القناص... سمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح
بالرغم من أن ترتيب الصين يأتي الثاني بعد الولايات المتحدة الأميركية بناتج إجمالي يفوق 19 تريليون دولار حسب مؤشر الصندوق الدولي، فإن هذا الرقم لا يعكس كل الحقيقة إذا ما نظرنا إلى متوسط الدخل للفرد، والذي لا يتجاوز 11 ألف دولار وإلى نسبة البطالة بين الشباب من عمر 16 إلى 24 والتي تصل إلى أكثر من 20% ونسبة البطالة العمال التي تتجاوز 5%، وهي أرقام كبيرة إذا ما قورنت بعدد سكان الصين الذين يتجاوزوا ملياراً وأربعمئة مليون إنسان. إذاً الصين بحاجة ماسة إلى فتح آفاق جديدة لرفع ناتجها القومي، فالرقم المستهدف 64 تريليون دولار في عام 2030م، والمعلوم أيضا أن جمهورية الصين الشعبية لديها إمكانات هائلة تصنيعية وقدرات تكنولوجية متطورة تشمل تقريبا كل أنواع الصناعات التي يمكن تخيلها، بل إنها تقدم نماذج متطورة في معظم الصناعات.
ولتحقيق تلك الأرقام المستهدفة فإن عليها أولاً خفض معدلات البطالة، وثانياً رفع قدرتها التصديرية، لذلك جاء مشروع «الحزام والطريق» ليشمل معظم دول العالم، والكويت إحدى البوابات والمنافذ البحرية والبرية لهذا المشروع المتكامل.
قناص الفرص
في علم الاقتصاد هناك ثوابت للنمو الاقتصادي، وهناك حد لها، والكويت تدرك أهمية التعاون الاقتصادي مع جمهورية الصين، حيث كانت البدايات على يد سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح في عام 2018، ثم توقفت لأسباب تعود إلى الأوضاع الإقليمية وضعف الإرادة التنفيذية للإدارة الحكومية التي لم تعرف كيف تفعل تلك الاتفاقات.
اليوم سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح يقتنص الفرصة مرةً أخرى مستثمراً عمق العلاقات الثنائية التاريخية، والممتدة لأكثر من خمسين عاماً، ليعزز سبل التعاون الاقتصادي وتنميتها في شتى المجالات، بما يسهم في تحقيق المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة وتوطيد الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
لقد كانت الكويت سباقة في توطيد علاقتها الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية مع جمهورية الصين، حيث بلغ التبادل التجاري لعام 2022 قرابة 32 مليار دولار، وهو رقم يبين حجم التجارة البينية بين البلدين، والرقم المتوقع سيكون كبيراً خلال الأعوام القادمة، خصوصاً بعد تفعيل مذكرات التفاهم التي تصب في رؤية الكويت وبرنامج العمل الحكومي، وبما يتوافق مع مشروع الصين العظيم «الحزام والطريق».
هذه الزيارة فتحت آفاقاً اقتصادية جديدة ضمن مفهوم الاستدامة من خلال توقيع مذكرات التفاهم التي شملت ميناء مبارك والمنطقة الحرة، وهو دلالة واضحة على أن الصين ترغب في أن تكون الكويت أحد الممرات المائية والبرية ومنطقة حرة لتخزين البضائع لتحقيق مشروعها «الحزام والطريق». أيضا مذكرات التعاون شملت المساهمة في بناء المدن السكنية ضمن مفهوم المدن الذكية، وكما هو معلوم أيضا فإن جمهورية الصين الشعبية تملك إمكانات ضخمة في مجال التعمير والدقة والسرعة في الإنجاز مما ينعكس على جدية دولة الكويت في حل هذه القضية. ثمار هذه الزيارة أخذت بعين الاعتبار البعد البيئي، حيث ستساهم الصين بخبراتها التكنولوجية في مجال الطاقة الشمسية وتدوير ومعالجة النفايات، باعتبارها من أهم وأكبر المستثمرين في هذا المجال على مستوى دول العالم.
نتائج هذه الزيارة تتوافق مع رؤية الكويت 2040 وبرنامج العمل الحكومي، وستفتح آفاقاً تجارية واعدة مما يتطلب من الحكومة متابعة تنفيذها لما لها من آثار إيجابية على الاقتصاد الكويتي وتمكين الشباب من الحصول على فرص وظيفية حقيقية في القطاعين الحكومي والخاص.
الكويت كانت وما زالت بوابة من بوابات مشروع «الحزام والطريق»، والصين تدرك تماماً دور دولة الكويت في هذه المنظومة الاقتصادية بالمنطقة.
أخيراً شكراً للقناص سمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح الذي استطاع تحريك عجلة الاقتصاد مع جمهورية الصين الشعبية والمملكة المتحدة البريطانية. ودمتم سالمين.