تتساءل أوساط استثمارية واقتصادية عن جدوى تشكيل اللجان الحكومية دون إصدار قراراتها أو نشر توصياتها.
ففي مطلع العام الحالي، وتحديداً في 10 فبراير الماضي، شكّل وزير المالية لجنة للتحقيق في 10 شبهات ومخالفات تخص الهيئة العامة للاستثمار تضم 6 أعضاء، وحتى الآن لم تعلن أي نتائج عن التقرير من باب الشفافية.
فمادامت اللجنة على الملأ ولأهداف إصلاحية، فهل تم إنجاز التقرير أم لا، وما هي نتائجه؟ خصوصاً أن في الشبهات والمخالفات الـ 10 ملاحظات جوهرية بشهادة ديوان المحاسبة.
وبالأمس القريب، وفي 15 مايو الماضي، كانت هناك لجنة لتطوير البورصة، أي أكثر من 4 أشهر تقريباً، وحدد القرار الوزاري أجل شهر لتقديم التقرير الشامل حول مقترحات تطوير البورصة، وحتى اليوم لا يوجد أي تقرير تم تسليمه إلى الجهة الرقابية المعنية المشرفة على البورصة، وهي هيئة أسواق المال حتى يمكنها النظر.
اللافت أن لجنة تطوير البورصة كانت مكلفة بإنجاز 9 نقاط وملفات، كل نقطة تحتوي على عدد من المواضيع الجوهرية والمهمة المتشعبة، وكان يعوّل على تلك اللجنة الخروج من عنق الزجاجة، خصوصاً أنها برئاسة البورصة نفسها، وهي كانت فرصة جوهرية لها لتطرح رؤيتها وتحدد ما تريده بكل مرونة.
والتساؤلات التي تطرح نفسها، هل تحتاج اللجان كل هذا الوقت لبحث ملفات واضحة، خصوصاً أن مكونات وأعضاء اللجنة من أصحاب الاختصاص والمهتمين بشأن البورصة، وكذلك كل قضايا وملفات البورصة واضحة وضوح الشمس.
ومن باب الشفافية، لماذا لم يتم الإعلان عن حاجة اللجان إلى وقت زمني أطول، عملاً بقواعد العمل المؤسسي، ومن منطلق الحوكمة التي باتت صمام أمان وإطار عمل الجميع حالياً لضمان حُسن الأداء.
ماذا يمكن الردّ به على الأطراف الاستثمارية التي كانت مهتمة، وتترقب تقرير لجنة تطوير البورصة، وعلى سبيل المثال لا الحصر قطاع الوساطة تحديداً كأحد القطاعات التي كان يترقّب تقرير لجنة تطوير البورصة، خصوصاً أن أحد المحاور التي تكلفت بها اللجنة هي النظر في زيادة أغراض شركات الوساطة أيضاً جهات أخرى كانت تترقب التقرير، خصوصاً أن اللجنة كانت مكلفة بمهمة استراتيجية، وهي «البند 7 الخاص بوضع فلسفة شاملة وآليات متكاملة لممارسة الرقابة، بما يشمل وضع معايير موضوعية للمخالفات الجسيمة والمخالفات البسيطة».
لكن في خضم مسلسل تشكيل اللجان بلا إنجاز أو فوائد اقتصادية مرجوّة أو تُذكر أو نتائج معلنة من باب الشفافية، فإنّ كثرة القرارات الرامية إلى تأسيس وتشكيل اللجان أفقدت تلك الأداة فائدتها، وحوّلتها إلى «مقبرة» لطمس بعض الحقائق، أو عقبة في طريق التنمية والتطوير الاقتصادي، وليس أدلّ على ذلك من الأمس القريب الذي استبشر به جموع المستثمرين والمتداولين خيراً بتشكيل لجنة لتطوير البورصة التي تئن من ضَعف حاد في تفعيل الأدوات الاستثمارية التي تمّت الموافقة عليها، ولم تشهد النجاح والإقبال، في حين هناك رغبة جامحة لطرح أدوات جديدة من دون تفعيل، وإنجاح ما تم طرحه أولاً، وهي معادلة مقلوبة ربما لن توافق عليها الجهات الرقابية، مادامت لم تنجح الأدوات التي تم طرحها ولم تطبّق أو تنفّذ على أرض الواقع.
وتعد هذه اللجان عبئا على الدولة التي تقدر لها مخصصات مالية غير محددة، كما أن هذه اللجان تستعين بجهات خارجية تكلف الدولة أموالا أخرى.