رسالة إلى «الجوييم» في أقطار العالم
إرادة التحرير ثاوية كمصهور البراكين النشطة على مدى الدهور في قلوب ويقين كل مسلم، طالما كان هناك قهر وظلم واحتلال، لأن الخوف من الموت يتهاوى أمام وعد الله سبحانه لمن يهب نفسه لله بجنة عرضها السموات والأرض وخلود من لحظة استشهاده إلى الأبد، يقول المولى عز وجل: «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ».
ومما يفجر غيرة الأمة واستغرابها وقوف أئمة الاستعمار من الدول النصرانية مع الكيان الصهيوني بشكل سافر، مع أن اليهود يفترض أن يكونوا ألد أعداء العالم المسيحي، فكانوا المحرض لقتل الرومان لسيدنا المسيح وصلبه كما في اعتقادهم، وهم الأشد كراهية لنبي الله المسيح، ويقولون فيه، عليه السلام، كل نقيصة، فكيف يقفون مع هذا الكيان الصهيوني المسخ الذي بدوره وتضليله مسخ معتقداتهم منذ انبثاق المذهب البروتستانتي حين روَّج اليهود للعالم المسيحي بأن المسيح لم يخرج كما يزعم رجال الاكليروس الذين يحتكرون قبل ترجمة الكتاب المقدس الى لغات العالم الأوروبي الحديثة، بعد أن كان باللغة اللاتينية غير المستخدمة؟
فاستغل اليهود هذا التطور وأشاعوا أن المسيح لا يخرج إلا في فلسطين، لذلك لابد من دعم المشروع الصهيوني لإقامة دولة لليهود، لأن ذلك هو الشرط لنزول المسيح، وسرى هذا الضلال في المجتمعات البروتستانتية، وانتهى ذلك بمذهب الإنجيليين الجدد في الستينيات بعد نكسة 67 التي حقق الكيان الصهيوني فيها نصراً ساحقاً بعددهم القليل على مئة مليون عربي، فاعتبره المسيحيون الصهاينة علامة وآية إلهية على قرب نزول المسيح الربّ الذي سيرفع المؤمنين به للجنة، ويحرق كل غير المؤمنين كافة بمن فيهم اليهود في معركة «هرمجدون»، ومع ذلك تم ربط نزول المسيح بتقوية وترسيخ الكيان الصهيوني حتى عرف الإنجليون الجدد بالمسيحيين الصهاينة لأنهم ينطلقون من رؤى توراتية، والذين تزايدت أعدادهم مؤخراً، وكان منهم الرئيس الأميركي الأسبق بوش الابن والكثير من الساسة وأصحاب القرار السياسي حتى تسللت مفرداتهم في خطابات رؤساء أميركا الرسمية في عاصفة مجنونة تسوغ إمكانية استخدام الأسلحة النووية لإبادة الشعوب، خصوصا الإسلامية العربية لأن وقائع «هرمجدون» لديهم ستكون في فلسطين.
والعجب العُجاب أن عدد اليهود في العالم 17 مليونا و900 ألف تخيلوا، ويفرضون على قطعان العالم المسيحي الغربي إرادتهم مع أنهم يعتبرونهم «جوييم»، أي حيوانات لا حرمة لهم، وهم وكل البشر خلقهم الله عبيدا لبني إسرائيل، ومع ذلك وفي الواقع يؤدون دور العبودية لليهود في عملية انمساخ غاية في الغرابة، لذلك أوغل اليهود في إهانة العالم الغربي في عدة وقائع، منها قتل الوسيط الدولي للأمم المتحدة الكونت فولك برنادوت الذي قتل على يد عصابات الهاغاناه وأرغون، بسبب اقتراحه وضع حد للهجرة اليهودية ووضع القدس بأكملها تحت السيادة الفلسطينية.
والجريمة الأخرى والأفظع تفجير فندق الملك داود في مدينة القدس في فترة الانتداب البريطاني، تم تنفيذها في 22 يوليو لسنة 1946، حيث نفذها أعضاء من جماعة الأرغون الصهيونية ضد الحكومة البريطانية في فلسطين آنذاك، فجعلت حكومة الانتداب من هذا الفندق مركزا لها، والسبب كما يذكر مدير معهد جابوتنسكي «غيديون مشنيك» مبررا العملية بقوله: كان الهجوم على الفندق ردا على الإرهاب البريطاني ضد اليهود، كانوا يقفون في وجه تأسيس دولتنا.
وأخيراً ضرب إسرائيل سفية ليبرتي الأميركية أثناء حرب 67 وقتل 34 لإيجاد مبرر لأميركا بالتدخل المباشر في الحرب بعد اتهام مصر بتدمير السفينة والأوامر الإسرائيلية صدرت كما ثبت بالوثائق لإغراق السفينة وقتل كل من عليها بالرغم من وجود الأعلام الأميركية والجو صحو، ومع ذلك أمر «الجوييم» جونسون بتجاهل القضية التي تم فتح ملفها مؤخراً.
إذاً يفترض تعاطف العالم الغربي المسيحي مع المقاومة بلا حدود، فلا توجد قوة تتحدى هذا الوحش عدو البشرية والأديان غير قوة الشباب المسلمين في فلسطين، فأين عقول شعوب الغرب؟ وأين توجيه الإعلام العربي الخطاب لهؤلاء «الجوييم» بلغاتهم؟؟