في موازاة التحركات النيابية من أجل فلترة الأولويات والاتفاق على خريطة تشريع برلمانية، تواصل الرفض الحكومي لعدة اقتراحات بقوانين مغلفة بالشعبوية، حيث انتهت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية إلى رفض أغلب ما يتعلق بتعديل قانونها، ومنها «تحديد الحد الأدنى لمعاشات المتقاعدين كل 3 سنوات وزيادتها بنسبة 20 في المئة، وإلغاء شرط السن عند التقاعد»، ملمحة إلى «أن دول العالم تتجه إلى زيادة سن التقاعد».
وأكدت «التأمينات»، في مذكرات أعدتها، وحصلت «الجريدة» على نسخة منها، أن أي تعديلات لإلغاء شرط السن للتقاعد يترتب عليها تكلفة هائلة، ولا قدرة لصندوق التأمينات على تحمل زيادة المعاشات التقاعدية، وعليه فسيتأثر الصندوق تأثراً جوهرياً بهذه التعديلات.
وأضافت أنه من الضروري الأخذ بالاعتبار «أن سن التقاعد في الكويت لا تزال ضمن الأقل على مستوى العالم، والذي تتجه معظم دوله إلى زيادتها؛ لضمان قدرة صناديقها التقاعدية على مواجهة التزاماتها، ولذا ليس منطقياً أن يكون تحرك الكويت في اتجاه معاكس مع وجود التحديات ذاتها»، مشيرة إلى أنه «لا يمكن ضمان قدرة الخزانة العامة على سداد التكلفة، مما سيؤثر على استحقاقات الصناديق».
وبشأن الاقتراح الخاص بتحديد الحد الأدنى للمتقاعدين كل 3 سنوات، مع زيادة بنسبة 20 في المئة، بهدف ضمان الحياة الكريمة لأصحاب المعاشات التقاعدية، أوضحت المؤسسة أن «ذلك متحقق وفقاً للمادة التاسعة من القانون رقم 25 لسنة 2001 التي تم تعديلها بموجب القانون رقم 4 لسنة 2022 الصادر بتاريخ 2022/8/16، بما تقرره من زيادة في المعاشات التقاعدية كل سنة، وذلك بواقع 20 ديناراً».
وشددت على أن «المقترح بتقريره زيادة الحد الأدنى كل 3 سنوات يعد رجوعاً غير مبرر للأحكام التي سبق تعديلها بالقانون رقم 4 لسنة 2022 المشار إليه، والذي قصد المشرع فيه مواكبة الحياة الكريمة، وفي ظل السماح للمؤمن عليه بالتقاعد المبكر، فلا بد أن يقابل ذلك تخفيض في المعاش بالنسب المنصوص عليها بالقانون، وذلك في مقابل أن المعاش التقاعدي سيتم صرفه للمؤمن عليه قبل المواعيد الأصلية للصرف».
وعن الاقتراح بقانون بشأن تعديل البند (5) من المادة (17) من قانون التأمينات، والذي يقضي بانتهاء خدمة المتزوجة والمطلقة والأرملة، إذا كان لدى أي منهن أولاد، متى كانت مدة اشتراكها في التأمين 15 سنة وبالاستثناء من شرط السن المحددة، انتهت المؤسسة إلى رفضه كذلك.
وعللت «التأمينات» رفضها بأن هذا الاقتراح سيفتح الباب للتقاعد أيا كانت السن طالما توافرت مدة الخدمة المنصوص عليها، وهذا يتعارض مع خطوات الإصلاح التأمينية المعمول بها في أغلب العالم وعلى الأخص بدول الخليج المشابهة للكويت، حيث لا تقل أعمار التقاعد فيها عن 55، مبينة أن معظم الدول تتجه نحو زيادة سن التقاعد لتلافي العجوزات في صناديقها، والتي تشكل الزيادة المتوقعة في الأعمار سبباً رئيسياً فيها، بسبب تحسن الأحوال الصحية وما ينجم عنه من زيادة مدد صرف المعاشات من صناديق التأمينات.
وأضافت أن الكويت ليست استثناء من هذا السياق، «ومن غير المبرر في ظل هذا التوجه أن تكون في وضع يتجه، ليس حتى إلى الإبقاء على السن الحالية، بل إلى إلغائها من الأساس».
وأكدت أنه من غير الوارد اتفاقها مع أي اقتراحات تتجه نحو إلغاء شرط السن دون دراسة، لاسيما أن ذلك يهدم أساساً فنياً أصبح يقوم عليه نظام التأمينات الاجتماعية العالمية، معتبرة أن موافقتها تعد «رجوعاً غير مبرر عن خطوات إصلاحية قطعت فيها المؤسسة شوطاً ليس بالقصير، راعت فيها القوانين المحددة للسن أوضاع المؤمن عليهم والتدرج في السن المطلوبة وأصدرت بناء على دراسة وتوافق نيابي- حكومي».
ورأت أن إلغاء شرط السن من شأنه أن يمس بالأسس الفنية لنظام التأمينات ويعرضه لأخطار العجز والإفلاس وعدم الاستقرار، وعدم وضوح الرؤية المستقبلية لمركزه والمزايا المتوقع أن يقدمها.
وفيما يتعلق باقتراح انتهاء خدمة المؤمن عليه الذي يزاول أعمالاً ضارة أو شاقة أو خطيرة، إضافة إلى المؤمن عليه الذي يزاول نفس الأعمال من العاملين في وزارة الكهرباء والماء متى بلغت مدة اشتراكه بالتأمين في هذه الأعمال عشرين سنة، رأت المؤسسة عدم الموافقة عليه كذلك «لأن الأعمال الضارة أو الشاقة أو الخطيرة التي تجيز أنظمة التأمينات الاجتماعية في دول العالم المختلفة أن يتقاعد من يزاولها في سن تقل عن الأعمار التي يتقاعد فيها عموم المؤمن عليهم هي تلك التي تنتج عنها أضرار صحية ذات طبيعة دائمة، أو التي يترتب على العمل فيها مدداً طويلة أن يصبح مستوى اللياقة البدنية المطلوب غير متوفر».