دمج الهيئات... إصلاح للميزانية وتقليص للجهاز الإداري
• الحكومة تعاني التشابك بين بعض الجهات المتشابهة وعرقلة المشاريع
من عام لآخر، تُطرح قضية دمج الهيئات الحكومية المتشابهة على طاولة الاجتماعات والخطط للمناقشة، بهدف الترشيد وتقليص نفقات الميزانية دون اتخاذ قرار فعلي بهذا الشأن، وسط اعتراف حكومي بوجود تداخل في الاختصاصات.
وقدمت الحكومة تقارير عدة لدمج الكيانات الحكومية المتشابهة، وتمت مناقشة ذلك في خطتها التي طرحتها أخيراً وسط إصرارها على تنفيذ هذا المشروع لما له من فوائد عديدة، إذ اشتكت من تشابك بعض الجهات.
وقالت مصادر مطلعة لـ «الجريدة» إن التوجّه الحكومي هذه المرة فيما يتعلق بالدمج جاد لتنفيذه بين الجهات المتشابهة في الاختصاص، باعتباره الحل الأمثل لفك التشابك وتسريع الإنتاجية، خصوصاً عقب إدراجها مشاريع ضخمة تحتاج إلى تنفيذ.
ومن المنظور الاقتصادي، فإن العديد من الهيئات تحتاج إلى الدمج فعلياً من منطلق إصلاح الموازنة، لاسيما أن هناك قائمة طويلة من الهيئات والأجهزة الحكومية التي يجب دمجها، تخفيفاً لطول إجراءاتها وضخامة أجهزتها الإدارية.
تقليص الجهاز الإداري
وبينت مصادر مطّلعة لـ «الجريدة» أن عملية الدمج لأكثر من 16 جهة حكومية من شأنها تسريع عملية التنمية وتقليص الجهاز الإداري في الجهات الحكومية، مما يسهم بالتالي في تسريع تنفيذ المشروعات المدرجة وفق الخطة أخيراً، اختصاراً للدورة المستندية التي يمرّ بها المشروع من متخذي القرار.
وقالت المصادر، إن الدمج يجب أن يتم للجهات التي لم تحقق الإنجازات أو تحقق أهدافها المنشودة عند إنشائها، كي لا تكون عبئاً على الدولة مستقبلاً، خصوصاً أن هناك توجهاً لرفع كفاءة الجهات الحكومية وإنتاجيتها من خلال تسهيل التحول الرقمي وخلق ثقافة مهنية تسعى إلى التقدم والتطوير.
وأعلنت الحكومة صراحة أن هناك تشابكاً قانونياً وإدارياً بين بعض الجهات الحكومية، مما أدى إلى غياب الرؤية الواضحة لدى مستثمري القطاع الخاص المطلوب مساهمته في تنمية المشاريع الاقتصادية للدولة.
وبذلك تضع الحكومة يدها على مواضع الخلل والعلاج، لاسيما أنها ذكرت أنه لمعالجة التداخل في الاختصاصات يجب إجراء دمج شامل لبعض الجهات ذات الصلة من خلال مشروع بقانون جديد.
وكانت لدى الحكومة خطة لدمج الهيئات التابعة لها، وتضمنت الخطوات التنفيذية نحو دمج الهيئات الحكومية ذات الاختصاصات المتشابهة، وتضم 5 أهداف، أولها ترشيق الهيكل الحكومي، وترشيد الإنفاق، وتوحيد الإحصاءات الرسمية، وزيادة الإنتاجية، وتجنب ازدواجية العمل.
وأنبثقت أولى أفكار دمج الجهات الحكومية عندما أتت ضمن مضامين وثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي عام 2016، حيث اعتمد مجلس الوزراء في اجتماعه رقم 22/ 2016 المنعقد بتاريخ 23 مايو 2016 توصية اللجنة الوزارية للشؤون الاقتصادية باجتماعها رقم 16/ 2016 المنعقد بتاريخ 19 مايو 2016 في شأن التوجهات المعتمدة بدمج بعض الهيئات والمؤسسات والجهات الحكومية، حيث أصدر المجلس قراره 720 بتكليف هيئة تشجيع الاستثمار المباشر بالتنسيق مع كل من هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص والجهاز الفني لبرنامج التخصيص، ومن تراه الجهات والمختصين، لإجراء الدراسة الفنية الخاصة بإمكانية دمج الجهات المذكورة، وموافاة المجلس بمذكرة شاملة تتضمن تصوّراتها ومقترحاتها في هذا الخصوص، علاوة على الآليات المناسبة لتنفيذ في هذا الشأن.
من جانب آخر، بيّن مختصون أن عملية الدمج ليست لزاماً أن تكون ناجحة بشكل ناجح، لاسيما أنه سيكون لزاماً على الجهات الحكومية التي تنوي الاندماج تقديم دراسات ورؤى وأفكار حول نجاح العملية أم لا، ودراسة جميع الجوانب الفنية والإدارية والقانونية، وبحث مدى إمكانية أن تتحقق العملية دون مثالب أو عرقلة فنية للمشاريع، خصوصاً أن هناك جهات ترتبط بها أراض ستخصص خلال الفترة المقبلة وأخرى صميم عملها الخصخصة وثالثة تشرعن القوانين اللازمة أو تستخرج التراخيص، وتعفي الشركات من الضرائب، لذا فإن عملية الدمج تحتاج إلى دراسات مكثفة على الصعد كافة.
عوائق تشريعية
ورأوا أن تنفيذ الدمج يحتاج إلى دراسة فنية من الناحية التشريعية وإزالة العوائق الموجودة، كما دعت السلطة التشريعية إلى ضرورة الأخذ بتوصية ديوان المحاسبة بدمج الجهات المتشابهة، لاسيما أن إجراء الدمج بين الجهات يقلّص المصروفات ويوقف تضخم هيكل الدولة الإداري.