أقيمت في جمعية الفنانين الكويتيين بقاعة «شادي الخليج» في المبنى الجديد للجمعية بالمرقاب، أمسية بعنوان «لمسة وفاء»، أضاء خلالها المشاركون على منارتين من منارات الكويت الفنية والثقافية، هما: الفنان عبدالكريم عبدالقادر، والشاعر الغنائي يوسف ناصر، ليستذكروا رحلتهما الطويلة والحافلة في تاريخ الأغنية والمفردة الكويتية الأصيلة.

شارك في الأمسية، التي أدارها نائب رئيس مجلس الإدارة في جمعية الفنانين، الملحن أنور عبدالله، وتحدَّث فيها الوكيل المساعد لشؤون الإذاعة والباحث في التراث الكويتي د. يوسف السريع، والشاعر بندر المطيري، والفنانة هناء العشماوي.

Ad

الأعلام الكويتية

في البداية، أثنى السريع على سيرة ومسيرة عبدالقادر وناصر، مؤكداً أنهما من الأعلام الكويتية الحقيقية، واصفاً عبدالكريم بأنه رمز من رموز الأغنية الكويتية، ومرجع لألوان الغناء العربي، في حين أشار إلى أن ناصر من الشعراء المميزين جداً، «فهو لا يُقلِّد ولا يُقلَّد، حيث اعتاد على نسج كلماته بأسلوب السهل الممتنع، رغم أنه كان يهوى التلحين والموسيقى في بداياته، لكن الملحن الراحل أحمد باقر نصحه بكتابة الشعر وتأجيل التلحين لفترة، إذ خاطبه بالقول: (أنت شاعر جميل، خلك في الكتابة)».

وذكر السريع أن «ليالي الأمان» من القصائد التي غناها عبدالقادر لناصر، وكانت من ألحان عبدالرحمن البعيجان، حيث نالت شهرة واسعة في حينها، إلى حد أن الشاعر عبدالله العتيبي أشاد كثيراً بشاعرها.

وأضاف: «لا يوجد فنان في الكويت إلا وكان للشاعر يوسف ناصر بصمة في أغانيه، حيث تعاون مع نخبة من المطربين والملحنين، منهم: إبراهيم الصولة، وحسين جاسم، وخليفة بدر، وراشد سلطان، وعباس البدري، وغيرهم الكثير». وعرج السريع على مشوار عبدالقادر، مؤكداً أن «بوخالد» يمتلك كاريزما خاصة به، «فهناك أشخاص يدخلون القلب بحضورهم وتأثيرهم، وهذا ما تجلَّى بـ (الصوت الجريح) في كل أغانيه، حيث تأثرت به على الصعيد الشخصي، فكنت أستمع لأغانيه الطويلة، من دون ملل، فضلاً عن أعماله الوطنية والرياضية، لاسيما أغنية (توكل يالأزرق على الله)، والتي أشعلت الحماسة في نفوس الجماهير خلال تأهل المنتخب الوطني لكأس العالم».

من جهتها، قالت الفنانة هناء العشماوي: «الشاعر يوسف ناصر والفنان عبدالكريم عبدالقادر من الأصدقاء الأعزاء الذين رافقتهم طوال عمري، إذ كنت أتواجد في أغلب التسجيلات التي قاما بتسجيلها في الإذاعة، شعراً أو غناءً». وأضافت: «هذا الثنائي الذي أسعدنا لعقود من الزمن لم يمت، بل لايزال يعيش معنا، من خلال الكلمات والألحان التي قدَّمها، وسيبقى خالداً إلى الأبد».

بدوره، تحدَّث الملحن أنور عبدالله، قائلاً: «عبدالكريم عبدالقادر غنَّى 28 أغنية من كلمات يوسف ناصر، عدا الأغاني الخاصة والأوبريتات، مثل أغنية (طيف الأحبة) ألحان أحمد باقر، وأغنية (بوعيون فتانة)، وأغنية (اشحدا ما بدا لك)، وهذه الأغاني تم تسجيلها بين عامي 1968 و1969، واستمر التعاون بينهما لسنوات طوال، فكانت (الوجه الصبوحي)، و(يكفي خلاص)، آخر الأعمال التي جمعت بينهما».

وتابع عبدالله: «كما شدا عبدالكريم في بداياته بأغنية دينية بعنوان (شوقي سعى بي إلى المدينة)، كلمات الشاعر محمد محروس، وألحان يوسف المهنا».

في غضون ذلك، قال الشاعر بندر المطيري إن عبدالقادر وناصر وجهان لعملة واحدة في إثراء الحركة الفنية والثقافية في الكويت، فكلاهما يكمل الآخر، و«هذا ما شهدناه منذ بداية مسيرتهما، التي امتدت لأكثر من 50 عاماً، خصوصاً أن بدايتهما في ساحات الغناء كانت متقاربة في منتصف ستينيات القرن الماضي، كما جمعت بينهما أعمال خالدة لاتزال محفورة في الذاكرة».

وأردف: «عبدالكريم يمتاز بحس فني كبير، وهو ذكي جداً في اختياراته. ففي كل محطة من محطاته الفنية شكَّل فريقاً مميزاً ومهماً، حيث شهدت محطته الأولى في الستينيات تعاوناً جميلاً مع الشاعر ناصر والملحن البعيجان، وفي المحطة الثانية خلال منتصف السبعينيات، التقى الموسيقار د. عبدالرب إدريس، والشاعر بدر بورسلي، إلى جانب الشاعر عبداللطيف البناي، وقدَّموا العديد من الأعمال الخالدة».

وتابع: «أما المحطة الثالثة في أوائل الثمانينيات، فقد تعاون مع الملحنين راشد الخضر وأنور عبدالله وسليمان الملا، وكان يتقبل الفكر الجديد والتعاون مع المبدعين الشباب».

واستذكر المطيري مآثر الشاعر يوسف ناصر، قائلاً: «كان، رحمه الله، كريماً في كل شيء، حيث اتخذ من ديوانه ملتقى ثقافياً لكل الأدباء والشعراء والصحافيين الكويتيين والعرب، ولم يبخل على أحد في حياته بأي شكل من أشكال الدعم».