المخابرات المصرية: إسرائيل تجاهلت تحذيراتنا بشأن «شيء كبير سيحدث»
كشف مسؤول مخابرات مصري النقاب عن أن «إسرائيل» تجاهلت تحذيرات متكررة بشأن «شيء كبير سيحدث في غزة وقللت من شأن هذه التحذيرات».
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول المخابرات المصري، قوله «إن إسرائيل ركزت على الضفة الغربية بدلاً من غزة، وأن الأسئلة المتزايدة تفاقمت حول فشل المخابرات الإسرائيلية الهائل في توقع هجوم مفاجئ لحماس والاستعداد له يوم الإثنين».
وقال المسؤول المصري «إن مصر، التي تعمل في كثير من الأحيان كوسيط بين إسرائيل وحماس، تحدثت مراراً وتكراراً مع الإسرائيليين حول شيء كبير، دون الخوض في التفاصيل».
وأضاف «إن المسؤولين الإسرائيليين يركزون على الضفة الغربية وقللوا من شأن التهديد القادم من غزة، لقد حذرناهم من أن انفجاراً للوضع قادم، وقريب جداً، وسيكون كبيراً».
وقال المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخوّل بمناقشة محتوى المناقشات الاستخباراتية الحساسة مع وسائل الإعلام، لوكالة أسوشييتد برس «لقد قللوا من شأن هذه التحذيرات».
وتابع «بالنسبة للفلسطينيين في غزة، فإن أعين إسرائيل لا تبتعد كثيراً أبداً، طائرات المراقبة بدون طيار تحلق باستمرار في السماء، والحدود شديدة التأمين مليئة بالكاميرات الأمنية والجنود الذين يحرسونها، وتعمل وكالات الاستخبارات على مصادر وإمكانات سيبرانية لاستخلاص المعلومات، لكن يبدو أن عيون إسرائيل كانت مغمضة في الفترة التي سبقت الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس، والذي اخترقت الحواجز الحدودية الإسرائيلية وأرسلت مئات الإرهابيين إلى إسرائيل لتنفيذ هجوم وقح أدى إلى مقتل أكثر من 700 شخص وإصابة أكثر من 2000 شخص».
وأشار المصدر ذاته إلى أن وكالات الاستخبارات الإسرائيلية اكتسبت هالة من المناعة على مدى العقود الماضية بسبب سلسلة من الإنجازات.
وقال «لقد أحبطت إسرائيل مخططات تم التخطيط لها في الضفة الغربية، وطاردت نشطاء حماس في دبي، كما أنها اتُهمت بقتل علماء نوويين إيرانيين في قلب إيران، وحتى عندما تعثرت جهودهم، فقد حافظت وكالات مثل الموساد والشين بيت والاستخبارات العسكرية على غموضها، لكن هجوم نهاية الأسبوع، الذي فاجأ إسرائيل في عطلة يهودية كبرى، يلقي بظلال من الشك على هذه السمعة ويُثير تساؤلات حول مدى استعداد البلاد في مواجهة عدو أضعف ولكنه حازم».
وذكر تقرير أسوشييتد برس، أنه «بعد أكثر من 48 ساعة من بدء الهجوم، واصل إرهابيو حماس قتال القوات الإسرائيلية داخل الأراضي الإسرائيلية، وكان أكثر من 100 إسرائيلي محتجزين لدى حماس في غزة».
وقال ياكوف أميدرور، مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو «هذا فشل كبير».
وأضاف «هذه العملية تثبت في الواقع أن القدرات الاستخباراتية في غزة لم تكن جيدة».
ورفض أميدرور تقديم تفسير للفشل، قائلاً إنه يجب تعلم الدروس عندما يهدأ الغبار.
واعترف الأدميرال دانييل هاغاري، كبير المتحدثين العسكريين، بأن الجيش مدين للجمهور بتفسير، لكنه أكد أن الوقت ليس مناسباً الآن، وقال «أولاً، نقاتل، ثم نحقق».
ويقول البعض إنه من السابق لأوانه إلقاء اللوم على الفشل الاستخباراتي فقط، ويشيرون إلى موجة من العنف المنخفض المستوى في الضفة الغربية أدت إلى نقل بعض الموارد العسكرية إلى هناك والفوضى السياسية التي تعصف بالبلاد بسبب الخطوات التي اتخذتها حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة لإصلاح السلطة القضائية.
وهددت الخطة المثيرة للجدل تماسك الجيش الإسرائيلي، الذي يُعتبر جيش الشعب، ولكن من المرجح أن يُنظر إلى الافتقار الواضح إلى المعرفة المسبقة بمؤامرة حماس باعتباره السبب الرئيسي في سلسلة الأحداث التي أدت إلى الهجوم الأكثر دموية ضد الإسرائيليين منذ عقود.
وسحبت إسرائيل قواتها ومستوطنيها من قطاع غزة عام 2005، ما جردها من السيطرة الوثيقة على الأحداث في القطاع.
ولكن حتى بعد اجتياح حماس لغزة في عام 2007، فقد بدا أن إسرائيل تُحافظ على تفوقها، باستخدام الذكاء التكنولوجي والبشري، وزعمت أنها تعرف المواقع الدقيقة لقيادة حماس ويبدو أنها تثبت ذلك من خلال القتل المستهدف لقادة الإرهاب في ضربات جراحية، أحياناً أثناء نومهم في غرف نومهم، لقد عرفت إسرائيل مكان ضرب الأنفاق تحت الأرض التي تستخدمها حماس لنقل المقاتلين والأسلحة، ما أدى إلى تدمير أميال «كيلومترات» من الممرات المخفية، وعلى الرغم من هذه القدرات، تمكنت حماس من إبقاء خطتها طي الكتمان، ويبدو أن الهجوم الشرس، الذي استغرق على الأرجح أشهراً من التخطيط والتدريب الدقيق وتضمن التنسيق بين مجموعات إرهابية متعددة، قد وقع تحت رادار المخابرات الإسرائيلية.
وقال أمير أفيفي، وهو جنرال إسرائيلي متقاعد، إنه بدون موطئ قدم داخل غزة، أصبحت أجهزة الأمن الإسرائيلية تعتمد بشكل متزايد على الوسائل التكنولوجية للحصول على معلومات استخباراتية، وقال إن الإرهابيين في غزة وجدوا طرقاً للتهرب من جمع المعلومات الاستخبارية التكنولوجية، ما أعطى إسرائيل صورة غير كاملة عن نواياهم.
وقال أفيفي، الذي عمل كقناة للمواد الاستخباراتية في عهد رئيس أركان الجيش السابق «لقد تعلم الجانب الآخر كيفية التعامل مع هيمنتنا التكنولوجية وتوقفوا عن استخدام التكنولوجيا التي يُمكن أن تكشفها».
وقال أفيفي وهو رئيس ومؤسس منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي، وهو مجموعة متشددة من القادة العسكريين السابقين «لقد عادوا إلى العصر الحجري»، موضحاً أن «الإرهابيين لم يكونوا يستخدمون الهواتف أو أجهزة الكمبيوتر، وكانوا يقومون بأعمالهم الحساسة في غرف محمية خصيصاً من التجسس التكنولوجي أو يختبئون تحت الأرض».
لكن أفيفي قال إن الفشل يمتد إلى ما هو أبعد من مجرد جمع المعلومات الاستخبارية، وإن أجهزة الأمن الإسرائيلية فشلت في تكوين صورة دقيقة من المعلومات الاستخبارية التي كانت تتلقاها، بناءً على ما قال إنه فهم خاطئ يُحيط بنوايا حماس.
وقد نظرت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في السنوات الأخيرة إلى حماس على نحو متزايد باعتبارها جهة فاعلة مهتمة بالحكم، وتسعى إلى تطوير اقتصاد غزة وتحسين مستوى معيشة سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
لكن أفيفي وآخرين يقولون إن الحقيقة هي أن حماس، التي تدعو علناً إلى تدمير إسرائيل، ترى أن هذا الهدف هو أولويتها، وسمحت إسرائيل في السنوات الأخيرة لما يصل إلى 18 ألف عامل فلسطيني من غزة بالعمل في إسرائيل، حيث يُمكنهم الحصول على رواتب أعلى بنحو 10 مرات من رواتبهم في القطاع الساحلي الفقير.
واعتبرت المؤسسة الأمنية تلك الجزرة وسيلة للحفاظ على الهدوء النسبي، وكتب عاموس هاريل، المعلق الدفاعي، في صحيفة هآرتس اليومية «من الناحية العملية، كان المئات، إن لم يكن الآلاف من رجال حماس، يستعدون لهجوم مفاجئ لعدة أشهر، دون أن يتسرب ذلك».
وكان نتنياهو قد تلقى تحذيرات متكررة من قبل وزراء دفاعه، بالإضافة إلى العديد من القادة السابقين لأجهزة المخابرات في البلاد، من أن الخطة المثيرة للانقسام تعمل على تقويض تماسك الأجهزة الأمنية في البلاد.
وقال مارتن إنديك، الذي عمل كمبعوث خاص للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية خلال إدارة أوباما، إن الانقسامات الداخلية حول التغييرات القانونية كانت عاملاً متفاقماً ساهم في مفاجأة الإسرائيليين، وقال «لقد أزعج ذلك الجيش الإسرائيلي بطريقة أعتقد أننا اكتشفنا أنها كانت إلهاءً كبيراً».