قال الزعيم الصيني دنغ شياو بينغ، مهندس سياسة الإصلاح والانفتاح الصينية: «الإصلاح الذي يجري في الصين ليس للصين وحدها، إنما هو تجربة للعالم بأسره». يتفق الجميع على أن التجربة الصينية أبهرت العالم، وهذا ما أكده د. دينغ لونغ (الأستاذ فى معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الدولية في شانغهاي) عن مسيرة التنمية في الصين، والتي يرى فيها نموذجاً فريداً في تحقيق التنمية خلال فترة زمنية وجيزة، الأمر الذي جعل التجربة الصينية في التقدم والصعود كقوة اقتصادية كبرى ذات أهمية عالمية ومغزى خاص للدول النامية كونها مثالاً يحتذى به، فالصين بدأت تتخذ سياسة الإصلاح والانفتاح على العالم الخارجي منذ عام 1978، في ذلك الوقت كانت الدولة تقع تحت خط الفقر بسبب توقف عجلة الحياة الاقتصادية بشكل شبه كامل وأصبح اقتصادها على حافة الانهيار، حيث وصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 200 دولار فقط في العام.
في نهاية عام 1978 بدأت الإصلاحات الزراعية، وفتحت الأبواب أمام الاستثمار الأجنبي، فأخذ الاقتصاد الصيني ينمو بوتيرة متسارعة وبلغ متوسط النمو السنوي 10% خلال الأربعة عقود المنصرمة مما أدى إلى إحداث تحول شامل وبعيد المدى في المجتمع الصيني، وتحقيق نهضة اقتصادية غير مسبوقة ومعجزة تنموية، تبوأت على أثره الصين المركز الثاني في سلم الاقتصاد العالمي بعد الولايات المتحدة الأميركية.
إذ بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين 14.7 تريليون دولار عام 2020، كما أصبحت أكبر دولة في العالم من حيث حجم التجارة الخارجية وأكبر مصدّر وثاني أكبر مستورد في العالم، وقد بلغ إجمالي حجم الصادرات والواردات الصينية 4.65 تريليونات دولار عام 2020، وباتت الصين «مصنع العالم»، وتغزو منتجاتها الصناعية الأسواق العالمية كافة، وأصبحت شريكاً تجارياً لأكثر من 130 دولة في العالم، وقفز ناتجها المحلي الإجمالي ما يعادل 6% من ناتج الولايات المتحدة الأميركية عام 1981 إلى أكثر من 70% في عام 2021، وهي ماضية في تقليص الفارق، ومن المرشح أن تتجاوز الولايات المتحدة الأميركية خلال العقد القادم، فتوجه الدول النامية إلى الصين للاستفادة من تجاربها التنموية خطوة في الاتجاه الصحيح، وهو ما قامت به الكويت في الأيام الماضية من توقيع لاتفاقيات تؤسس لشراكات استراتيجية في عدة مجالات ترتبط بالبنية التحتية، وتشغيل موانئ وجزر وإنشاء مصانع ومراكز بحثية وجامعات وغيرها من مشاريع التنمية ذات العوائد المجزية والمنوّعة لمصادر الدخل، ولكن يبقى علينا الالتزام والجدية في التنفيذ، لأننا وقعنا اتفاقيات مماثلة في السنوات الماضية ولم ينفذ منها شيء!!
لذا علينا أن نؤكد جدية شراكتنا للتنين الصيني من خلال الاستعانة بالكفاءات وإدخال تغييرات فورية على الرؤية وخطة التنمية نعكس فيها بنود الاتفاقيات الموقعة، وآليات تنفيذها ومدد إنجازها، ودعماً للشفافية، نقترح قيام الناطق الرسمي للحكومة بعقد مؤتمر صحافي بحضور وزير التنمية الصيني والسفير الصيني والمترجمين، يشرح فيه حقيقة الشراكات العلمية والبحثية والأكاديمية والتقنية والصناعية والثقافية حتى يتمكن الجميع من فهم التنمية باللغة الصينية.