تضمن الحوار في برنامج «بدون ورق» مع الشيخ عثمان الخميس العديد من مخاطر الولوج في خلافات وصراعات دينية أهلية وإقليمية– بلا طائل– ممتدة منذ ما يربو على 1400 عام، اللحن التحريضي الفئوي الذي أثاره الشيخ الخميس ليس بمستغرب، فقد دس السم بالعسل ليتناوله الجهلاء والمتعصبون لكلا الفريقين، ويلفظوه للمجتمع أفعالاً إرهابية محتملة وشحناء وبغض في الأنفس السقيمة.

الفتوى والتكفير ليست من مهام (الدعاة)، واجبهم النصح الأخلاقي وتبيان أوامر ومطالب وشروح الكتب العقائدية والفقهية وتجنب التعليق والإشارة للمذاهب المخالفة، وإنه من المُحال والمستحيل أن يتخلى كِلا المذهبين عن حماسه واندفاعه ودفاعه عن مفاهيم ورموز مذهبه الذي نشأ وتربى عليه.

Ad

من مسؤولية السلطة الوقوف على جادة الحياد فيما يخص الاختلاف في المذاهب ومحاسبة المتشددين والمتنطعين، فالدين والمذهب من الحقوق الشخصية للأفراد وترتبط بالنزعة الإيمانية والروابط الأسرية والاجتماعية، ولا يحق للأفراد مهما علت مكانتهم تكفير الآخرين، فصاحب البضاعة يذكر محاسن بضاعته وليس من واجباته النيل أو الإساءة إلى بضاعة الآخرين، والاختيار في العقيدة موكول ومرهون كاختيار شخصي أولاً وأخيرا، وكان المفترض بالشيخ الخميس الاكتفاء بذكر الكتب العقائدية والفقهية ليراجعها الناس بأنفسهم عوضاً عن الطعن بكتب الفرق الإسلامية المتعددة بتعدد التفاسير والشروح.

مقدم البرنامج فيصل العقل، كان سؤاله للشيخ الخميس حول رأيه في الشيعة سؤالاً ملغوماً، ولم يطرح حول فكرة معينة، بل لم يكن له داعٍ أصلاً، ولو كان الضيف شيعياً، فهل كان سيوجه له السؤال ذاته، ما رأيك بالمذهب السني؟!

واقعاً، عوامل الخلاف بين المذهب الشيعي والسني متأصلة سياسيا أكثر منها مذهبياً، وهي قابلة للانفجار- بلا مبالغة- من مستصغر الشرر، يا شيخ عثمان الخميس يكفي أنك شرعت الباب فانظر النقاشات العقيمة للعوام في وسائل التواصل الاجتماعي يريدون أن يفكوا عقدة المعادلة التي لم يحل شفرتها كل العلماء والفقهاء والفلاسفة الراحلين منذ 1400 عام، الأدهى أن الشباب بدأ كل منهم يستخدمون الأدوات نفسها ضد الآخر: كتبنا وكتبكم، تفاسيرنا وتفاسيركم، أحاديثنا وأحاديثكم، رواتنا ورواتكم، وبالأخير ننسى ونتغافل أن وطننا ووطنكم، الكويت، بأمس الحاجة لكم جميعاً.