قال صندوق النقد الدولي، أمس، إن الأنشطة غير النفطية ستكون المحرك الرئيسي للنمو بدول مجلس التعاون الخليجي في 2023 وسنوات لاحقة، لكنها لن تعوض بشكل كامل تراجع نمو النفط على المدى المتوسط.
وأوضح الصندوق في تقريره عن آفاق الاقتصاد الإقليمي أنه من المتوقع تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي بدول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للنفط والغاز في 2023 إلى 1.5 بالمئة مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للنفط، بسبب تخفيضات إنتاج الخام وانخفاض الأسعار، ويُتوقع أن يتعافى النمو الإجمالي إلى 3.7 في المئة العام المقبل.
وقد يبلغ النمو غير النفطي 4.3 في المئة في 2023، و4 في المئة في العام المقبل.
وجاء في التقرير أنه «من المتوقع أن يكون النشاط غير النفطي المحرك الرئيسي للنمو (في المنطقة)».
لكن ذلك لن يعوض بشكل كامل انخفاض نمو النفط على المدى المتوسط، «مع استمرار فجوات الإنتاج بالقطاع غير النفطي، بما يفرض تحديات أمام توفير فرص عمل وعمليات دمج».
وتوقع التقرير أن يتراجع النمو بدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 2 في المئة خلال 2023، على خلفية الحروب والتوترات الجويسياسية وخفض إنتاج النفط وتشديد السياسات النقدية.
وأكد الصندوق في تقرير حول «آفاق النمو في منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا» نشر على هامش الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدولي بمراكش، أن الحرب في السودان تؤثر في هذا الأداء «مع تأثيرها على حياة وسبل عيش كثيرين ودفعهم إلى النزوح متسببة باضطرابات اقتصادية حادة».
وجاء بالتقرير «في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ إلى 2 في المئة مقارنة بـ 5,6 في المئة العام الماضي».
وقال جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق خلال عرض التقرير «النمو في الكثير من الدول (المنطقة) يتباطأ» بسبب عوامل عدة من بينها «التوترات الجيوسياسية» وكوارث طبيعية.
وحول تداعيات الحرب الأخيرة بين «حماس» وإسرائيل في إسرائيل قال أزعور «من الصعب جدا التكهن بالتداعيات الاقتصادية لما يجري حاليا (...) التبعات قد تكون على المدى القصير والمتوسط والطويل».
لكنه أكد «أن هكذا أوضاع (...) يكون لها تأثير من دون أي شك».
وقال أيضا إن «الزلزال الأخير في المغرب والفيضانات في ليبيا توفر تذكيرا كبيرا كيف أن الكوارث الطبيعية يكون لها تداعيات سريعة ومدمرة».
في المقابل، توقع التقرير أن تتحسن الأوضاع في المنطقة العام 2024 ليصل النمو إلى 3.4 في المئة «مع تراجع الانكماش في السودان، وتلاشي عوامل أخرى مثبطة للنمو بما يشمل الخفض الموقت في إنتاج النفط».
وتوقع أن ينكمش اقتصاد السودان الذي يشهد نزاعا جديدا منذ أبريل الماضي بنسبة 18 في المئة في 2023.
وقال أزعور إن «التحديات الهيكلية المتواصلة تعني أن النمو على المدى المتوسط سيبقى باهتا».
ومن العوامل التي عدّدها التقرير أيضا، تناقص قيمة العملة في بعض الدول والقيود على الواردات على غرار مصر، ومواسم جفاف متكررة ما يزيد من «الضغوط التضخمية في بعض الدول ويرفع معدل التضخم عبر المنطقة».
وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن التضخم يتراجع في المنطقة، إلا أنه يبقى مرتفعا في بعض الدول.
وشدد أزعور في هذا الإطار على «أن التضخم بدأ يتراجع، لكن تفاوتا كبيرا لايزال قائما بين الدول، ففي منطقة الشرق الأوسط التضخم ينخفض لكنه يبقى مرتفعا على سبيل المثال في مصر والسودان».
ففي حين عاد معدل التضخم إلى مستوياته ما قبل جائحة كوفيد في دول المنطقة المرتفعة والمتوسطة الدخل، قال التقرير إن «التضخم الشهري يبقى فوق المعدلات التاريخية في مصر وتونس. فيما التضخم بمعدل سنوي منذ يوليو يبقى فوق 10 في المئة في المغرب، وتونس، وفوق 35 في المئة في مصر وباكستان بسبب الجفاف في المغرب وتونس وتأثير تراجع سعر العملة على أسعار الواردات في مصر وباكستان».
وأوضح أزعور أنه باستثناء السودان ومصر «يتوقع أن يصل معدل التضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 13.4 في المئة هذه السنة قبل أن يتراجع إلى 9.7 في المئة في 2024».
من جهة أخرى، شدد التقرير على أن الأزمات المتتالية «قلصت هامش دعم النشاط في الكثير من الاقتصادات فيما يلجم التقدم البطيء على صعيد تطبيق الإصلاحات الشاملة الاستثمار واستحداث فرص العمل ويقوض القدرة على مقاومة الصدمات».
وأكد الصندوق ان «التحديات المناخية المتنامية تزيد من ضرورة التحرك الملحة.
وأشار إلى أن «ديون القطاع العام تبقى مرتفعة في بعض الدول، ومن المتوقع أن يبقى النمو على المدى المتوسط محبطا»، و«دون المستويات التاريخية مع استمرار التحديات الهيكلية».
وأضاف التقرير أن «أعدادا كبيرة من سكان المنطقة يواجهون تحديات في إيجاد فرص عمل، بما يشمل الشباب والنساء في حين يتوقع ان يصل أكثر من مئة مليون شاب إلى سن العمل في المنطقة في العقد المقبل، ويتوقع أن يتراجع التضخم ببطء مع تراجع الضغوط العالمية على الأسعار مع استمرار التفاوت الكبير بين الدول».