اتسعت دائرة الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد فصائل غزة ردّاً على الهجوم المباغت الذي تعرّضت له السبت الماضي وأوقع نحو 1200 قتيل وآلاف الجرحى، فضلاً عن احتجاز المئات كرهائن، لتشمل 3 جبهات، بعد تعرّضها لقصف من الأراضي السورية وجنوب لبنان أمس.
وفيما توصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى اتفاق مع وزير الدفاع السابق المعارض بيني غانتس لتشكيل حكومة طوارئ، واصلت المقاتلات الحربية الإسرائيلية حملة القصف غير المسبوقة ضد قطاع غزة، لليوم الخامس على التوالي، وأغرقته في الدماء والظلام، بعد توقّف محطة الكهرباء الوحيدة به جراء نفاد الوقود، وفرضت سلطات الاحتلال حصاراً كاملاً، يمنع إدخال أي إمدادات بما في ذلك الغذاء والدواء والمحروقات ومياه الشرب.
وقصفت الطائرات الإسرائيلية عدة أهداف في محيط منطقة الميناء، غرب مدينة غزة، بمادة الفوسفور المحرّمة دولياً.
وقال سلاح الجو الإسرائيلي، إنه دمّر نظاماً رادارياً طوّرته «حماس» ضد الغارات الجوية التي يشنّها على القطاع.
وتحدث عن إصابة 80 هدفاً لـ «حماس» في بيت حانون. كما أغارت الطائرات الإسرائيلية على فرعَي بنك تستخدمهما الحركة لتمويل نشاطاتها في القطاع، ونفق تحت الأرض ومقرَّي قيادة.
ودمّرت الغارات الجامعة الإسلامية التي قال الجيش الإسرائيلي، إنها تعمل كمركز تأهيل وتدريب رئيسي لمهندسي «حماس». وشنّت المقاتلات الإسرائيلية سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا، شمال القطاع الذي تغيّرت ملامحه جراء القصف العقابي المكثف الذي لم تسلم منه المساجد ولا المشافي.
وفي وقت صرح وزير الأمن الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بأن عملية اجتياح قطاع غزة برياً أصبحت وشيكة، وسط مؤشرات عدة ترجّح نية إسرائيل القيام بها، ذكرت القوات الإسرائيلية أنها قتلت 4 مسلحين تسللوا إلى بلدة في منطقة غزة ومعبر إيريز.
وجاء الحديث عن العملية البرية في وقت كثفت الفصائل الفلسطينية استهداف المدن الإسرائيلية برشقات صاروخية.
لليوم الثاني على التوالي، ذكرت «حماس» أنها وجّهت ضربة صاروخية كبيرة إلى تل أبيب وأسدود وعسقلان ومستوطنات غلاف غزة، رداً على «تهجير المدنيين» في القطاع من جراء القصف الجوي المدمر. وتسبب سقوط صاروخ على مطار بن غوريون في منع هبوط طائرات مدنية به وإغلاقه أمس، فضلاً عن تسجيل إصابة مباشرة لمنزل إسرائيلي بصاروخ في عسقلان.
الجولان و«حزب الله»
وعلى جبهة أخرى، أكد الجيش الإسرائيلي إطلاق قذائف صاروخية من سورية، باتجاه الجولان المحتل، وتفعيل صفارات الإنذار في منطقة رمات مغشيميم فجر أمس.
وقال إن «عدداً من القذائف سقط في مناطق مفتوحة داخل إسرائيل». وأضاف أن «الجنود ردوا على القذائف من سورية بالمدفعية وقذائف المورتر».
وعقب القذائف القادمة من سورية بساعات، تفاقم الموقف على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، لليوم الثالث على التوالي.
وردّ الجيش الإسرائيلي بقصف الأراضي اللبنانية بالمدفعية والطائرات المسيّرة، عقب شن «حزب الله» لهجوم بصواريخ موجهة ضد موقع «الجرداح»، وإعلانه أنه أوقع قتلى وجرحى رداً على قتل إسرائيل 3 من عناصره الاثنين الماضي.
وأدى القصف الإسرائيلي إلى إصابة 3 أشخاص في بلدة مروحين اللبنانية، فضلاً عن تضرر 10 منازل بإصابات مباشرة، ووقوع أضرار مادية كبيرة بالممتلكات والحقول الزراعية في المنطقة الحدودية. كما تم استهداف الخزان الرئيسي للمياه الذي يغزّي بلدة يارين.
وبالتزامن مع إرسال الجيش الإسرائيلي تعزيزات عسكرية باتجاه الجولان والحدود اللبنانية، أعلن الجيش اللبناني أنه عثر على منصة إطلاق صواريخ في سهل القليل، استهدفت الجليل الأعلى في إسرائيل، أمس الأول، وأعلنت «حماس» المسؤولية عن إطلاقها.
وبدأت الهجمات على الحدود الشمالية، انطلاقاً من الأراضي اللبنانية والسورية، والتي أسفرت عن مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة العديد منهم، الاثنين الماضي، بهجوم لعناصر من حركة الجهاد.
«حزب الله»
وبالتزامن مع وصول دعم عسكري من الولايات المتحدة إلى إسرائيل، أكد «حزب الله» أنه «لم يفاجأ بالمواقف السياسية والإجراءات الميدانية التي اتخذتها الإدارة الأميركية، لا سيما تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن الأخيرة في الوقوف السافر وإعلان الدعم المفتوح لآلة القتل والعدوان».
وشدد الحزب المتحالف مع إيران على أن «إرسال حاملات الطائرات الأميركية إلى المنطقة بهدف رفع معنويات العدو المحبط وحاجته إلى الدعم الخارجي»، وأكد أن الخطوة الأميركية التي وضعتها واشنطن بخانة ردع إيران والفصائل المتحالفة معها «لن تخيف شعوب أمتنا ولا فصائل المقاومة المستعدة للمواجهة حتى النصر والتحرير».
وأمس الأول، حذّر بايدن كلا من إيران و«حزب الله» اللبناني من الانضمام إلى الحرب، مؤكدا دعمه الراسخ للشعب الإسرائيلي ضد أفعال «حماس» التي شبهها بـ «داعش».
جهود أميركية
وفي وقت أرسلت واشنطن مسؤولين كباراً إلى تل أبيب لمناقشة تطورات الأزمة عشية وصول وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى الدولة العبرية لمتابعة جهود تأمين إطلاق سراح جميع الرهائن من غزة، أفاد مصدران أمنيان مصريان بأن القاهرة ناقشت خططاً مع الولايات المتحدة ودول أخرى لتقديم مساعدات إنسانية عبر حدودها مع قطاع غزة بموجب وقف محدود لإطلاق النار يمتد 6 أيام.
وذكر المصدران، اللذان طلبا عدم نشر اسميهما، أن المساعدات ستمرّ عبر معبر رفح الحدودي بين غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية.
وأضافا أن قطر وتركيا شاركتا في المناقشات. وليل الثلاثاء ـ الأربعاء، ذكر مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أن الولايات المتحدة تُجري مشاورات مع إسرائيل ومصر حول فكرة الممر الآمن للمدنيين في غزة.
وفي مكالمة هاتفية خاصة، أمس الأول، حثّ بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تقليل الخسائر في صفوف المدنيين قُبيل التوغل البري المرتقب الذي تقول إسرائيل إنه يرمي لتدمير «حماس»، ردّاً على أكبر هجوم تتعرّض له الدولة العبرية منذ نصف قرن.
وأفاد مسؤولون أميركيون بأن بايدن، في حديثه مع نتنياهو، كان أكثر مباشرة مما كان عليه في دعوات سابقة مفادها أن الجيش الإسرائيلي يجب أن يبذل قصارى جهده لتجنّب سقوط ضحايا من المدنيين، وتشير رسالة بايدن إلى أن البيت الأبيض سيكون منتبهاً لأيّ رد فعل إذا نُظر إلى إسرائيل على أنها تستخدم القوة المفرطة، مما يؤدي إلى مقتل النساء والأطفال وغير المقاتلين. وأوضح بايدن في خطاب مدته 10 دقائق، أمس، بعد مكالمته الهاتفية مع نتنياهو أنه يقف إلى جانب إسرائيل، وسيلتزم بتقديم مساعدات عسكرية لحماية البلاد من الهجمات المستقبلية.
ضحايا القصف
في غضون ذلك، أفادت وزارة الصحة الفلسطينية بمقتل 1055 وإصابة 5184 في القطاع منذ بداية الحرب، ودعا «الصليب الأحمر» إسرائيل و«حماس» إلى اتخاذ كل الخطوات الممكنة لمنع وقوع المزيد من الضرر على المدنيين. وإضافة إلى ذلك لقي 16 فلسطينياً مصرعهم برصاص إسرائيلي، منذ السبت الماضي، جراء اشتباكات وهجمات على حواجز في الضفة الغربية المحتلة.