شوشرة: منهج لا تعليمي
الدعوات التي يطلقها بعض النواب لإصلاح الوضع التعليمي بعد انطلاق العام الدراسي لا تتطلب تصريحات فارغة من الحلول ولا تحذيرات مدوية لمجرد إيهام الناس باهتمامهم بهذا الملف، إنما تحتاج عملاً على أرض الواقع وجلسات بمشاركة المختصين من مختلف القطاعات المعنية في السلطتين للوصول إلى إجراءات ملموسة، لا كلاماً مكرراً نسمعه في كل مرة ووعوداً مللناها لأنها تتلاشى مع الأيام.
فالطلبة يدفعون الضريبة خصوصاً في مرحلة التأسيس الابتدائية، لاسيما أنه لايزال هناك من يقتنع بالمناهج الرجعية وآلية التدريس المتخلفة، في حين الدول المتقدمة تخصص الميزانيات لإعادة صياغة هذا الملف المهم الذي هو أساس تنشئة جيل المستقبل، حتى أصبح العديد من أولياء الأمور يدفعون ضريبة ذلك باللجوء إلى المدرسين الخصوصيين أو مراكز التقوية والضحية الطالب الذي يعاني من دوامين صباحي ومسائي بين المدارس والمراكز أو الدروس الخصوصية لتحسين مستواه التعليمي، الذي فقده بسبب من لا يرتقون إلى هذه المهنة التي تحمل رسالة سامية.
وأصبح بعضهم لا يهمه استيعاب الطالب من عدمه، ولا يعي آلية الشرح والتدريس وإيصال المعلومة بقدر إنهاء حصته الدراسية وإيداع مرتبه في نهاية الشهر، والطامة الكبرى في انتقائية بعض المعلمين عند رصد الدرجات ومزاجيتها والمحسوبيات لأن الواسطة أصبحت حاضرة في نجاح بعض الطلبة بأي طريقة دون الالتفات إلى خطورة هذا الأمر الذي يعد سببا رئيسا في تدمير مستوى التعليم والطلبة الذين يجدون أنفسهم أمام صدمة الهبوط فور انتقالهم الى المراحل الدراسية الأخرى، بل يرسبون لضعف قدراتهم في تحقيق درجات تؤهلهم لاستكمال تعليمهم الجامعي.
إن الملف التعليمي الشائك يحتاج الى غربلة ونفضة شاملة وإعادة النظر في كل الأمور المرتبطة به بدءا من مستوى بعض المعلمين مروراً بالمناهج وانتهاء بقضية الدروس الخصوصية التي رغم مخالفتها للقانون فإنها أصبحت أمام مرأى ومسمع الجميع.
إن الإصلاح لا يتطلب إطلاق الأصوات المدوية والمفرقعات والكلام المكرر، بل يحتاج آلية قابلة للتنفيذ بعد الاتفاق على إطار عام لإصلاح الملف التعليمي بمشاركة أصحاب الخبرة الذين همهم الأول والأخير تحسين مستوى الطلبة وتطوير التدريس ونفض الغبار عن بعض المناهج التي أكل الدهر عليها وشرب، وإعطاء هؤلاء صلاحيات واسعة دون أي تدخلات أو ضغوط، على أن تحدد مدد زمنية لوضع تصور متكامل يتم تطبيقه حتى لا يصبح مصيره الأدراج كما هو المعتاد.
آخر السطر:
إن إنقاذ العملية التربوية وتصحيح مسارها إنقاذ لجيل المستقبل حتى لا يتسع المستنقع ويزداد عدد ضحاياه.