أعاد الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله تحديد الأولويات اللبنانية، كما يراها هو، مؤكداً في كلمته، مساء أمس ، أنه صاحب القرار في هذه الأولويات الثلاث، وهي، الحدود البرية الجنوبية، وضبط الحدود مع سورية، ووقف مسار تدفق اللاجئين، والانتخابات الرئاسية.
وبحسب ما تكشف مصادر متابعة، فإنّ كلام نصرالله حول «ترسيم» أو تثبيت الحدود البرية جاء رداً على إبداء واشنطن استعدادها للوساطة، وبعد نقاش أجراه الحزب مع مسؤولين لبنانيين.
وبالتالي، فإن إشارة نصرالله حول الحدود البرية تشبه الى حد بعيد إشارته لدى إطلاق وساطة ترسيم الحدود البحرية، عندما أعلن وقوف حزبه خلف الدولة اللبنانية فيما تقرره، مع التمسّك بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة، وبأن «المقاومة» ستساند الدولة في المفاوضات.
قسّم نصر الله مسار «تثبيت» الحدود البرية على ثلاث مراحل، الأولى تتعلق بمعالجة الخلاف حول 13 نقطة، يطالب لبنان بها كاملة. والثانية، تراجع إسرائيل عن ضمّ الجزء الشمالي من بلدة الغجر، في مقابل إزالة الحزب للخيمتين اللتين نصبهما خارج الخط الأزرق. والثالثة، تتصل بملف مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهذه ستكون مؤجلة حالياً بانتظار الوصول إلى تسوية ثلاثية مع سورية.
من ملف الحدود البرية جنوباً، إلى الحدود الشمالية الشرقية مع سورية، كان واضحاً أن نصرالله يقول للجميع إنه الممسك بواقع هذه الحدود، وبالتالي فإن المعادلة الاستراتيجية بيده، ولا يمكن للبنان أن يذهب إلى أي اتفاق أو قرار أو إجراء من دون موافقة الحزب.
سعى نصرالله إلى الضغط في ملف اللاجئين السوريين لدفع الحكومة اللبنانية إلى تطبيع العلاقات مع دمشق بالدرجة الأولى، وللضغط على الدول الأوروبية من خلال التلويح بإرسال آلاف اللاجئين وإغراق أوروبا بهم، مما سيدفع الدول الأوروبية حسب رأيه إلى مساعدة لبنان للبحث عن حلّ، كما دعا إلى استخدام هذا الملف في إطار الضغط على الأميركيين لإلغاء العقوبات المفروضة على سورية في إطار «قانون قيصر».
كل هذه المعادلات من شأنها استدراج الغرب إلى اهتمام أكبر بلبنان، وبالتالي التفاوض مع حزب الله بشكل مباشر لمعالجة المشكلات العالقة. وهذا لا بدّ له أن يكون مرتبطاً بإنجاز استحقاق الانتخابات الرئاسية. وقد أعطى نصر الله إشارة إطلاق الوساطة الأميركية لترسيم الحدود البرية، بالتزامن مع ما تردد عن إعطاء مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي الإذن للتفاوض المباشر بين الأميركيين والإيرانيين. فيما سيكون التركيز اللبناني على انعكاس مسار التفاوض حول الحدود الجنوبية مرتبطاً بإنجاز الاستحقاق الرئاسي، لا سيما أن الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين كان قد شدد على ضرورة انتخاب رئيس يواكب مسار التفاوض ويقر الاتفاقات.
في هذا السياق، لا بدّ من التذكير بالدور الأساسي الذي اضطلعت به دولة قطر في مرحلة ترسيم الحدود البحرية والدخول إلى كونسورتيوم التنقيب عن النفط والغاز، وقد تحدّث نصرالله عن ضرورة انتظار الجهود القطرية اليومية في سبيل الوصول إلى اتفاق رئاسي، وهنا سيكون لبنان أمام معادلتين، أن ينتج التفاوض على الحدود البرية حلاً رئاسياً في المرحلة المقبلة، على قاعدة تسوية واضحة، وهي إنجاز الترسيم مقابل انتخاب رئيس، وهنا يتمسك الحزب بمرشحه في محاولة منه لتمرير انتخابه، من دون إغفال التركيز على أن سليمان فرنجية قد يلعب دوراً أيضاً في مجال ضبط الحدود الشمالية الشرقية وترتيب العلاقة مع سورية. أما في حال عدم توافر الظروف لذلك، فإن المقابل الذي سيطالب به الحزب هو ضمانات سياسية واقتصادية وفي آلية تشكيل السلطة، من ضمن سياق تسوية قابلة لأن تشمل الملفات الثلاثة.