حذرت الذراع الاقتصادية للأمم المتحدة من أن البنوك المركزية تخاطر بدفع الاقتصاد العالمي المتعثر إلى ركود كامل ما لم تخفف أهداف التضخم البالغة 2% وتتبنى موقفاً أكثر دعماً للنمو.
وفي إشارة إلى أدلة على أزمة ديون تلوح في الأفق في الدول الفقيرة، ذكرت الأمم المتحدة، أن الزيادات الحادة في أسعار الفائدة من البنوك المركزية الكبرى منذ عام 2021 أدت إلى زيادة عدم المساواة وخفض الاستثمار، لكنها أثبتت أنها سلاح فادح لمكافحة التضخم.
وقال التقرير السنوي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد» ومقره جنيف، إن النمو العالمي من المتوقع أن يتباطأ من 3% في عام 2022 إلى 2.4% في عام 2023، مع عدم وجود مؤشرات تذكر على انتعاش العام المقبل، وفقاً لما نقلته صحيفة «التليغراف»، واطلعت عليه «العربية.نت».
وذكر مدير قسم العولمة واستراتيجيات التنمية في «أونكتاد»، ريتشارد كوزول رايت: «أن الاقتصاد العالمي يتعثر، حيث تتأرجح أوروبا على حافة الركود، وتواجه الصين رياحاً معاكسة قوية، وتعود الضغوط المالية إلى الظهور في الولايات المتحدة»، مضيفاً أنه «في هذه اللحظة، الضغط على المكابح المالية والحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة هو مزيج سياسي خاطئ لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد العالمي».
إلى ذلك أفادت «أونكتاد»، بأن الاقتصاد العالمي «على مفترق طرق» وأن الدول الفقيرة تتضرر بشكل غير متناسب من ارتفاع أسعار الفائدة في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة، وهددت فجوة الثروة الآخذة في الاتساع بتقويض الانتعاش الاقتصادي الهش وتطلعات الدول النامية لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
وأورد تقرير التجارة والتنمية لعام 2023: «أن أعباء الديون، وهي العبء الصامت على العديد من البلدان النامية، تظل مصدر قلق كبير» مستطرداً: «لقد اجتمع ارتفاع أسعار الفائدة وضعف العملات وتباطؤ نمو الصادرات لضغط الحيز المالي لتلبية الاحتياجات الأساسية، مما أدى إلى تحويل عبء خدمة الديون المتزايد إلى أزمة تنمية تتكشف».
وحذرت المنظمة التابعة للأمم المتحدة من أن ما يقرب من ثلث «الاقتصادات النامية» ذات الدخل المنخفض أو المتوسط الأدنى كانت على شفا أزمة الديون، وقالت، إن معالجة هذه القضية أمر بالغ الأهمية لأن تلبية مطالب دائنيها «تسحق الكثير من البلدان النامية».
وأضافت «أونكتاد» أن التضخم انخفض من أعلى مستوياته في أواخر عام 2022، لكن انخفاضه كان متفاوتاً ونتج إلى حد كبير عن تخفيف الضغوط في جانب العرض، موضحة أن الارتفاع الأخير في أسعار النفط سيزيد من مخاوف تكلفة المعيشة في وقت عندما كان نمو الأجور غير الكافي يضغط على ميزانيات الأسر.
وقالت «أونكتاد»: «لم تساهم السياسة النقدية المتشددة حتى الآن إلا قليلاً في تخفيف الأسعار وبتكلفة باهظة من حيث عدم المساواة وإلحاق الضرر بآفاق الاستثمار». «يجب على محافظي البنوك المركزية تخفيف هدف التضخم البالغ 2% والاضطلاع بدور أوسع لتحقيق الاستقرار».
وذكر التقرير أن الحد من عدم المساواة يجب أن يكون أولوية سياسية في الدول المتقدمة والنامية، مع مراقبة دقيقة لحصة العمال من الدخل القومي. وقال، إن الأجور الحقيقية -المعدلة حسب التضخم- يجب أن تزيد بما يتماشى مع نمو الإنتاجية، مع التزامات ملموسة تجاه الحماية الاجتماعية الشاملة.
وذكرت الأمينة العامة لـ«أونكتاد»، ريبيكا غرينسبان أنه «لحماية الاقتصاد العالمي من الأزمات النظامية في المستقبل، يجب علينا تجنب أخطاء السياسة التي ارتكبت في الماضي وتبني أجندة إصلاح إيجابية».
وتابعت: «نحن بحاجة إلى مزيج متوازن من السياسات المالية والنقدية وتدابير جانب العرض لتحقيق الاستدامة المالية وتعزيز الاستثمار الإنتاجي وخلق فرص عمل أفضل. ويتعين على التنظيم أن يعالج أوجه عدم التماثل العميقة في النظام التجاري والمالي الدولي».