لطالما مرت المؤسسات التعليمية بأزمات، وقد انتشرت مؤخراً مقالات عديدة حول ذلك الأمر، ولن يخفى على أحد أننا لسنا بمعزل عما يجري في دول العالم من تحديات تواجهها المنظومة التعليمية بمراحلها المتعددة، لكننا بحاجة إلى الاستثمار في نقاط القوى التي نمتلكها لمواجهة تلك التحديات والتغلب عليها.
في الماضي القريب عانت مؤسسات التعليم، كما هي الحال في المؤسسات الأخرى، أزمة صحية عالمية وهي كارثة الوباء العالمي «كوفيد 19»، التي عرقلت العملية التعليمية بتوقفها وشح الموارد المالية لاستمراريتها، لكنها من خلال الولوج القسري إلى التكنولوجيا ودعم البرامج التعليمية بسبل الاتصال والتعليم الإلكتروني، استطاعت في نهاية المطاف، أن تلحق المدارس بالركب سواء عبر القدرات الفردية للهيئة التدريسية على تقبل التغيير أو المؤسسية عبر استخدام قدراتها في رقمنة المناهج متأثرة ومؤثرة في القرار السياسي النابع من الدولة عبر وزارات التربية والتعليم.
واليوم تشكو بعض المؤسسات التعليمية ضعفاً بدأ يتسلل الى مفاصل العملية التعليمية، ومع عولمة الاختبارات وعالميتها أصبحت لغة الأرقام الحد الفاصل في تقييم المدارس والطلبة معاً، ورغم المطالبة المستمرة بخصخصة الخدمات التعليمية والصحية فإنها ما زالت تتأرجح بين الحلم والواقع.
فما العقبات التي تواجه تلك النقلة؟ وهل هناك نموذج يجمع الأفضل في المظلة الحكومية والقطاع الخاص؟ لن يخفى على أحد أنه رغم ارتفاع عدد خريجي كلية التربية والتعليم وارتفاع عدد منتسبي الدراسات العليا في مجال التربية والتعليم بفروعها كإدارة المناهج والتخطيط التربوي بالإضافة إلى الإقبال على تخصص علم النفس التربوي، رغم ذلك ما زلنا نجد المهتمين بتقييم التعليم يتذمرون من قلة المتخصصين في إصلاح المنظومة التعليمية.
فهل هناك تفسير لتلك الحالة التي تمثل الوفرة في المتخصصين والتعثر في تطبيق الإصلاح؟
يجب أن نأخذ الموضوع بجدية ونقوم بتمكين الكفاءات من قيادة التغيير وإصلاح المنظومة التعليمية، وذلك عبر إفساح المجال لها للقيام بدورها طبقا لتخصصها والاستماع لتقييمها حتى نخرج من مأزق التلقين إلى إصلاح التعليم.