اختارت إيران مجدداً اللجوء إلى الاستفزاز والخطوات الأحادية في قضية حقل الدرة، فبعد أيام قليلة من تأكيد وإصرار المتحدث باسم الخارجية الإيرانية على أن موضوع الحقل الغازي الكويتي الذي يقع في مياه الخليج يحل بالمفاوضات والحوار الهادئ والقنوات الدبلوماسية، تفقد وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي الحقل، أمس، خلال جولة على ما أطلقت عليه وسائل الإعلام الإيرانية الحقول النفطية المشتركة، بين إيران من جهة، والسعودية والعراق من الجهة الأخرى.
وقالت وكالة «إرنا» الإيرانية الرسمية، إن وحيدي تفقد عدداً من الحقول النفطية المشتركة لدى وصوله إلى محافظة بوشهر الواقعة على الخليج جنوب إيران، مضيفة أن الحقول بينها حقل «فروزان» المشترك بين إيران والسعودية، كما قام الوزير بزيارة جوية لحقول أخرى منها «سروش» و«أبوذر» و«نوذر» و«آرش» وهذا الأخير هو الاسم الفارسي لحقل الدرة، وبعض هذه الحقول مشترك مع العراق.
وعلمت «الجريدة»، من مصدر إيراني مطلع، أن الهدف من زيارة وحيدي هو إعداد تقرير للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عن وضع الحقول النفطية والغازية المشتركة، مضيفاً أن الوزير أصر شخصياً على التجول في أجواء حقل الدرة للتأكيد على ما ادعى أنه حقوق إيران فيه.
ويبدو أن الاختيار وقع على وزير الداخلية للقيام بهذا الاستعراض، لإضفاء طابع أمني ورسالة بأن حصة طهران المزعومة ما هي إلا شأن داخلي خاص بها. وقد جاءت الخطوة الاستفزازية الموصوفة، بعد ساعات قليلة من إعلان نائبة المدير العام لشركة نفط الكويت شيماء الغنيم، أنه من المتوقع تشغيل حقل الدرة كاملاً بحلول 2029.
ويأتي التصعيد الإيراني ليضاعف الشكوك في قدرة طهران على المضي في التهدئة مع الدول الخليجية، خصوصاً أن سلوكها الاستفزازي تسبب قبل أيام بأضرار لعملية بناء الثقة مع السعودية، في حادثة نادي اتحاد جدة وفريق ساباهان الإيراني، حيث تسبب إصرار أطراف إيرانية على نصب تمثال لقاسم سليماني، الذي تعده الرياض مسؤولاً عن الهجوم على منشآت أرامكو في 2019، في تطيير المباراة قبل أن تتدارك الدبلوماسية الإيرانية فداحة ما حصل، وتحاول حصر الضرر عبر اتصال بين وزيري خارجية البلدين حسين أمير عبداللهيان وفيصل بن فرحان.
وكان ممثل سمو الأمير رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد جدد التأكيد في كلمة الكويت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية، بما فيها حقل الدرة بالكامل، هي ملكية مشتركة بين البلدين فقط ولهما وحدهما كامل الحقوق لاستغلال الثروات، مضيفاً أن دولة الكويت تؤكد رفضها القاطع لأي ادعاءات بوجود حقوق لأي طرف آخر في هذا الحقل أو في المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بحدودها المعينة بين الكويت والسعودية.
وجدد سموه دعوة إيران إلى اتخاذ تدابير جادة لبناء الثقة للبدء في حوار مبني على احترام الدول وعدم التدخل بشؤونها الداخلية والحفاظ على سلامة وأمن وحرية الملاحة البحرية من أي تهديدات.
والشهر الماضي أكد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم الدوري بالرياض أن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة السعودية ــ الكويتية، بما فيها حقل الدرة بكامله، هي ملكية مشتركة بين السعودية والكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق لاستغلال الثروات في تلك المنطقة، مشددين على رفضهم القاطع لأي ادعاءات بوجود حقوق لأي طرف آخر في هذا الحقل أو المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بحدودها المعينة بين السعودية والكويت.
وبعد 10 أيام من صدور بيان «الوزاري الخليجي»، قال وزير النفط الإيراني جواد أوجي إن بلاده لن «تساوم» على ما أسماه حصتها في حقل الدرة، وأنها تتوقع حل القضايا المتعلقة بهذا الملف من خلال المفاوضات مع الجانب الكويتي.