مجلس النواب الأميركي يعزل رئيسه لأول مرة في تاريخه

سقوط مكارثي يضيء على انقسامات «الجمهوريين»... والديموقراطيون أيّدوا «حلفاء ترامب»

نشر في 03-10-2023 | 23:56
آخر تحديث 04-10-2023 | 20:55
في سابقة تاريخية تركت الولايات المتحدة في فراغ تشريعي للمرة الأولى منذ 234 سنة، عزل مجلس النواب رئيسه الجمهوري كيفين مكارثي، في تطور يجسد حجم الانقسامات التي يعانيها الحزب الجمهوري.

في جلسة ماراثونية سريعة شهدت توافقاً غير عادي بين حلفاء الرئيس الأميركي جو بايدن وخصومهم المتشددين الموالين لسلفه دونالد ترامب، عزل مجلس النواب ليل الثلاثاء - الأربعاء رئيسه الجمهوري كيفن مكارثي في سابقة بتاريخ الولايات المتحدة تجسّد مدى الانقسامات التي يعانيها الحزب الجمهوري.

وصوّت مجلس النواب بأغلبية 216 صوتاً مقابل 210 لمصلحة مذكرة طرحها الجناح المتشدّد في الحزب الجمهوري تنصّ على اعتبار «منصب رئيس مجلس النواب شاغراً».

ويعود آخر تصويت أجراه مجلس النواب لعزل رئيسه إلى أكثر من قرن، في حين أنها المرة الأولى على الإطلاق التي يطيحه منذ 234 عاماً.

وصوّت ثمانية جمهوريين إلى جانب الأقليّة الديموقراطية لمصلحة عزل مكارثي الذي أثار غضب الجناح المتشدّد الموالي للرئيس السابق دونالد ترامب بتعاونه مع إدارة الرئيس جو بايدن لتمرير اتفاق الموازنة المؤقت وحرمان الجمهوريين من فرصة فرض تخفيضات هائلة في الميزانية.

وشرّع عزل مكارثي الباب أمام منافسة غير مسبوقة لخلافته قبل عام من الانتخابات الرئاسية. ولم يتمّ مكارثي عامه الأول في رئاسة المجلس إذ إنّه انتخب في يناير بعد مفاوضات شاقة ومضنية قدّم خلالها تنازلات كبيرة لأنصار ترامب.

وكانت قيادة الحزب الجمهوري حذّرت الجناح المتشدّد من إغراقها «في الفوضى»، في حين دعا بايدن لانتخاب رئيس جديد «نظراً إلى أنّ التحدّيات الملحّة لا تنتظر».

لكنّ المهمة تبدو معقدة للجمهوريين الذين سيجتمعون الثلاثاء المقبل، للاتفاق على مرشّح جديد على أن يتمّ التصويت لانتخابه في اليوم التالي.

ورغم تعاونهم لتجنّب الإغلاق الحكومي، رفض الديموقراطيون إنقاذ مكارثي واتّهموه بالتراجع عن اتفاقات أبرمها مع إدارة بايدن لاسيّما بشأن مستوى الإنفاق الفدرالي.

وفيما وصف «الائتلاف الديموقراطي الجديد»، المؤيد لقطاع الأعمال، مكارثي بأنّه «ببساطة غير جدير بالثقة»، بدا عزله شبه محتوم بعدما شجّع زعيم الأقليّة الديموقراطية حكيم جيفريز على الإطاحة به.

وجرى تصويت أوّلي على «تأجيل النظر» بمذكرة غايتس، مما يعني عملياً وأد محاولة الإطاحة برئيس المجلس، لكنّ جيفريز طلب من الديموقراطيين التصويت ضدّ هذه المبادرة. والتزم كلّهم بتوصيته وكذلك فعل 11 نائباً جمهورياً متمرداً، فسقط مقترح وأد مذكرة العزل.

واستدعى خروج هذه الصراعات الداخلية التي تمزّق الحزب الجمهوري إلى العلن ردّاً من ترامب، الذي تساءل: «لماذا يقضي الجمهوريون وقتهم في الجدال فيما بينهم؟ لماذا لا يقاتلون الديموقراطيين اليساريين المتطرّفين الذين يدمرون بلادنا؟».

وفي تفاصيل الخبر:

للمرة الأولى في تاريخه الممتد على مدار 234 سنة، صوّت مجلس النواب الأميركي ليل الثلاثاء - الأربعاء بأغلبية 216 عضواً مقابل 210، على تنحية رئيسه الجمهوري كيفين مكارثي، وفتح الباب أمام منافسة غير مسبوقة لخلافته قبل عام من الانتخابات الرئاسية.

وجرى التصويت على مذكرة طرحها النائب عن فلوريدا مات غايتس، الذي ينتمي إلى الجناح اليميني المتشدد الموالي للرئيس السابق دونالد ترامب، تنص على اعتبار «منصب رئيس مجلس النواب شاغراً».

وصوت 8 جمهوريين إلى جانب الأقلية الديموقراطية لمصلحة عزل الرئيس الخامس والخمسين لمجلس النواب، الذي أثار غضب الجناح المتشدد في الحزب بتعاونه مع إدارة الرئيس جو بايدن لتمرير اتفاق مؤقت بشأن الموازنة لتجنب الإغلاق الحكومي الرابع في تاريخ أميركا.

وسبب الغضب العارم، الذي أثاره هذا التعاون، هو أن المحافظين المتشددين اعتبروا أن مكارثي، الذي لم يتم عامه الأول في رئاسة مجلس النواب، حرمهم فرصة فرض تخفيضات هائلة في الميزانية.

ويعود آخر تصويت أجراه مجلس النواب لعزل رئيسه إلى أكثر من قرن من الزمن، في حين أنها المرة الأولى على الإطلاق التي يطيحه منذ 234 عاماً.

رئيس مؤقت

وفيما عين نائب ولاية كارولاينا الشمالية باتريك ماك هنري رئيساً مؤقتاً للمجلس، شرّع عزل مكارثي الباب أمام منافسة غير مسبوقة لخلافته قبل عام من الانتخابات الرئاسية، في حين دعا بايدن إلى المسارعة في انتخاب بديل، محذراً من «تحديات ملحّة لا تنتظر»، لكن المهمة تبدو معقدة للجمهوريين الذين سيجتمعون الثلاثاء المقبل، للاتفاق على مرشح جديد يتم انتخابه باليوم التالي.

وانتخب مكارثي في يناير بعد مفاوضات شاقة ومضنية قدم خلالها تنازلات كبيرة لنحو 20 نائباً من أنصار ترامب، بما في ذلك أن يتمكن أي نائب ساعة يريد من أن يدعو لإجراء تصويت لتنحيته، وهو ما فعله غايتس في النهاية. ورفض الديموقراطيون إنقاذ مكارثي، الذي يتهمونه بالتراجع عن اتفاقات أبرمها مع إدارة بايدن، لاسيما بشأن مستوى الإنفاق في الميزانية الفدرالية، ووصف «الائتلاف الديموقراطي الجديد»، وهو كتلة من المشرعين المؤيدين لقطاع الأعمال، مكارثي بأنه «ببساطة غير جدير بالثقة».

الديموقراطيون رفضوا إنقاذ مكارثي لاتهامهم له بالتراجع عن اتفاقات أبرمها مع إدارة بايدن

وكانت قيادة الحزب الجمهوري حذرت نواب الجناح المتشدد من إغراق الحزب «في الفوضى»، لكن غايتس، الذي اشتكى مراراً من عدم احترام مكارثي الاتفاقات المبرمة مع المحافظين، ردّ قائلاً إن «الفوضى هي رئيس مجلس النواب مكارثي، وسبب سقوطه اليوم هو أنه لا أحد يثق به»، مضيفاً: «لقد قدم وعوداً متناقضة متعددة، وعندما استحقت جميعها، خسر».

وبدا عزل مكارثي شبه محتوم بعدما شجع زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز نواب الحزب على الإطاحة برئيس المجلس، وجرى تصويت أولي على مقترح لـ«تأجيل النظر» بمذكرة غايتس، ما يعني عملياً وأد محاولة الإطاحة برئيس المجلس، لكن جيفريز طلب من النواب الديموقراطيين التصويت ضد هذه المبادرة.

والتزم كل النواب الديموقراطيين بتوصية جيفريز، وكذلك فعل 11 نائباً جمهورياً متمرداً، فسقط مقترح وأد مذكرة العزل. واستدعى خروج هذه الصراعات الداخلية التي تمزق الحزب الجمهوري إلى العلن رداً من ترامب، الذي تساءل على منصته «تروث سوشل»: «لماذا يقضي الجمهوريون وقتهم في الجدال فيما بينهم؟ لماذا لا يقاتلون الديموقراطيين اليساريين المتطرفين الذين يدمرون بلادنا؟».

ووفقاً لقواعد الكونغرس، في حالة خلو منصب رئيس المجلس، فإن العضو التالي المسمى في قائمة ترشيحات البدلاء التي قدمها عند توليه منصبه، سيصبح رئيساً مؤقتاً، حتى يتم انتخاب الجديد، وهذا العضو هو النائب باتريك هنري.

وتداولت وسائل إعلام أميركية أسماء بعض المرشحين لخلافة مكارثي في رئاسة مجلس النواب، ومن بينهم زعيم الأغلبية ستيف سكاليس، الذي ذكرت شبكة فوكس نيوز أنه «يجري مكالمات خلف الكواليس، لتعزيز الدعم» قبل التصويت المحتمل الأربعاء. وفي حين اعتبر أنه سيكون «رئيساً استثنائياً»، قال سكاليس، عقب اجتماع القيادات الجمهورية، إنه «ليس لديه أي شيء ليعلنه».

كما سُئل سكاليس، الذي تم تشخيص إصابته بسرطان الدم في وقت سابق من هذا العام، عما إذا كان مؤهلاً جسدياً لشغل المنصب الشاغر، وأجاب: «أشعر أنني بحالة جيدة».

ويفكر الجمهوري المحافظ من ولاية أوهايو، جيم جوردن، في دخول السباق، وذكرت مجلة بوليتيكو أنه يجري محادثات مع الحلفاء لانتزاع المنصب، وتزايدت شعبية جوردن، الذي تحدى مكارثي ذات مرة على منصب رئيس مجلس النواب قبل أن يصبح أكبر مدافع عنه بين المحافظين المتشددين، طبقاً للمجلة ذاتها.

لكن بعض الجمهوريين الوسطيين والأعضاء العاديين ربما لا يتقبلون فكرة صعوده، نظراً لدوره في الضغوطات التي تعرض رئيس مجلس النواب الأسبق جون بوينر (جمهوري من ولاية أوهايو أيضاً)، للاستقالة، وهو ما حدث بالفعل عام 2015.

ويقوم رئيس لجنة الدراسة الجمهورية النائب كيفن هيرن بجس النبض لمعرفة ما إذا كان يحظى بالدعم بين مشرّعي الحزب قبل المؤتمر لتحديد المرشحين، وفقاً لمجلة بوليتيكو.

ووصل هيرن إلى الكونغرس في نوفمبر 2018، واكتسب بعض الزخم خلال سباق رئاسة مجلس النواب في يناير، مع استمرار المنافسة عدة أيام. وطرح اسم النائب عن ولاية مينيسوتا رئيس لجنة المال توم إيمير كمرشح محتمل لرئاسة المجلس، حتى قبل التصويت على عزل مكارثي.

وكانت صحيفة واشنطن بوست أول من ذكرت أن إيمير سيكون من بين المرشحين لخلافة مكارثي، حال التصويت على عزله، وذلك في تقرير لها الشهر الماضي، لكن إيمير آنذاك قال إنه «غير مهتم بالمنصب»، مضيفاً أنه «يدعم بقاء مكارثي» رئيساً لمجلس النواب.

back to top