أسفرت زيارة سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله إلى جمهورية الصين الشعبية ولقائه برئيس الدولة شي جين بينغ الأخيرة عن عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المهمة وفي وقت ذي أهمية بالغة على الصعيدين الدولي والمحلي، إذ كانت الزيارة في وقت من المهم أن تتوسع به الشراكات الكويتية مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم (الصين) من جهة، ومن جهة أخرى أتت تلك الزيارة في وقت نحن أحوج ما نكون إلى تبادل الخبرات والاستفادة القصوى من آخر التقنيات والتطورات في مجال التكنولوجيا مع التين الصيني.
ولعل أبرز مذكرات التفاهم المبرمة مع الجانب الصيني هي تلك الخاصة بالحوكمة البيئية وتدشين نظام منخفض الكربون لإعادة تدوير النفايات على مستوى الدولة، وهي أمور تطرقنا إليها سابقا وعلى مدى سنوات عدة، مبينين مدى أهميتها في تعزيز الاقتصاد الوطني الكويتي، وتدشين اقتصاد دائري أخضر، وتقليل البصمة الكربونية، وأخيرا العمل على الصناعات المتكاملة في القطاع النفطي للتقليل من الاعتماد عليه. لدى الصين من الخبرات المتنوعة الشيء الكثير كونها دولة تعمل في الوقود الأحفوري والمتجدد على نطاقات واسعة ومجالات عدة، لكن الأهم هو الاستعداد الحقيقي الذي نملكه هنا على مستوى الدولة في التعامل مع الجانب الصيني في قادم الأيام.
توافر البيانات وبكل شفافية وشرح الحالة الكويتية بصورة واضحة للتبادل الفكري والتقني سيكون هو الأصل في المرحلة المقبلة، وكل مسؤول عن نطاق جهته وصلاحياته، ولعلنا رأينا العديد من المرات والدولة تدخل بمذكرات تفاهم في مجالات عدة دون أثر ملموس على أرض الواقع، ولا يمكننا إرجاء ذلك الأمر إلا لسوء التحضير وعدم الجدية في تناول الملفات على الصعيد الواقعي، فاللوم لا يكون على الطرف الاستشاري (أبداً) لكنه يكون على الطرف المستفيد، وعدم جديته في التعامل مع الطرف صاحب المعرفة الأكبر.
المطلوب الآن هو تدشين فرق عمل تفند كل حرف من الاتفاقيات المبرمة مع الجانب الصيني، وفرض خطط زمنية وتسهيلات وصلاحيات لتحقيق كل ما يصبو إليه أي محب لهذا البلد، ومع وجود هذا الكم المعرفي لدى الطرف الصيني وجب استغلال ذلك في وجودهم القادم في الكويت لتطوير البنية التحتية في المجال البيئي والصناعي والاقتصادي على حد سواء، وصولاً إلى العمل على مستوى البحث والتطوير. تقع المسؤولية الآن على الجانب الكويتي في استغلال كل الخبرات الصينية، فقد تعاوناً مع التنين على الورق، لذلك يجب تحويل ذلك التعاون إلى أمر ملموس على أرض الواقع، وإلا ضاعت فرصة ذهبية على جميع الأطراف.