لبنان: ملف اللاجئين السوريين يقترب من الانفجار
يتقدم ملف التدفق المستجد لآلاف من اللاجئين السوريين إلى الداخل اللبناني على غيره من الملفات سياسياً وإعلامياً، فيما كل المبادرات الخاصة باستحقاق انتخاب رئيس للجمهورية لم تصل إلى نتيجة، ويبدو أنها مجمّدة ومؤجلة، طالما أنه لا بدّ من انتظار ملف ترسيم الحدود الموجود في عهدة الوساطة الأميركية.
ويجمع الأفرقاء على أن هذا الملف يشكّل خطراً وجودياً يطول لبنان الدولة والكيان، لكن كل طرف يبحث من جانبه كيفية معالجة هذه المشكلة بطريقة تناسب مصالحه. وقد رفع حزب الله الصوت عالياً، مطالباً بالضغط على الأوروبيين والأميركيين، ومهدداً بالسماح بهجرة اللاجئين عبر البحر، مشترطاً إلغاء قانون قيصر لرفع العقوبات عن الحكومة السورية، كي تتمكن من استقبال العائدين.
في المقابل، يعتبر خصوم الحزب أن الأزمة الحالية ما هي إلا نتاج مشاركة الحزب بالقتال في سورية، وبالتالي دوره في تهجير مئات آلاف السوريين.
ووسط مخاوف من أن يكون الاهتمام اللبناني متركزاً حالياً على ملف اللاجئين وفق القاعدة اللبنانية المعتادة في الاهتمام بالملفات بالتلهّي بدلاً من حلّها ومعالجتها، يصبح واقع اللجوء قابلاً للانفجار في أيّ لحظة، علماً بأن هذا الانفجار يمكن أن تكون له أشكال متعددة، بعضها سياسي وبعضها الآخر اجتماعي، فيما يبقى الخوف الأكبر من مشاكل أمنية متنقلة.
وفي هذا الإطار، قال وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي: «لن نسمح بالوجود العشوائي للسوريين، وسيتم تحديد أعدادهم في الوحدات السكنية». وطالب مولوي بعد اجتماع مع المحافظين ورؤساء البلديات «من كتّاب العدل عدم تنظيم أي عقود لسوريين لا يملكون أوراقاً قانونية، وكما يُطبق القانون على اللبنانيين سيتم تطبيقه على السوريين». وشدد على أننا «لن نقبل باستباحة بلدنا وتغيير ديموغرافيته مقابل المال، فلبنان ليس للبيع». وتابع مولوي: «نعمل كخلية نحل دائمة ومستمرة لمعالجة الأزمة، وللوقوف بوجه الأضرار الهائلة التي تلحق بلبنان واللبنانيين والديموغرافيا اللبنانية جراء الانفلات والتصرفات غير المقبولة بسبب النزوح السوري». أما رئيس لجنة الإدارة والعدل في المجلس النيابي، جورج عدوان، فقد أعلن أن اللجنة بإجماع أعضائها، ستضع قانوناً في وقتٍ قريب، يتضمَّن كلَّ هذه التفاصيل ويصبح سارياً. وعلى الجميع أن يعلم أنَّنا بلدٌ حر لديه سيادته، وكلّ دول العالم لديها سيادة ونحن نحترمها، وعليهم بدورهم أن يحترموا سيادة لبنان، وأوّل من يجب أن يحترم السيادة اللبنانية هي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لأنها حتى اليوم بكل ممارستها لم تحترم السيادة اللبنانية». وتابع: «على كلّ الجهات والمواطنين والمؤسسات احترام هذا القانون المتعلّق بالوجود السوريّ في لبنان وأن يتقيّدوا به، ومن يخالفه يُعرّض نفسه للمساءلة والملاحقة القانونيّة ولغرامات كبيرةٍ جداً، لأنَّ الفوضى السائدة اليوم تُنذر بخطورة كبيرةٍ جداً. ونُكرر أن اليوم هذه من القضايا القليلة التي أجمع عليها اللبنانيون، ويجب أن نستفيدَ من هذا الإجماع». ومما لا شك فيه أن هذا الملف سيتفاقم في المرحلة المقبلة، خصوصاً في ظل انعدام وجود أي خطة للمعالجة، بينما حرب المزايدات السياسية بين الأفرقاء قد تدفعهم إلى افتعال إشكالات وحصول تعديات، أو أن تلجأ كل منطقة إلى إجراءاتها الخاصة، وهو ما قد يفاقم المشكلة أكثر.
في المقابل، هناك وجهة نظر لدى بعض القوى بأن بعض المجموعات من المتدفقين يتم إدخالهم بطريقة منظمة إلى لبنان، وهؤلاء مدربون، ويحمل اللبنانيون مسؤولية ذلك إلى الحكومة في دمشق التي تسمح لهم بالعبور، فيبدون الخشية من أن يتم استخدامهم في الداخل بتنفيذ عمليات أمنية أو افتعال إشكالات لإيصال رسائل أو تكريس وقائع سياسية جديدة.