذاك.

واستذكر د. إدريس أحد المواقف التي جمعته مع الشاعر بدر بورسلي في أغنية «غريب»، ومن ثم عزفها وغناها على الحضور.

وشارك في الجلسة الحوارية وطرح مجموعة من الأسئلة بعض الضيوف، منهم: الملحن أنور عبدالله، والفنان عبدالعزيز الحداد، والفنان حسين المفيدي، والملحن إبراهيم جمعة وغيرهم.