رجب استعرض «فنيات من الحرير» في دار الآثار
• خلال افتتاح موسمها الـ 28 بـ «اليرموك»
أطلقت دار الآثار الإسلامية، أمس الأول، فعاليات موسمها الثقافي الـ 28 بمحاضرة بعنوان «فنيات من الحرير في متحف طارق رجب»، قدَّمها عضو مجلس إدارة متحف طارق رجب، د. زياد رجب، وذلك على مسرح مركز اليرموك الثقافي.
وقبل أن تبدأ المحاضرة رحَّب رئيس لجنة أصدقاء دار الآثار الإسلامية بدر البعيجان بالحضور، وأعرب عن سعادته بانطلاقة فعاليات الموسم بالدورة الـ 28، التي ستحمل العديد من الفعاليات والأنشطة من محاضرات وأمسيات موسيقية وغيرها.
واستهل د. زياد المحاضرة بالاستعانة بعرض مرئي لحديث عن تاريخ الحرير، وأيضاً لعرض مجموعة من النماذج والصور التي يمتلكها متحف طارق رجب.
وتشبعت المحاضرة بالمعلومات والحقائق التاريخية الثرية التي تميزت بالتسلسل الدقيق. ففي بداية حديثه قال إن الأهمية التاريخية والثقافية للحرير متأصلة بعمق في أصوله القديمة وأهميته التجارية وتأثيراته الاجتماعية والاقتصادية، لافتاً إلى أن الأدلة الأثرية من المقابر الصينية تكشف عن استخدام خيوط الحرير التي يعود تاريخها إلى 8000 عام، حيث يبلغ عُمر أقدم نسيج حريري موجود 5500 عام، وقد استخدم ككفن للدفن.
الموسم سيتضمن العديد من الفعاليات والأنشطة من محاضرات وأمسيات موسيقيةبدر البعيجان
وأوضح أن إحدى القطع الأثرية، مثل كوب عاجي عمره من 6000 إلى 7000 عام، تشكَّل بزخارف دودة القز، اكتشف بمواقع على طول نهر اليانغتسي بالصين، يبيِّن أن إنتاج الحرير أقدم مما كان مفترضاً في السابق.
طريق الحرير
ولفت د. زياد إلى إنشاء طريق الحرير، وهو مصطلح أطلقه العالم الجيولوجي الألماني فرديناند فون ريشتهوفن عام 1877، حيث يؤكد الدور المهم للنسيج في شبكات التجارة العالمية التي تمتد عبر الصين وآسيا الوسطى، والشرق الأوسط، وأوروبا، مشيراً إلى أن التجارة آنذاك شملت سلعاً مختلفة، مثل التوابل، وأحجاراً مثل اليشم، لكن الحرير ظل سلعة ذات قيمة عالية.
وأعطى مثالاً على الجانبين الاجتماعي والثقافي للحرير، فأوضح أنه تبرز أهميته في استخدامه المحدود بين الطبقات العليا في المجتمع الروماني، ما يعكس رمزه كمؤشر للثروة والتميز الاجتماعي.
من جانب آخر، عرَّف د. زياد الحرير، وقال إنه عبارة عن ألياف بروتينية معقدة تنتجها اليرقات بشكل أساسي، مشيراً إلى أنه ينسب أصل إنتاج الحرير أو تربية دودة القز إلى الملكة Xi-ling في الصين القديمة، زوجة الإمبراطور Huang – Di. ووفقاً للأسطورة، فقد اكتشفت الحرير أثناء احتسائها الشاي تحت شجرة التوت عندما سقطت شرنقة في فنجانها.
وفي حديثه عن الحرير بالشرق الأوسط، أكد أنه خلال العصور القديمة، لعب الشرق الأوسط دوراً مهماً في تجارة الحرير، حيث كان بمنزلة وسيط بين الشرق والغرب.
متحف طارق رجب
وعن متحف طارق رجب، قال د. زياد: «يضم المتحف مجموعة واسعة من المنسوجات والأزياء، الكثير منها مصنوع من الحرير، وتمثل مناطق مختلفة من العالم الإسلامي، إضافة إلى المنسوجات الإسلامية.
ويحتوي المتحف أيضاً على مجموعة كبيرة من أردية الحرير الصينية التي تعود إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، في أواخر عهد سلالة تشينغ. تُعد مجموعة من المنسوجات الموجودة في المتحف بمنزلة مستودع غني بالمنسوجات الحريرية من العالم الإسلامي والصين، حيث إن الأخيرة هي مسقط رأس الحرير».
وتطرَّق إلى منسوجات الحرير الموجودة بمتحف الخط الإسلامي، مبيناً أن المنسوجات، خصوصاً الحرير، لعبت دوراً كبيراً ومهماً في التقاليد الإسلامية، لاسيما في كسوة الكعبة المشرفة بمكة.
الحرير عند الصينيين
وفي المحاضرة عن الحرير في العالم الإسلامي، تطرَّق د. زياد إلى تاريخ الحرير واكتشافه في الصين منذ آلاف السنين، خصوصاً أنه كان سراً لدى الصينيين لمدة ثلاثة آلاف سنة تقريباً، حتى تسرَّب السر منهم، ووصل إلى الشرق الأوسط.
وبيَّن د. زياد لـ «الجريدة»، أن الفترة المهمة في تاريخ صناعة الحرير كانت إبان عصر الدولة الإسلامية، وتحديداً مع بداية الخلافة الأموية، لافتاً إلى أن لديه مقتنيات في المتحف ترجع إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر من الدولة العثمانية، وتحديداً من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وسورية، خصوصاً أن لها أهمية كبيرة في صناعة الحرير.
وعرض بعض المقتنيات للحضور، عبارة عن ملابس من بعض الدول الإسلامية، لاسيما أن المقتنيات في المتحف تصل إلى الآلاف من الأنسجة المختلفة.
فخر كبير
وعما يمثل له أن يُفتتح موسم دار الآثار بمحاضرة له سنوياً، أكد أن ذلك فخر كبير له، وأنها ثقة كبيرة أن يُعهد إليه في بداية كل موسم إلقاء أول محاضرة، وشكر المشرفة العامة على دار الآثار الإسلامية الشيخة حصة صباح السالم.
وكشف د. زياد أن هناك بعض التعديلات التي يتم إجراؤها بمتحف طارق رجب في الوقت الحاضر، والتي تشتمل على تجديد وتغيير في بعض المقتنيات، لافتاً إلى أن افتتاح المتحف سيكون خلال أسبوعين بعد الانتهاء من التجديدات والتعديلات.
وعن متحف الخط الإسلامي، قال إن فكرته تعتمد على الخطوط المختلفة، كما يشمل مقتنيات متنوعة من الأنسجة وأجزاء من باب كسوة الكعبة، وأنسجة من المسجد النبوي في المدينة المكرمة، إضافة إلى الخزف والعديد من الكتب المهمة والمصاحف.