تفاعلا مع ما أثارته «الجريدة»، أمس، بشأن المحاولات الحكومية الرامية إلى تكبيل المجتمع المدني والتغوّل على صلاحياته ودوره، من خلال سعي وزارة الشؤون الى «استحضار» تعاميم سابقة لتقييد عمل منظمات المجتمع المدني، عبّرت المواقف النيابية والشعبية عن رفضها المطلق لهذه الخطوة الحكومية، واعتبرتها «ردّة على الدستور والحريات، وتكبيلا لأداء المنظمات ودورها المحدد في أنظمتها الداخلية، والتي على أساسها منحت الترخيص لها».

وأبدى عدد من النواب اعتراضهم على تعميم وزارة الشؤون القاضي بتكبيل منظمات المجتمع المدني من خلال اشتراطات تضيق الخناق على أدائها ودورها.

Ad

وفي هذا السياق، شدد النائب مهند الساير على رفضه لأي محاولات حكومية تهدف إلى النيل من صلاحيات المجتمع المدني، مستغرباً محاولة «الشؤون»، خصوصا في هذا التوقيت، للنيل من حقوق منظمات المجتمع المدني، التي تعد علامة مضيئة في سماء الكويت.

وقال الساير، في تصريح لـ «الجريدة»: «نرفض أي انتقاص من حقوق المجتمع المدني ومن صلاحياته، فتعديل أنظمته الأساسية يجب أن يكون لمزيد من تحقيق استقلاليته».

صورة ضوئية عن مانشيت «الجريدة»

وانتقد الساير التعميم الذي أصدرته «الشؤون» مؤخراً بمنع أي جمعية مرخصة من إقامة أي نشاط إلا بموافقة مسبقة منها، معتبراً أن مثل هذه التعميمات لا تصدر إلا في الدول القمعية، وهي مرفوضة جملة وتفصيلا في دولة الكويت، لأنها تخالف روح الدستور والقانون.

وأضاف أن «أي قرار يخص حقوق الشعب الكويتي أو مؤسساته المدنية أو منصات التعبير عن رأيه اذا لم يكن لتحقيق المزيد من الحريات فسنتصدى له بكل تأكيد».

من جهته، أكد النائب فهد المسعود رفضه لأي محاولات حكومية تهدف إلى تكبيل المجتمع المدني وتتوغل على صلاحياته بتحويل منظماته من جهات ذات شخصيات اعتبارية مستقلة، إلى تابعة أو ملحقة.

وقال المسعود في تصريح لـ «الجريدة»، إن «تعديل الأنظمة الأساسية لمنظمات المجتمع المدني يجب أن تكون لمزيد من تحقيق استقلاليته وتمكينه من القيام بعمله في خدمة المجتمع على الوجه الأمثل، ونرفض أي انتقاص من حقوقه ومن صلاحياته».

وشدد على ضرورة أن تستمع «الشؤون» لمطالبات جمعيات النفع العام وعدم الإقدام على أي خطوة إلا بالتنسيق معها، خصوصا أن جمعيات النفع العام أحد أوجه الحياة الديموقراطية في الكويت.

بدوره، طالب النائب أحمد لاري «الشؤون» بالاجتماع مع المعنيين في الجمعيات الأهلية والأخذ بملاحظاتهم لمزيد من الدعم لمؤسسات المجتمع المدني، مشدداً على أن وزير الشؤون الشيخ فراس المالك من الوزراء المشهود لهم بدعمه لكل ما فيه الخير والرفعة للمجتمع الكويتي وللكويت.

وأكد لاري أن «جمعيات النفع العام أسست مع الدستور، وهي من المؤسسات التي نفتخر بدورها ولابد من دعمها».

من جهته، رفض النائب ماجد المطيري اتجاه وزارة الشؤون الاجتماعية الى منع إقامة أي أنشطة أو فعاليات أو منع التبرعات من خلال جمعيات النفع العام أو الجمعيات الخيرية الا بعد الحصول على التصريح من قطاعات الوزارة المعنية.

واعتبر المطيري تعميم «الشؤون» على هذا الصعيد تقييدا للحريات ومخالفا، مشيرا الى أن جمعيات النفع العام في الكويت لطالما دعمت كل التوجهات الرامية لدعم الحريات وتطبيق القانون، ومشهود لها بالكفاءة والأمانة ودعم المجتمع الكويتي، خاصة على صعيد التمسك بالدستور وتطبيق القانون ونصرة القضايا الوطنية والعربية.

وقال إن هذه الجمعيات تعمل بشكل مستقل، وتوجد بها مجالس إدارات منتخبة من الشعب الكويتي والجمعيات العمومية، ولا يمكن أن تخالف القانون، مشيرا إلى أن تعميم وزارة الشوؤن مرفوض تماما، وعليها إعادة النظر به.

وأكد أن جمعيات النفع العام، لاسيما الخيرية منها، أدّت دورا كبيرا في مساعدة الفقراء والمحتاجين داخل الكويت وخارجها، وكانت لها اليد الطولى في إعلاء كويت الإنسانية، مبيناً أن كل جمعية نفع عام في الكويت تعمل وفق أهداف وطنية وإنسانية.

جمعية الخريجين

بدوره، أكد رئيس جمعية الخريجين، إبراهيم المليفي، أن بعض مسؤولي وزارة الشؤون الاجتماعية غير مدركين لفلسفة ومفهوم مؤسسات المجتمع المدني وطريقة تكوينها، ويتعاملون مع جمعيات النفع العام كأنها «مجالس طلبة ثانوية».

وقال المليفي لـ «الجريدة» إن جمعيات النفع العام لا تسعى لأي سلطة ولا تنافس أحدا، إنما عملها تطوعي بحت ويخدم المجتمع.

وذكر أن النظام الأساسي في بعض الجمعيات مرتبط بأن يمارس الأعضاء المهنة عن طريق العضوية في الجمعية، وهذا ما لا ينطبق على الكثير من الجمعيات والروابط.

وأضاف أنه في عام 2007، أصدرت وزارة الشؤون تعميما إداريا رقمه 666 بمنع مخاطبة جمعيات النفع العام لأي جمعية؛ سواء داخلية أو خارجية، إلا بعد موافقتها، وقد تم وأد ذلك التوجه في حينه، إلّا أنه ظل يتكرر وآخرها قبل عدة أشهر، مستغربا إصدار مثل هذه التعاميم من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية مرارا وتكرارا.

وحول وضع نظام أساسي موحّد للجمعيات، أكد المليفي أنه يجب أن يكون هناك استيعاب وإدراك لطبيعة نشوء مؤسسات المجتمع المدني، لافتا إلى أن مهمة وضع النظام الأساسي تكون نابعة من الأعضاء المؤسسين، ومن خلال الجمعية العمومية التأسيسية وبرغبة من أعضائها في وضع الشروط وأمور العضوية وعدد الأعضاء، وليس برغبة وزارة الشؤون.

وناشد رئيس «الخريجين» نواب مجلس الأمة مؤازرة ومساندة ودعم جمعيات النفع العام، والوقوف إلى جانبهم في التصدي لمحاولات تقييد مؤسسات المجتمع المدنى لتوسيع دائرة الممارسة الديموقراطية، وترسيخ قيم العمل التطوعي في المجتمع.

العلاقات العامة

من جهته، قال رئيس جمعية العلاقات العامة الكويتية، جمال النصرالله: نحن نتبع وزارة الشؤون، ومن حقها مراقبة عمل جمعيات النفع العام، ونحن نطالبها دوماً بتطبيق القانون على الجميع، ولكن بعيدا عن تكبيل الحريات، لافتا إلى أن قانون 24 ينظم عمل جمعيات النفع العام والأندية والاتحادات، ولا يمكن تغييره أو تعديله إلا بقانون.

وأضاف: ندعو وزارة الشؤون إلى الجلوس مع جمعيات النفع العام وعقد اجتماعات لمناقشة الرؤى والمقترحات التي تسهم في تطوير الأعمال ودراسة الإيجابيات والسلبيات لمقترحها، مشددا على أن تكبيل المجتمع المدني أمر مرفوض، والقانون في هذا الأمر واضح وصريح.

وأكد أن جمعيات النفع العام تسهم في تطوير الدولة والنهوض بها، ونحن نتعاون مع «الشؤون» لمصلحة البلد، مشيرا إلى أن الجمعية قدّمت مقترحا إلى الوزارة في عهد الوزيرة هند الصبيح للمساعدة في تقييم جمعيات النفع العام وتكريم المتميز والنشيط منها، وإبراز دور تلك الجمعيات أمام المجتمع، وذلك من أجل بثّ روح المنافسة الشريفة بين جميع الجمعيات.

وشدد النصرالله على أن جمعية العلاقات العامة الكويتية مع مزيد من الحريات لجمعيات النفع العام بما يخدم البلاد.

«تقييم الأداء البرلماني»

بدوره، قال رئيس جمعية متابعة وتقييم الأداء البرلماني، ناصر الشليمي، إن ما تقوم به وزارة الشؤون يتناقض مع استقلال جمعيات النفع العام وقوانين ومنظمات المجتمع الدولي، لافتا إلى أن التنظيم شيء مهم، بعيدا عن التدخل الحكومي في عمل الجمعيات.

وأضاف أن القوانين الدولية تحظر التدخل الحكومي في عمل الجمعيات، وما تقوم به «الشؤون» تسلّط، وحدّ من الصلاحيات، وهو أمر مرفوض، مشددا على أن التنظيم لا بدّ أن يكون له حدود وضوابط.

وتابع: إن ما تقوم به «الشؤون» تدخّل وإعاقة لعمل مؤسسات المجتمع المدني، داعيا إلى تطوير قانون تنظيم جمعيات النفع العام الصادر عام 1962 لمزيد من الحريات، فما يحدث ردّة حكومية على الحريات.

حماية المستهلك

وقال رئيس جمعية حماية المستهلك، مشعل المانع، إن الكويت كانت رائدة في عمل المجتمع المدني سابقا، أما الآن فقد أصبحت مكبلة بقيود ولوائح، فعندما نطلب تعديلا لبعض بنود القانون المنظم لعمل الجمعيات، يُطلب منّا إجراء جمعية عمومية غير عادية، وعند القيام بعمل تلك الجمعية نعود إلى المربع الأول من خلال وزارة الشؤون!

وتساءل المانع: ما الهدف من الالتزام بلائحة من خلال «الشؤون»؟ وكيف أقدم خطة ومشاريع الجمعية وتلك الخطط والمشاريع تقوم على ما هو طارئ فيما يخص توعية المستهلك وقضايا الاستهلاك؟

ولفت إلى أن بعض القضايا التوعوية الخاصة بالمستهلك ينبغي أخذ موافقة بعض الجهات عليها؛ مثل وزارة التربية على سبيل المثال من أجل توعية الطلبة، فكيف أعطي خطة مسبقة إلى وزارة الشؤون قبل أن أحصل على تلك الموافقات؟!

الجمعية الكويتية لحماية البيئة

بدورها، رفضت رئيسة الجمعية الكويتية لحماية البيئة، د. وجدان العقاب، الموافقة المسبقة على الأنشطة والفعاليات المراد فرضها على جمعيات النفع العام ومؤسسات المجتمع المدني، قائلة إن الموافقة المسبقة على الأنشطة ستكلف وزارة الشؤون عبئا كبيرا وأحمالا وظيفية إضافية في غنى عنها، مبينة أن وزارة الشؤون كمؤسسة حكومية لديها مهام أكبر من رقابة الفعاليات، فمن الأجدى أن تتفرغ لدعم الجمعيات وتسهيل الإجراءات التي من شأنها ضمان خدمة تلك المؤسسات للمجتمع بشكل صحيح، إضافة الى أرشفة النشاط المدني الكويتي، لأنه فخر العمل التطوعي، وأن تحافظ على تاريخ هذه الجمعيات وإنجازاتها عبر السنوات.

وأوضحت أن الأنظمة الأساسية وقرارات الإشهار لجمعيات النفع العام تحكم نوعية الفعاليات والأنشطة وفق أهدافها التي أشهرت على أساسها، كما أنها لا تحمل بنداً يفرض الرقابة المسبقة على أنشطتها، لأن الأنشطة والفعاليات الموسمية والسنوية والثابتة لا يمكن القبول بوضع قرار من شأنه تعطيل وتأخير الأنشطة المقدمة للمجمتع، وهو دور أساسي لمؤسسات المجتمع المدني.

وذكرت العقاب أن الرقابة المسبقة يمكن قبولها في حال حملات جمع أموال أو تبرعات، فلا بأس بها، وفق القرارات المنظمة، قائلة إنه لا حاجة إلى مثل هذه القرارات التي تحد من عمل مؤسسات المجتمع المدني، ولا بأس بها وفق القرارات المنظمة.

وزير الشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والطفولة الشيخ فراس المالك - وكيل الوزارة بالإنابة عبدالعزيز ساري

المالك يدعو لاجتماع لمناقشة التعميم مع المنظمات

• ساري لـ «الجريدة.» : بعيدون عن تقييد الجمعيات وهي شريك استراتيجي رئيسي

انتصر وزير الشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والطفولة الشيخ فراس المالك لجمعيات النفع العام، بعدما أوعز لوكيل الوزارة بالإنابة عبدالعزيز ساري دعوة ممثليها والقائمين عليها، لعقد اجتماع يناقش خلاله جميع القرارات التي تكبّل أعمالها وتحول دون تحقيق أهدافها التي أشهرت من أجلها.

وأكد ساري استعداد «الشؤون» الجاد والتام، وبتوجيهات مباشرة من الوزير المالك، بالاجتماع بممثلي منظمات المجتمع المدني، ومناقشة جميع مواد القرار الوزاري رقم 2005/61، الصادر قبل 18 عاماً، بشأن النظام الأساسي النموذجي لجمعيات النفع العام، بهدف مراجعة مواده بما يخدم المصلحة العامة، ويعكس صورة مشرقة ومشرفة للكويت.

وقال ساري، لـ «الجريدة»، إن الوزارة تدعم بكل قوتها عمل المجتمع المدني، ولم ولن تسمح بمصادرة حقوقه أو تجريده منها، بل تسعى على الدوام إلى زيادة مساحات الشراكة المجتمعية الفاعلة مع مؤسساته ومنظماته صاحبة الباع الاجتماعي والإنساني الطويل، بما يصب في خدمة جميع شرائح وأطياف المجتمع، لاسيما المستفيدين من خدماتها.

وشدد على أن جميع قياديي الوزارة، وعلى رأسهم الوزير المالك، على دراية وتفهم تامين بطبيعة عمل هذه الجمعيات، على اختلاف أهدافها التي أشهرت من أجلها، مؤكدا أن الوزارة حريصة على الارتقاء بها عبر تسخير جل الإمكانات المتاحة لإنجاحها.

وأشار ساري إلى أن بابه، وجميع مسؤولي الوزارة، مفتوحاً دوماً أمام القائمين على جمعيات النفع العام، لاستقبال أي شكاوى أو مقترحات من شأنها تسهيل أعمالهم، بل والعمل على إزالة أي معوقات أو عقبات تحول دون تحقيق ذلك.

وأوضح أن الوزارة تقوم حاليا بالإشراف على قرابة 260 جمعية نفع عام (190 أهلية، و70 خيرية)، مما يؤكد إيمانها الكامل والراسخ بعمل هذه المؤسسات، ورغبتها الجادة في توسيع أعمالها وليس التضييق عليها، مؤكدا بعد الوزارة عن فرض أي قيود على أعمال الجمعيات، كونها شريكا استراتيجيا فاعلا ورئيسيا في تحقيق الأهداف المجتمعية المنشودة.

المحامي بسام العسعوسي

العسعوسي لـ «الجريدة.»: التعميم مصادرة عقيمة لا تتناسب مع الدستور

• دعا إلى حملة تضامنية واسعة ووقفة جادة ضد مثل هذه القرارات

أكد المحامي بسام العسعوسي أن تعميم وزارة الشؤون بشان فرض الوصاية على منظمات المجتمع المدني يُعد مصادرة وبيروقراطية عقيمة لا تتناسب مع الكويت التي يحكمها الدستور والقانون، والحريات التي أقرها الدستور للأفراد والمؤسسات، ومنها جمعيات النفع العام.

وقال العسعوسي لـ «الجريدة» إنه حتى في الدول الشمولية لا تصدر مثل هذه التعاميم، لافتا إلى أن ما حدث من وزارة الشؤون يعدّ سلبا لإرادة الجمعية العمومية لجمعيات النفع العام التي لها الحق في محاسبة الجمعيات.

وطالب كل جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني بالتوحد وإصدار بيان ضد هذا الأمر يكون موجها لرئيس مجلس الوزراء أو القيادة السياسية إذا تطلّب الأمر، لافتا إلى أن دور وزارة الشؤون تنظيمي، ومنه الإشراف على الانتخابات وتلقّي شكاوى بوجود مخالفات مالية جسيمة.

ودعا جمعيات النفع العام إلى اللجوء إلى القضاء لإلغاء مثل هذا القرار، مشيرا إلى أن قرار «الشؤون» انطوى على مفردات فيها تهديد ووعيد، وهو أمر مستغرب.

وقال العسعوسي إنه يجب أن تكون هناك حملة تضامنية كبيرة وواسعة النطاق ووقفة جادة ضد مثل هذه القرارات، ومحاسبة وزير الشؤون.

واستغرب سكوت أعضاء مجلس الأمة، مشيرا إلى أن بعض النواب لم يعرفهم للمجتمع إلا من خلال العمل في جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني.

وشدد على أن جمعيات النفع العام تقوم بأعمال مساندة وداعمة ومعززة لأعمال الحكومة، مشيرا إلى أن جمعية الهلال الأحمر الكويتية، على سبيل المثال لا الحصر، تقوم بأعمال إغاثية وإنسانية في دول العالم نيابة عن الكويت.