بعدما أثارت «الجريدة» خلال الفترة الماضية، عبر أكثر من عدد، ما تشهده ممارسات الطرق من تجاوزات في العقود والتنفيذ ومحدودية الخبرات التنفيذية القائمة عليها، قدّم النائب مبارك الطشة استجواباً إلى وزيرة الأشغال العامة أماني بوقماز من 4 محاور هي: الفشل في إنجاز وصيانة وإصلاح الطرق وتعطل المشاريع، وشبهات الفساد والتنفيع وتضارب المصالح وهدر المال العام، والتراخي والتهاون في تحصيل مبالغ غرامات التأخير المستحقة على المقاولين في المناقصات والعقود، والتجاوز على الدستور والقانون وتجاهل الرد على الاسئلة البرلمانية.

واعتبر الطشة، في مقدمة صحيفة استجوابه، أن الوزيرة نموذج حي لمفهوم «تضارب المصالح»، و«ازدواج الولاءات»، إذ تولت منصبها ولم يكد يمضي عامان على توليها منصب مستشار إدارة المخاطر بشركة «ليماك» التركية التي تتولى تنفيذ مشروع تطوير مطار الكويت الدولي الجديد، ولعل هذا العامل وحده يفسر التخبط والتأخير في المشروع وتعديل شروط العقد والمشاكل الجمة التي مر بها ولا يزال.

Ad

صورة ضوئية عن خبر الجريدة.

وأكد أن استمرار الوزيرة في منصبها لم يعد ممكناً ولا محتملاً بالنظر إلى ما سببته خلال شغلها للمنصب من هدر ونزف للمال العام على نحو غير مسبوق واستمرار لنهج تضارب المصالح والتنفيع، مضيفاً: «وإذ نضع هذه الحقائق بين أيدي ممثلي الأمة، نؤكد أن بقاء الوزيرة لا يمثل فقط عبئاً على الحكومة؛ بل بات يشكل ضرراً جسيماً لمصالح البلاد، ليس ثمة سبيل إلى القبول به، أو التسامح معه، ونعرب عن ثقتنا التامة بأن أصحاب الضمائر الحية سينهضون بمسؤولياتهم الدستورية والوطنية».

وفور تقديم الاستجواب، أعلن 10 نواب تأييدهم له، حيث رأت النائبة د. جنان بوشهري أن «محاوره مستحقة، لاسيما الأول الذي تحدثتُ عنه قبل أيام»، فضلاً عما «كشفته أسئلة ديوان المحاسبة بشأن مستندات ممارسات إصلاح الطرق، والتي خالفت تماماً ما أعلنته الوزيرة في أكثر من مناسبة».

وبينما قال النائب د. عبدالكريم الكندري، إن الوزيرة لم تحقق أي شيء من وعودها، مؤكداً أن استجوابها مستحق، أكد النائب محمد الرقيب أن «على الوزيرة صعود المنصة، حتى يعرف المواطن مَن وراء أذرع الفساد والإهمال في هذا الوطن، ولتعلم الحكومة أننا لا نجامل على حساب مصلحة الوطن».

وهو نفس الموقف الذي اتخذه النائب حمد العبيد، إذ رأى أن «الاستجواب مستحق»، معتبراً أن «الوزيرة أخذت الوقت الكافي وزيادة؛ ولم نرَ أي تحرك جاد لإصلاح الطرق أو محاسبة لمقصر، بل رأينا وعوداً لا أثر لها على أرض الواقع».

وفي تصريح مشابه، أعاد ‏النائب محمد المهان تأكيد أن «الوزيرة أخذت الوقت الكافي وزيادة ؛ ولم نر أي تحرك جاد لإصلاح الطرق، و‏الشعب الكويتي يستحق الأفضل»، ووافقه النائب بدر نشمي في أن بوقماز حصلت على كفايتها من الوقت دون إنجاز شيء، «ولم تحاسب الشركات الفاسدة، ولذلك فإنها تستحق الرحيل».

وإضافة إلى النائب بدر سيار الذي رأى أن استجواب بوقماز مستحق «وحرصاً على وقت المجلس ومصالح البلاد والعباد نتمنى تقديمها الاستقالة قبل الإقالة»، أعرب كل من النواب مهند الساير وحمد العليان وفهد المسعود تأييدهم لمساءلة الوزيرة.

وفي تفاصيل الخبر:

في مقدمة صحيفة استجوابه إلى وزيرة الأشغال العامة أماني بوقماز المكونة من 4 محاور، والتي تسلمها منه الأمين العام لمجلس الأمة، أمس، اعتبر النائب مبارك الطشة الوزيرة نموذجاً حياً لمفهوم «تضارب المصالح»، و«ازدواج الولاءات»، إذ تولت منصبها ولم يكد يمضي عامان على توليها منصب مستشار إدارة المخاطر بشركة «ليماك» التركية التي تتولى تنفيذ مشروع تطوير مطار الكويت الدولي الجديد، ولعل هذا العامل وحده يفسر التخبط والتأخير في المشروع وتعديل شروط العقد والمشاكل الجمة التي مر بها ــ ولا يزال.

وأضاف الطشة: كان يمكن تفهم حساسية وضع الوزيرة في إدارة العلاقة مع الشركة المنفذة لمشروع المطار، لو أن الأمر توقف عند هذا الحد، إلا أن «تضارب المصالح وازدواج الولاءات» تمدد وشمل مشاريع صيانة وإصلاح الطرق، التي منحت الوزيرة الفرصة كاملة لإنجازها، إلا أنها لا تزال تراوح مكانها، من دون أن تتحرك قيد أُنملة رغم المخصصات المالية الهائلة المرصودة لها رغم السفرات المتعددة التي قامت بها الوزيرة وفريقها إلى الخارج، وحتى رغم تعمد ممارسة «الدعاية» خلال الاجتماعات التي عقدتها مع سفراء عدد من الدول المتقدمة في البلاد بدعوى التباحث معهم حول أفضل الشركات في دولهم المرشحة للمساهمة في مشاريع تطوير وإصلاح الطرق.

وتابع: أعلنت الوزارة في مايو 2023 خطة صيانة شوارع البلاد من خلال الشركات العالمية وطرح 10 مناقصات محدودة على الشركات العالمية عبارة عن 6 مناقصات خاصة بالمحافظات و3 مناقصات خاصة بالطرق وعقد لصيانة جسر جابر بقيمة تتراوح بين 220 و240 مليون دينار، وأن بدء فض المظاريف ودراسة العطاءات الفنية والمالية سيكون في 2 يوليو 2023، لكنها عادت وفي التاريخ نفسه لتعلن تأجيل مناقصات الصيانة الجذرية لأعمال الطرق في محافظات الكويت والطرق السريعة، بناءً على رغبة الشركات المتقدمة لتنفيذ أعمال الصيانة لمزيد من الدراسة لوثائق المناقصات» وفقاً لما جاء في بيان الوزارة، لكن التأجيل جلب المزيد من التعطيل والتسويف وعلى نحو أثار الشكوك وحرك الهواجس، بالقدر نفسه الذي تسبب في إهدار المال العام وتعطيل مصالح المواطنين وأخيراً عرض حياتهم للخطر، على الوجه الذي نشاهده من حوادث ووفيات وإصابات بسبب سوء الطرق من شمال الكويت إلى جنوبها، وللأسف كل يوم تطالعنا الأخبار ووسائل التواصل عن الحوادث والوفيات والأضرار التي تمس مصالح الناس ومركباتهم بسبب سوء الطرق ورداءتها وعدم صيانتها.

فشل صيانة الطرق

وفي المحور الأول تحت عنوات «الفشل في إنجاز وصيانة وإصلاح الطرق»، أكد الطشة بصحيفة استجوابه أن حالة البنية التحتية لا سيما الطرق والشوارع الرئيسية تعد أحد أهم المؤشرات على تقدم الدول وتطورها، وفي الكويت بات تطاير الحصى وكثرة الحُفَر والمطبات حديث القاصي والداني ومدعاة للشكوى وسبباً لمعاناة المواطنين، الذين يتكبدون الخسائر جراء إتلاف مركباتهم، وبات الأمر محرجاً خصوصاً أن الدول المجاورة حققت طفرات واسعة في هذا المجال، ويضرب بها المثل في جودة الطرق ورحابتها واتساعها وسلاستها.

وأضاف: وعلى الرغم من أن المشكلة قديمة نسبياً فإنها تفاقمت بشكل كبير وخطير خلال السنوات الأخيرة حتى باتت تهدد حياة المواطنين وسلامتهم على الطرق، ومع تولي الوزيرة مهام منصبها بدا أنها تدرك عِظَم المسؤولية وفداحة المشكلة، إذ صرحت في فبراير 2023 بأن الطرق الداخلية والسريعة جميعها في أسوأ الحالات، وكان المأمول أن تضع الوزيرة المشكلة على طريق الحل، وأن تقدم المعالجات والحلول اللازمة لها، خصوصاً أنها متخصصة ومن أهل الميدان، إلا أنه وبعد مرور عام كامل ظهر بوضوح أن الوزيرة عاجزة تماماً عن إيجاد أي حلول أو معالجات، ليس ذلك فحسب، بل إنها هي نفسها قد تكون جزءاً من المشكلة، وهو الأمر الذي تجلى في التراجع عن الوعود السابقة بإصلاح الطرق خلال فصل الصيف وإلقاء اللائمة على المسؤولين السابقين.

واتهم النائب الوزيرة بالمبالغة في الأسعار التقديرية والضعف أمام شركات تنفيذ مشاريع إصلاح الطرق، حيث اتسم نهج الوزيرة بالتردد والمراوحة وعدم الحسم، بل والضعف أمام الشركات المنفذة لمشاريع اصلاح الطرق الأمر الذي فاقم الأوضاع وزادها سوءاً، ففي مايو 2023 أعلنت عن خطة صيانة شوارع البلاد من خلال الشركات العالمية وحددت مطلع يوليو موعداً لبدء فض المظاريف ودراسة العطاءات الفنية والمالية، لكنها عادت وأعلنت تأجيل مناقصات الصيانة الجذرية لأعمال الطرق في محافظات الكويت والطرق السريعة، وقالت إن التأجيل بناءً على رغبة الشركات المتقدمة لتنفيذ أعمال الصيانة لمزيد من الدراسة لوثائق المناقصات تمهيداً لتقديم عطاءاتها.

وفي المحور الثاني، تحدث الطشة عن «شبهات الفساد والتنفيع وتضارب المصالح وهدر المال العام في مشروع المطار الجديد»، مشددا على أنه لم يعرف مشروع في تاريخ الكويت الحديث ما عرفه مشروع المطار الجديد من فساد وتنفيع وهدر للمال العام، وهو وإن كان نهجاً اتسم به التعامل مع المشروع الذي تعرض لظلم فادح إلا أن الوتيرة زادت وتسارعت بشكل بشع منذ تولي الوزيرة لحقيبة وزارة الأشغال في أكتوبر 2022، وكانت كلمة السر في هذا الملف هي العلاقة بين منصب الوزيرة السابق كمستشار إدارة المخاطر بشركة (ليماك) التركية المنفذة للمشروع ومنصبها الحالي، فعلى الرغم من ادعاء الوزيرة أنها استقالت من منصبها في 2020 وقبل تولي الحقيبة إلا أن الوقائع والحقائق على الأرض تثبت بطلان زعم وادعاء الوزيرة بانتفاء تلك العلاقة.

تقاعس

أما بشأن المحور الثالث الخاص بالتأخير في تحصيل مبالغ الغرامات على المقاولين في المناقصات والعقود، فقال: «يعد التراخي والتقاعس في تحصيل المبالغ المالية المستحقة للوزارة كغرامات على المقاولين بسبب تأخرهم في انجاز الاعمال المطلوبة ضمن الإطار الزمني المنصوص عليه في العقود المبرمة معهم او كنتيجة لعدم الالتزام بالاشتراطات التعاقدية المتعلقة بالمواصفات الفنية أحد أكثر الملاحظات تكراراً في التقارير السنوية لديوان المحاسبة نتيجة عدم تحصيل مستحقاتها أولا بأول رغم التحقق من مخالفة المقاولين لشروط التعاقد، والاكتفاء بقيد تلك المبالغ بحساب الديون المستحقة للحكومة دون خصمها».

وأضاف: وفي 2022 أصدرت الوزارة تعميما بشأن تطبيق غرامة تأخير تنفيذ الأعمال في عقود الوزارة، ألغى من خلاله العمل بالتعميم رقم 17 لسنة 2016 الخاص بتطبيق غرامة تأخير الأعمال عن برنامج العمل بطريقة المسار الحرج المعتمد بالمشروع.

وكان تقرير المحاسبة أشار إلى أن إجمالي ما تم حصره من تلك الديون بلغ 33 مليون دينار، وطالب الوزارة بضرورة خصم غرامات التأخير فور حدوثه، تنفيذا للشروط التعاقدية وتقيدا بالشروط الحقوقية وقواعد تنفيذ الميزانية.

وتحت عنوان «عدم احترام ارادة الأمة وتجاهل الرد على الأسئلة البرلمانية» جاء المحور الأخير، الذي قال فيه الطشة: «ينص دستور الكويت في المادة (99) على ان «لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء والى الوزراء أسئلة لاستيضاح الأمور الداخلة في اختصاصهم وللسائل وحده حق التعقيب مرة واحدة على الإجابة». وتنظم المواد (121) إلى (132) حق عضو المجلس في توجيه السؤال البرلماني الى الوزراء، إذ تنص المادة (121) على ان «لكل عضو أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء أسئلة لاستيضاح الأمور الداخلة في اختصاصهم بما في ذلك الاستفهام عن أمر يجهله العضو والتحقق من حصول واقعة وصل علمها إليه. ولا يجوز أن يوجه السؤال إلا من عضو واحد ويكون توجيهه إلى رئيس مجلس الوزراء أو إلى وزير واحد.

وأضاف: وتنص المادة 124 على أنه «يجيب رئيس مجلس الوزراء أو الوزير على السؤال في الجلسة المحددة لنظره ولرئيس مجلس الوزراء أو الوزير المختص أن يطلب تأجيل الإجابة إلى موعد لا يزيد على أسبوعين، فيجاب إلى طلبه، ولا يكون التأجيل لأكثر من هذه المدة إلا بقرار من المجلس. ولرئيس مجلس الوزراء أو الوزير بموافقة موجه السؤال أو في حالة غيابه أن يودع الإجابة أو البيانات المطلوبة في الأمانة العامة للمجلس لاطلاع الأعضاء عليها ويثبت ذلك في مضبطة الجلسة.

وتابع: وعلى الرغم من التأكيد على حق النائب في السؤال وإلزام الوزير بالإجابة عنه فقد تجاهلت الوزيرة جُل الاسئلة البرلمانية التي توجه لها ضاربة بالنصوص الدستورية واللائحية عرض الحائط على نحو يعكس عدم احترام لممثلي الأمة، ولحقهم، فمن بين حوالي 135 سؤالا برلمانيا وجهت الى الوزيرة منذ بدء الفصل التشريعي الحالي أجابت الوزيرة عن 30 سؤالا فقط نصفهم تقريبا طلبت فيهم مهلة للرد، بينما تجاهلت وبشكل متعمد وغير لائق ولا مقبول 105 أسئلة.

استمرارها في منصبها ضرر على البلاد

في خاتمة صحيفة استجوابه، قال الطشة، تكشف الحقائق والوقائع التي سبقت الإشارة اليها في هذه الصحيفة بشكل واضح وجلي أن استمرار الوزيرة في منصبها لم يعد ممكنا ولا محتملا بالنظر الى ما سببته خلال شغلها للمنصب من هدر ونزف للمال العام على نحو غير مسبوق واستمرار لنهج تضارب المصالح والتنفيع.

وأضاف، «اننا إذ نضع هذه الحقائق بين أيدي ممثلي الأمة، نؤكد أن بقاء الوزيرة في منصبها لا يمثل فقط عبئاً على الحكومة، بل بات يشكل ضرراً جسيماً لمصالح البلاد، ليس ثمة سبيل إلى القبول به، أو التسامح معه، ونعرب عن ثقتنا التامة بأن أصحاب الضمائر الحية سينهضون بمسؤولياتهم الدستورية والوطنية».