في وقت تنعقد قمّة المناخ (COP 27) في شرم الشيخ، وتتداعى المناشدات العالميّة للحدّ من تداعيات تغيّر المناخ وآثاره الداهمة، تثابر أكاديميّة لوياك للفنون (لابا) على تنفيذ البرامج النموذجيّة من أجل الحفاظ على بيئة الكويت، وبالتالي تعزيز الوعي البيئي والمسؤوليّة المجتمعيّة لدى الشباب الكويتي والعربي.

وفي هذا الإطار، احتفلت أكاديميّة «لابا» باختتام برنامج «درب الأخضر» الذي نُفّذ بالتعاون مع محمية «شباب الشامية» وتحت رعاية مجموعة «كوت» الغذائية، حيث تمّ تخريج الدفعة الأولى من المتدرّبين الذين تراوحت أعمارهم بين 16 و22 سنة، وذلك بعد شهر من الجهود والفعاليّات والأنشطة التدريبيّة. وتخلّل حفل الاختتام توزيع مكافآت نقديّة وشهادات خبرة على الخرّيجين والخرّيجات. ونال كلّ متخرّج أنجز سبعين ساعة من العمل الزراعي شهادة «حامي البيئة»، إضافة إلى مهام ومزايا مستقبليّة تخوّله المشاركة في أنشطة «لابا» وبرامجها البيئيّة.

وكان برنامج «درب الأخضر» جاء ترجمة لسعي «لابا» وحرصها على تحقيق أهدافها البيئيّة الاستراتيجيّة. وتضمّن جلسات تدريبيّة بمعدّل أربع ساعات يوميًّا، حيث تولّى الخبراء والأساتذة المتخصّصون تقديم محاضرات موجّهة لرفع الوعي حول القضايا البيئيّة وتداعيات التغيّر المناخي وسبل تنشيط القطاع الزراعي.
Ad


السقاف والأولويّات

وفي كلمتها، شكرت رئيسة مجلس إدارة «لابا» فارعة السقاف مجموعة «كوت» على رعايتها: فقد آمنتْ برؤيتنا وأصبحت شريكا استراتيجيًّا لـ «لوياك» منذ نشأتنا في عام 2002. وكان أن جدّدت إيمانها برؤيتنا البيئيّة واستراتيجيّتنا الخضراء، وشاركتنا الأهداف. فكانت أوّل حليف استراتيجيّ في الجيش البيئيّ الأخضر الذي نأمل أن نحشد له أكبر عدد ممكن من المتطوّعين والمتدرّبين والعاملين في القطاع الزراعي. وأضافت: نحتفل اليوم بتخريج أوّل دفعة من متدرّبي درب الأخضر، حيث حفّزنا الشباب على اختبار العمل الزراعي كحرفة، وذلك بالتزامن مع احتفالنا بعيدنا العشرين. فعلى مدى عشرين عاما نجحت «لوياك» في تمكين آلاف الشباب الكويتي والعربي وحثّهم على التحلّي بمسؤوليّة ووعي أكبر في سبيل خدمة أوطانهم. كما أثمرت مؤسّسة تدريبيّة محترفة تقدّم مجموعة من البرامج المتخصّصة في التنمية البشرية، تتبعها كيانات متخصّصة في تنمية مهارات الرياضة والفنون والإعلام وإدارة المنشآت. فكان أن امتدّت خدماتها لتشمل الأردن ولبنان واليمن.

وتابعت السقاف: ارتأينا وزميلاتي عضوات مجلس الإدارة، الاحتفال بعيد «لوياك» العشرين من خلال المزيد من المشاريع والبرامج التنمويّة الضروريّة لمجتمعنا. فاعتمدنا المشروع البيئي الأخضر تحت عنوان «لوياك للمساحات الخضراء».

واستعادت رئيسة مجلس إدارة «لابا» بدايات «لوياك»، قائلة: طرحنا حينها برنامجنا الصيفي الذي كان برنامجا لافتًا يوفّر فرصًا فريدة لتطوير مهارات الشباب، من خلال إتاحة التدريب المهني لطلاب الجامعات وتلامذة المرحلة الأخيرة من التعليم الثانوي، ما يساهم في بناء قدراتهم وتمكينهم قبل دخولهم سوق العمل ومجال التطوّع، وبالتالي تأهيلهم عاطفيًّا ونفسيًّا لخوض تجارب الحياة. وقد تمكّن البرنامج من تغيير المفاهيم النمطية السائدة ورسم صورة جديدة، دفعت الشباب الكويتي إلى العمل في قطاع الضيافة، سواء في المطاعم أو الفنادق. وكانت شركة «كوت» شريكًا أساسيًّا في هذا البرنامج، بحيث فتحت أبوابها أمام طلاب «لوياك»، وثابرت على تدريبهم ضمن مطاعمها.

وتوجّهت السقاف بالشكر إلى أديبة الفهد، إحدى مؤسّسات فريق المحمية، واصفةً إيّاها بـ «السيّدة العظيمة والأم الروحيّة لمحميّة الشاميّة». كما حيّت «جهود حمد الكليب وأنس بورحمة من فريق عمل المحميّة، بحيث استجابا لرغبتنا من دون أيّ تردّد. والشكر موصول لفريق (لابا) الذي سارع لتنفيذ كلّ الإجراءات الإداريّة والتسويقيّة المطلوبة لجهوزيّة المتدرّبين وانطلاقة البرنامج في غضون أقلّ من شهر».

مشاركة الشباب

بدورها، تحدّثت الأستاذة أديبة الفهد عن أهميّة التعاون الذي يجمعهم مع أكاديميّة «لابا»، لا سيّما من خلال برنامج «درب الأخضر». الأمر الذي «يعكس استراتيجيّتنا وإيماننا العميق بالمسؤوليّة المجتمعيّة وضرورة إشراك الشباب الكويتيّ في القضايا البيئيّة ومجمل المسائل الحيويّة الملحّة».

ولفتت إلى أنّ «درب الأخضر» برنامجٌ «متميّزٌ يتلاقى مع الدعوات العالميّة للحدّ من الاحتباس الحراري وتداعيات التغيّر المناخي، ويأتي اختتامه بالتزامن مع انعقاد قمّة المناخ في شرم الشيخ في جمهوريّة مصر العربيّة. ولعلّ إحدى أبرز الأولويّات اليوم تكمن بأهميّة اتّخاذ خطوات جديّة ملموسة من أجل حماية الموارد البيئيّة والطبيعيّة وحفظ الكوكب وضمان الاستدامة والحياة». وإذ أشادت بـ «المشاركين واندفاعهم للتعلّم واكتساب سلوكيّات وأساليب صديقة للبيئة»، رأت الفهد في البرنامج «بارقة أمل نحو مستقبل أخضر».

هاجس الأمن الغذائي

بدوره، تطرّق الرئيس التنفيذي لشركة مجموعة «كوت» الغذائية، أمين محمد، إلى «إشكاليّة التغيّر المناخي بوصفه خطرًا حقيقيًّا داهمًا، يهدّد مستقبل البشريّة جمعاء. فالأمن الغذائي بات هاجسًا عالميًّا، وكذلك الأمن المائي، خصوصًا في ظلّ تداعيات الأزمات العالميّة المتتالية واستمرار ارتفاع درجات الحرارة فوق معدّلاتها الطبيعيّة. من هنا أهميّة تكثيف جهود التنمية ورفع الوعي وتحفيز الشباب الكويتي والعربي على حماية بيئتهم، باعتبارها منفذهم ومنفسهم الوحيد، وإلا الجوع والكوارث الطبيعيّة والبيئيّة».

وركّز على «أهميّة تعزيز الإنتاج الزراعي والحفاظ على كميّة المحاصيل ونوعيّتها، لا سيّما وسط ما نشهده من موجات جفاف وتصحّر وفيضانات في أكثر من دولة. وتشكّل هذه القضية إحدى الأولويّات التي تندرج ضمن استراتيجيّة (كوت) الغذائيّة. فقد حرصنا طيلة السنوات الماضية على نسج علاقات وطيدة مع مؤسّسة (لوياك)، باعتبارها إحدى المؤسّسات الكويتيّة العريقة التي نتشارك معها الرؤى والأهداف، والتي لم تتوانَ يومًا عن تعزيز مفهوم الخدمة المجتمعيّة. فكان أن تخطّت بإنجازاتها الإنسانيّة حدود الوطن».

مسؤوليّة شبابية

وتحدّث باسم الطلاب الخرّيجين، حمد الكليّب، المدرّب والمشرف على طلاب «درب الأخضر» من محمية «شباب الشامية»، فأشار إلى أنّ «الجيل الشبابي يتحمّل مسؤوليّة كبيرة لناحية المساهمة في الحدّ من تبعات التغيّر المناخي. ولعلّ مشاركتهم في برنامج (درب الأخضر) خطوة نحو المزيد من الابتكارات والجهود والمبادرات البيئيّة. فقد اكتسبوا خلال الورش التدريبيّة التي تضمّنها البرنامج، العديد من المهارات والخبرات حول سبل الحدّ من الاحتباس الحراري في الكويت والتكيّف مع تداعياته، إلى جانب إتقان أساليب زراعيّة مبتكرة تعتمد الإنتاجيّة الأعلى والأكفأ، بكلفة أقلّ وبطرق صديقة للبيئة. كما تعمّقوا في مفهوم إعادة التدوير وآليات التخلّص من النفايات بطريقة آمنة، أضف إلى الآثار المترتّبة عن التلوّث والاحترار العالمي، ودورهم كشباب في زيادة الوعي البيئي وترجمة المفاهيم والآليات على أرض الواقع».

تجربةٌ استثنائيّة واكتساب مهارات
أبدى المشاركون إعجابهم بما قدّمه البرنامج من منهجيّات وآليات وخبرات نوعيّة، بحيث أشادت غنيمة المسباح بالجلسات التدريبيّة المتعلّقة بالزراعة، قائلة: اشتركتُ في البرنامج بهدف تطوير مهاراتي في الزراعة المائية والإلمام بالطرق الأمثل لتكاثر النباتات، ابتداءً من المنزل ولاحقًا على نطاق المجتمع. كما عمل المدرّبون على تمكيننا من أسس إعادة تدوير البلاستيك وغيره. لقد كانت فعلاً فرصة لزيادة وعينا المجتمعي حول سبل تخفيف الاحتباس الحراري في الكويت. ولا يسعنا سوى تقديم الشكر لأكاديميّة «لابا» على مبادرتها الكريمة.

وفي إفادتها، قالت نور أبودقر: الجميل في البرنامج يكمن في التطبيق النظري إلى جانب العملي، بحيث تعرّفنا على إمكانيّة الزراعة حتّى في المناخ الصحراوي، وأهمية زيادة الوعي البيئي والاستفادة من مفهوم إعادة التدوير.

وفي سياق متّصل، تحدّث عبدالعزيز الكندري عن تجربته الرائعة والمثمرة في البرنامج: فقد اكتسبنا مهارات عدّة متعلّقة بالزراعة وعمليات إعادة التدوير، باستخدام مختلف المواد والنفايات، وأدركنا أهميّة مشاركتنا في هذا البرنامج المفيد.