لاجئو المناخ

نشر في 04-10-2023
آخر تحديث 03-10-2023 | 18:36
 سامية أحمد الدعيج

«تغير المناخ صار أمراً ملموساً، وهو مرعب، وهذه هي البداية فقط»، «بدأ عصر الغليان العالمي»، هذه اقتباسات من آخر تصريحات للأمين العام للأمم المتحدة، أنتونيو غوتيريش، وهي تذكرنا بما تواجهه المنطقة وما يواجهه العالم، وليس هناك أدنى شك في أننا نعيش حالة طوارئ مناخية، إذ أصبحت آثار تغير المناخ، باستمرار التغيرات السريعة وغير المسبوقة في مناخ الأرض، واضحة بشكل متزايد.

كانت درجات الحرارة المسجلة في شهر يوليو الأخير الأكثر ارتفاعاً على الإطلاق، وقامت وسائل الإعلام الدولية بالإبلاغ بشكل يومي تقريباً عن عواقبها المدمرة، ومن الواضح أن مسألة نزوح الأشخاص، الذين عادة ما يُشار إليهم إلى أنهم لاجئو المناخ، هي من أكثر القضايا إلحاحاً، وهي ناتجة عن هذه الكوارث، وهم أشخاص، أو مجتمعات، أُجبروا على مغادرة منازلهم وعلى اللجوء إلى مكان آخر بسبب تأثيرات تغير المناخ.

وقد رأينا مؤخرا مدناً وبلدات دُمرت بسبب الفيضانات في ليبيا، علماً أن البلد يعاني عدم الاستقرار السياسي والصراعات، وإن الوتيرة المتزايدة وحدة الظواهر الجوية القاسية زادتا من تعقيد الوضع، الذي كان بدوره مزرياً، فعدد الضحايا محزن وقد دُمرت مدن وبلدات بالكامل، مما أجبر الليبيين على ترك منازلهم، وصار بعضهم مشردين داخلياً في بلدهم، ولا تعد ليبيا البلد الوحيد الذي يعاني هذا الخليط القوي من عدم الاستقرار السياسي وتدهور البنية التحتية وتزايد خطر التعرض للكوارث الطبيعية، ففي العالم العربي لوحده، يمكننا أن نعتبر سورية ولبنان واليمن والعراق والسودان أمثلة قد تتعرض لسيناريوهات مماثلة لما حدث في ليبيا.

أصبح التكيف مع تغير المناخ ملحاً، فما معنى هذا؟

يجب اعتماد إجراءات واستراتيجيات من قبل الأشخاص والمجتمعات والحكومات والمنظمات للحد من مواطن الضعف وتعزيز قدرة النظم البيئية والمجتمعات على الصمود، وهذه الاستجابة شديدة الأهمية بالنسبة إلى تأثيرات المناخ المستمرة والمتوقعة، ويمكن لتدابير التكيف أن تأخذ أشكالاً مختلفة، كبناء بنية تحتية قادرة على الصمود، مثل الأسوار البحرية وحواجز الفيضانات ونظم تصريف مياه العواصف لمقاومة الظروف الجوية القاسية، مثل الأعاصير والفيضانات وارتفاع مستويات سطح البحر، وضمان وجود نظم للإنذار المبكر، وتقديم الدعم والموارد للسكان المعرضين أكثراً للمخاطر لمساعدتهم على التكيف مع آثار تغير المناخ، مثل توفير الأغذية والملاجئ خلال الكوارث.

إن التكيف مع تغير المناخ أساسي لتقليل آثار ارتفاع درجة حرارة الكوكب، لكن لا يمكنه أن يمنع كل أشكال النزوح، وباستمرار تأثير تغير المناخ على مجتمعات العالم، أصبحت معالجة مشكلة لاجئي المناخ أكثر إلحاحاً، إذ لا يتمتع لاجئو المناخ بحماية أطر قانونية دولية كغيرهم من اللاجئين الفارين من الاضطهاد أو الصراعات، وهذا يجعل وضعيتهم محفوفة أكثر بالمخاطر، ومن المهم أن يكون هناك تعاون دولي وحماية قانونية والتزام بالتخفيف من تغير المناخ للاستجابة لاحتياجات الأشخاص الذين يُجبرون على النزوح بسبب تغير المناخ.

سيجتاح التفاوت في الاستجابة لتغير المناخ الوعي العالمي في السنوات القادمة، لأن المجموعات المعرضة بشكل أكبر للمخاطر هي التي تدفع ثمن الأزمة التي لم تتسبب فيها.

back to top