لم ينجح اللبنانيون في «لبننة» استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية، ولم يتركوا لأنفسهم أي هامش يتمكنون من خلاله من التقرير أو حتى التأثير في هذا الملف، وأصبح يقين جميع اللبنانيين بأن ما سينجز الاستحقاق ويوصل إلى تسوية سيكون مرتبطاً بمسار إقليمي - دولي يُفرض فرضاً عليهم.

جانب من هذه القناعات كان حاضراً في لقاء المجموعة الخماسية المعنية بالملف اللبناني، الذي عقد في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذلك في جزء من مداولات ثنائية بين الأميركيين، والفرنسيين، والسعوديين.

Ad

وحسب مصدر دبلوماسي غربي متابع، فإن الأميركيين كانوا شديدي الوضوح في مقاربتهم مع الفرنسيين، إذ قالوا لهم بوضوح: «لماذا تجدون أنفسكم مضطرين إلى مسايرة حزب الله ومنحه ما يريد رئاسياً؟ فلا الحزب انتصر في لبنان ولا إيران انتصرت في الإقليم، وبالتالي لا يمكن منحهما ما يريدانه سياسياً، إنما الحاجة ستكون إلى دفعهما لتقديم تنازلات».

ويكشف المصدر الدبلوماسي عن عدة نقاط وخلاصات على هامش المداولات التي شهدتها لقاءات نيويورك، أولاها أن القوى الدولية توافقت فيما بينها على مواصفات الرئيس العتيد، وتمت الإشارة الى هذه المواصفات في بيانات واضحة بعد اجتماعات اللجنة الخماسية، وبالتالي فإن الالتزام بهذه المواصفات هو الجسر الى التسوية، لأنه لا قدرة لأي طرف على فرض مرشحه.

والملاحظة الثانية أنه حتى لو تمكن حزب الله من إيصال مرشحه إلى قصر بعبدا، وهذا صعب جداً، فلن يكون بمقدور ذلك الرئيس تدبير شؤون البلاد وإدارتها وتجنب المزيد من الانهيارات، لأن أي إنقاذ سيكون بحاجة للمجتمع الدولي والدول العربية لا سيما دول الخليج، وهذا الواقع سيدفع الجميع للبحث عن كيفية مساعدة الثنائي الشيعي للنزول عن الشجرة والارتضاء بتسوية، لا سيما أن الآخرين ليس لديهم ما يقدمونه أو يخسرونه، إنما على الثنائي تقديم التنازلات.

ويشير المصدر الدبلوماسي إلى أن هناك قناعة دولية وإقليمية بأن حزب الله لن يكون قادراً على الاستمرار بالشكل الذي يسير به الآن، ولا بد له أن يكون حريصاً على ترتيب الوضع قبل العام الجديد، فلا دور للحزب ولا انتصارات ما لم يكن لبنان موجوداً وقائماً، وهذا ما سيجبر الحزب على الذهاب إلى تسوية، لأن الانهيار سينعكس عليه سلباً وهو قطعاً لا يريد تحمّل تبعاته، إنما سيكون بحاجة ماسة إلى تفاهمات خارجية تؤدي إلى وقف النزيف المالي والاقتصادي وضخ بعض الأوكسجين لإنعاش المؤسسات نسبياً، وهذا لا يمكن أن يحصل بدون موافقة القوى الدولية والإقليمية.