المعاشات الاستثنائية بين القانون والتطبيق

نشر في 06-10-2023
آخر تحديث 05-10-2023 | 19:13
 فهد العازمي

تمثل المعاشات الاستثنائية موضوعاً حائراً ومثيراً للجدل في الساحة المحلية، حيث أثارت تساؤلات حول مبررات وجدوى منحها، خصوصاً أن بعض الناس يرى فيها نوعاً من التفضيل والمحاباة، وفكرة المعاشات الاستثنائية تأسست على أساس قانوني عند إنشاء نظام التأمينات الاجتماعية الذي أقر عام 1976، حيث منح القانون الحق لرئيس الوزراء في منح المعاشات الاستثنائية بموجب المادة (80) من قانون التأمينات الاجتماعية، وعلى الرغم من أهمية هذه المادة فإنها لا تتضمن ضوابط محددة بخصوص المبلغ أو آلية الاستحقاق، مما يترك مجالاً واسعاً للتقدير الشخصي.

الهدف الأصلي من هذا القانون كان نبيلاً وإنسانياً، إذ كان يهدف إلى دعم المواطنين الذين لم يتمكنوا من الحصول على معاش تقاعدي كامل، أو الذين بحاجة إلى مساعدة مالية بسبب ظروف اجتماعية أو قانونية خاصة، ومع ذلك كانت هناك حاجة ماسة لضوابط ومعايير واضحة تحدد الشروط والمعايير اللازمة للحصول على هذه المعاشات، لضمان تحقيق العدالة والشفافية.

ومن هنا تأتي الأهمية الحقيقية للتساؤل: هل يتم التعامل مع القانون وفقاً لروحه وأهدافه الأصلية؟ أم أنه أصبح وسيلة لتحقيق مصالح شخصية؟ وعندما يمنح عضو في مجلس الأمة معاشاً استثنائياً، هل يمكن أن يؤثر ذلك في قراراته ومواقفه البرلمانية؟

يجب على الحكومة والمؤسسات المعنية التفكير جدياً في إعادة النظر في قوانين وضوابط المعاشات الاستثنائية لضمان تحقيق العدالة والمساواة، حيث يتطلب ذلك إقرار تعديلات تشريعية تضع ضوابط واضحة ومحددة تنظم منح هذه المعاشات وتحدد الشروط والمعايير اللازمة للحصول عليها، لتجنب أي تفضيل أو محاباة.

في النهاية يتطلب الأمر نظرة نقدية عميقة ومراجعة شاملة للقانون وتطبيقاته، لضمان استخدامه بما يخدم مصلحة المواطن العامة، وليس لتحقيق مصالح ضيقة، ومهما كانت النتائج فإن الشفافية والنزاهة يجب أن تكونا في صميم أي قرار يتعلق بموارد الدولة وحقوق المواطنين.

أخيراً، إعادة النظر في القوانين المتعلقة بالمعاشات الاستثنائية تعد خطوة ضرورية نحو تحقيق المزيد من العدالة والإنصاف في المجتمع، ومع ذلك يثار سؤال: لماذا كثر النقاش حول هذا القانون في الآونة الأخيرة، على الرغم من أنه ليس جديداً وليس حديث الساعة؟ ولماذا لم تسع المجالس البرلمانية السابقة لمعالجة هذه المشكلة بدلاً من طرحها للإعلام؟ دعونا نترك هذا السؤال للقارئ.

back to top