رسالة حب

نشر في 01-10-2023
آخر تحديث 30-09-2023 | 18:39
 د. منيرة سعد السلطان السالم

والدي الغالي، أخي الحبيب، جدتي الحنون، هل أصبحتم صوراً أتحدث عنها فقط؟ أحرص دائما على استرجاعها عند الحديث عن الماضي الجميل، فبعد رحيلكم تأكدت أن أعظم الوفاء هو وفاء الأحياء للأموات، فهو وفاء طاهر بلا مصالح لا يسمعه إلا الله، هو الوفاء لأناس تحت التراب لا نراهم ولا يروننا من آباء وأمهات وأجداد وأزواج وزوجات وإخوان وأخوات وأعمام وأخوال وأصدقاء وجيران سبقونا إلى منازل الآخرة، وتركونا بين الحنين والاشتياق، فمن البر بهم والوفاء لهم أن نذكرهم ولو بدعوة، فالذكرى مؤلمة لمن شاركونا هذه الحياة، فهم لا يعودون لكن ذكراهم نستحضرها كلما اشتقنا لهم استدعيناها، فهي علاج للمشتاق لرؤيتهم أو سماع صوتهم أو اشتمام رائحتهم أو مواقفهم، وكل ما طبعته الذاكرة عنهم فهي حية في داخلنا.

أوضحت الدراسة التي أجريت في جامعة «نيويورك» الأميركية أن أسباب استدعاء العقل الذكريات والصور من وقت لآخر، فقالت إن الذاكرة البشرية تحتوي على ملف يحفظ مشاهد وذكريات وأصواتا تبدو غير مهمة، لبعض الوقت، عند استرجاعها للاستفادة منها في حال أصبحت هذه المشاهد والذكريات مفيدة في وقت لاحق.

لماذا تصاحبنا الذكريات المؤلمة لزمن طويل؟ فالمستحيل العودة إلى الوراء لنقول هل نفرح لهذه الذكريات أم نحزن عليها، لأنها أصبحت ماضياً لا يعود، وكم أعتب على الزمن لحرماننا لقاء الأحباب، اللهم لا اعتراض على قضائك، اللهم صبرا، اللهم جبرا، وكم من الذكريات أخفيناها داخلنا وطوتها الأيام، وصور حفظناها في عيوننا، وكل ذكرى لنا هي قصة مطبوعة داخلنا، ودعائي لكل عزيز فقدناه بالرحمة والمغفرة لهم من رب رحيم على عباده، حيث ذكراهم لا ترحل أبداً، إلى جنات الخلد يا من أصواتكم وضحكاتكم في مسامعنا.

back to top