في رد انتقامي على هجوم انتحاري شنه حزب العمال الكردستاني الانفصالي بالعاصمة أنقرة أمس الأول، شنت السلطات التركية ضربات جوية على أهداف لمسلحين أكراد في شمال العراق واعتقلت مشتبهاً فيهم في إسطنبول ولوحت بالمزيد من القسوة ضد العناصر الانفصالية في شمال سورية.
وأفادت وزارة الدفاع التركية بأن الضربات الجوية «دمرت 20 هدفاً في المجمل من كهوف ومخابئ وملاجئ ومستودعات تستخدمها المنظمة الإرهابية الانفصالية»، مضيفة أن العملية أسفرت عن تحييد الكثير من المسلحين وهو تعبير يشير عادة إلى القتل. وأضافت أن الغارات الجوية جرت في مناطق متينا وهاكورك وقنديل وجرة بشمال العراق.
في موازاة ذلك، صرح وزير الداخلية علي يرلي قايا، بأن شرطة مكافحة الإرهاب اعتقلت 20 شخصاً منذ وقوع الحادث الذي استهدف مقر مديرية الأمن بأنقرة وأسفر عن مصرع مهاجمين وإصابة شرطيين بجراح طفيفة، في مداهمات استهدفت مشتبهين مرتبطين بحزب العمال في إسطنبول وأماكن أخرى.
وقال قايا عبر منصة «إكس»، إن من بين المعتقلين أحد المتحدثين المحليين من الأكراد ورؤساء مناطق لحزب سياسي كبير موالٍ للأكراد يشتبه في قيامهم بجمع مساعدات وتوفير مأوى لأعضاء بـ «العمال الكردستاني» المصنف إرهابي من قبل أنقرة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ولاحقاً، أكدت وزارة الداخلية التركية، أن منفذ الهجوم على المديرية العامة للأمن بشارع أتاتورك في العاصمة أنقرة، منتسب لـ«العمال الكردستاني»، ويدعى حسن أوغوز وشهرته كنيفار إردال، مشيرة إلى أن «الجهود متواصلة للكشف عن هوية الإرهابي الثاني».
وذكرت الوزارة أنّ السيارة التي استقلها المهاجمان تعود للمواطن التركي ميكائيل بوزلاغان في ولاية قيصري، وقد استولى عليها المهاجمان بعد قتله.
في غضون ذلك، أفاد مصدر في الإدارة الرئاسية التركية، بأن عمليات القوات المسلحة التركية ضد «العمال الكردستاني» في شمال العراق وسورية ستتخذ طابعا أكثر نشاطاً وقسوة بعد اعتداء أنقرة الذي وقع بمحيط البرلمان التركي قبيل افتتاح الرئيس رجب طيب أردوغان الدورة التشريعية الجديدة.
ووسط تكهنات بتخطيط أنقرة لشن هجوم واسع جديد ضد معاقل «العمال الكردستاني» في شمال العراق، نقلت تقارير عن قيادات بقوات البشمركة الكردية في إقليم كردستان العراقي، أن «10 طائرات مسيرة تركية حلقت في مناطق عراقية تحت سيطرة مسلحي العمال الكردستاني، وذلك في مناطق مثل قنديل، سيدكان، وسوران، والزاب، والعمادية، وزاخو، مع تسجيل تحليق مروحيات تركية عند الشريط الحدودي بين البلدين».
في هذه الأثناء، دعا الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد، في مقابلة مع قناتي «العربية» و«الحدث» تركيا إلى «ضرورة احترام سيادة العراق»، مؤكداً رفضه انتهاكاتها اليومية للأراضي العراقية.
وأشار رشيد إلى أن الطائرات الحربية والمسيرات التركية تخترق أجواء العراق يومياً، مؤكداً أن «الخروقات التركية في إقليم كردستان تتسبب في مقتل مدنيين».
ولفت الرئيس العراقي إلى أن بغداد تسعى إلى التوصل لاتفاق أمني مع أنقرة، مشيراً إلى رفض بلده للخروقات التي تتضمن الاحتفاظ بقواعد عسكرية تركية بشمال البلاد.
وتابع: «نسعى للتواصل على الاتفاق مع تركيا لحل المشاكل كما حصل مع إيران»، مؤكدا أن «العمال الكردستاني» موجود على الأراضي العراقية منذ 45 عاماً.
التطبيع السوري
من جانب آخر، حذر نائب وزير الخارجية السوري، بسام صباغ من أنه يتعين على تركيا سحب قواتها العسكرية من شمال سورية، وإلا فإنها ستقضي على أي جهود تهدف إلى تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
وأضاف: «سنكون منفتحين للمناقشة معهم بأي جانب، لكن ليس الإصرار على البقاء، فهذا احتلال غير قانوني ومن ثم سيعرقل كل الجهود الرامية إلى إقامة أي نوع من العلاقات».
ولفت الصباغ إلى أنه «لا يوجد أي نوع من الاتصالات والعلاقات مع تركيا».
ويوم الجمعة الماضي، أكد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، استعداد أنقرة لاستئناف محادثات تطبيع العلاقات مع دمشق، لكنه في نفس الوقت جدد موقف بلاده الرافض للانسحاب من شمال سورية حيث تنشط تنظيمات كردية تركية انفصالية، واصفاً هذا الطرح بـ «غير المنطقي».