مع دخول عملية طوفان الأقصى يومها السادس، مع تصاعد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، استهل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن أمس، جولة للمنطقة تشمل الأردن بتقديم «الدعم الدائم» لإسرائيل، التي اتهمها نظيره الإيراني حسين عبداللهيان، مع بدئه جولة مماثلة، بالتخطيط لإبادة أهالي غزة.

وقبل توجه إلى الأردن للقاء الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، قال بلينكن، خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «قد تكونون أقوياء بما يكفي للدفاع عن أنفسكم، لكن طالما أن أميركا موجودة، فلن تضطروا إلى ذلك أبداً، سنكون دائما إلى جانبكم»، مضيفاً: «على كل من يريد السلام والعدالة أن يدين الإرهاب الذي تمارسه حركة حماس، نحن نعلم أنها لا تمثّل الشعب الفلسطيني وتطلعاته المشروعة للعيش بمعايير متساوية من الأمن والحرية وفرص العدالة والكرامة».

Ad

ووعد بلينكن بأن إدارة الرئيس جو بايدن و»الكونغرس» سيعملان معاً على تلبية الطلبات العسكرية لإسرائيل، موضحاً أنها ستحصل على الذخيرة لمنظومة الباتريوت وذخائر مختلفة، وحاملة الطائرات والقوات الأميركية في المنطقة ستعزز مع الجهود الدبلوماسية القوية منع توسع الصراع».

وتابع بلينكن: «أقف أمامكم ليس كوزير، لكن كيهودي فرّ جدّه من القتل»، مشيراً إلى أنه تم التأكد من وجود 25 أميركياً على الأقل بين القتلى.

وأكد بلينكن أن «حماس تمارس القمع في كل مكان وتسخّر مواردها لصنع الصواريخ وحفر الأنفاق، ولديها أجندة واحدة فقط هي تدمير وقتل اليهود، ولدى إسرائيل الحق والالتزام بالدفاع عن نفسها ولضمان عدم تكرار ما حدث»، مشيراً إلى «العمل بشكل وثيق لضمان إطلاق سراح الرهائن الذين احتجزتهم حماس».

ورأى الوزير أنه «لا يمكن لأي دولة أن تحتمل مذبحة كهذه ويجب التأكد أن هذا الأمر لن يتكرر»، مشيراً إلى «معايير معينة توجب اتخاذ خطوات حذرة بما فيه الكفاية أثناء التعامل مع مجتمع مدني».

وفي وقت تعهد الرئيس الأميركي بتقديم دعم كامل لإسرائيل دون الدعوة إلى ضبط النفس، ألمح بلينكن إلى الحاجة إلى تسوية سلمية في نهاية المطاف.

نتنياهو وعبداللهيان

بدوره، قال نتنياهو، الذي أعرب عن تقديره للدعم الأميركي «اليوم وغداً وفي كل الأوقات»، إن «حماس يجب أن تعامل مثل تنظيم داعش، قائلاً: «مثلما تم سحق داعش، سيتم سحق حماس».

ولفت نتنياهو الى أن «حماس شنت حرباً بربرية على إسرائيل، وسيكون هناك الكثير من الأيام العصيبة أمامنا ولكن قوة الحضارة سوف تسود».

في المقابل، بدأ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان من العراق أمس، جولة إقليمية تشمل أيضاً سورية ولبنان لبحث تطور الأوضاع في قطاع غزة.

وفي مستهل جولته، التي اضطر لتغيير مسارها بعد استهداف إسرائيل لمطاري دمشق وحلب، قال وزير الخارجية الإيراني: «هذه الحرب ليست حرب إسرائيل مع جهة فلسطينية واحدة بل مع كل الفلسطينيين»، معتبراً أن «قطع الماء والدواء والكهرباء يشير إلى أن إسرائيل تنوي إبادة أهالي غزة».

ولي العهد السعودي

وقبل ساعات، أجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أول اتصال هاتفي بينهما جرى خلاله بحث التصعيد العسكري الجاري في غزة ومحيطها وضرورة إنهاء جرائم الحرب ضدّ فلسطين.

وأكد بن سلمان لرئيسي أنّ «المملكة تبذل الجهود الممكنة بالتواصل مع كافة الأطراف الدولية والإقليمية لوقف أعمال التصعيد الجاري»، مشدداً على «موقفها الرافض لاستهداف المدنيين ومناصرة القضية الفلسطينية ودعم الجهود الرامية لتحقيق السلام الشامل الذي يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة».

واعتبر مسؤول أميركي أن استخدام «القنوات الدبلوماسية بين السعودية وايران في أوقات الاضطرابات أمر طبيعي ومفيد بصراحة»، مطالباً «جميع الشركاء بالعمل مع حماس وحزب الله وإيران للقيام بأي شيء في خضم الوضع الحالي».

وفيما أبلغ الأمير محمد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه «يبذل جهوداً إقليمية ودولية حثيثة لوقف التصعيد الجاري»، تلقى لاحقاً اتصالاً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحثا خلاله «سبل وقف العمليات العسكرية التي راح ضحيتها الأبرياء».

كما أشار إلى سعي المملكة «للعمل على تهيئة الظروف لعودة الاستقرار واستعادة مسار السلام بما يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وتحقيق السلام العادل والدائم».

وفي اتصال مماثل، أعلن الرئيسان السوري بشار الأسد والإيراني إبراهيم رئيسي «دعم الشعب الفلسطيني في مواجهته لما يتعرض له من جرائم، ومقاومته المشروعة للدفاع عن قضيته العادلة واستعادة حقوقه المغتصبة»، ودعا الجانبان الدول الإسلامية والعربية إلى التعاون لوقف جرائم إسرائيل بغزة ووقف غاراتها التي تستهدف الأطفال والنساء».

وشدد الأسد شدد على أن السياسات الإسرائيلية «سبب سفك الدماء»، وأكد «ضرورة التحرك السريع على المستويين العربي والإسلامي، لحماية الشعب الفلسطيني، لا سيما في غزة».

إلى ذلك، بحث الرئيس التركي ونظيره الإماراتي محمد بن زايد آخر التطورات، وأكدا أن إنهاء التصعيد يمكن أن يتحقق عبر الخطوات الإيجابية التي سيتخذها المجتمع الدولي، وفي مقدمتها دول المنطقة.

السيسي وبايدن

من جهته، توافق الرّئيس المصري ​عبدالفتاح السيسي​ ورئيس الوزراء البريطاني ​ريشي سوناك على أهميّة مواصلة وتكثيف الجهود الرّامية لخفض التّوتّر، وحماية المدنيّين من الجانبين، ومنع تدهور الأوضاع الأمنيّة والإنسانيّة.

ولفت السيسي إلى «تواصُل جهود مصر للدّفع نحو انتهاج مسار التّهدئة، وممارسة أقصى درجات ضبط النّفس، للحيلولة دون الانزلاق في مسار دموي، سيدفع ثمنه المزيد من الأبرياء، وستمتدّ تبعاته للمنطقة برمّتها».

وأكّد «ضرورة ضمان انتظام الخدمات والمساعدات الإنسانيّة والإغاثيّة لأبناء غزة»، مشدّداً على «أهميّة الدّفع نحو التّعامل مع الأسباب الجذريّة للأزمة، والسّعي إزاء إيجاد الأفق السّياسي الملائم للوصول إلى حلّ عادل وشامل ومستدام للقضية الفلسطينية، وفقًا للمرجعيّات الدّوليّة المعتمَدة».

وقبل لقائه المستشار الألماني أولاف شولتس، بحث أمير قطر الشيخ تميم بن حمد مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني آخر تطورات الأوضاع والمستجدات في الأراضي الفلسطينية.

وقبل إرساله وزير خارجيته لإظهار دعمه الدائم لإسرائيل والحيلولة دون اندلاع حرب أوسع نطاقاً، حذر الرئيس الأميركي أمس الأول إيران من التورط في الصراع.

وأوضح بايدن خلال اجتماع مع زعماء الطائفة اليهودية، أن قراره نشر سفن وطائرات عسكرية بالقرب من إسرائيل ينبغي أن يُنظر إليه على أنه إشارة إلى إيران، التي تدعم «حماس» و»حزب الله» اللبناني. وقال بايدن «لقد أوضحنا للإيرانيين: توخوا الحذر».

وأشار بايدن إلى أنه تحدث مع نتنياهو للمرة الرابعة، وأخبره أن على إسرائيل احترام «قوانين وقواعد الحرب» في ردها ضد «حماس».

وفي حين حاول الرئيس الأميركي طمأنة اليهود بأنّ دعم إدارته لإسرائيل لن يتزعزع. وقال «يمكنكم الاعتماد عليّ، هنا وفي الخارج»، تراجع عن التصريحات الصادرة عن رؤيته صور أطفال إسرائيليين «قطعت رؤوسهم على يد حماس».

وبرر البيت الأبيض تصريحات بايدن بأنها كانت مبنية على «مزاعم» مسؤولين إسرائيليين وتقارير إعلامية محلية، لم يرها ولم يتحقق مسؤوله منها.

وفي فرنسا، كررت وزارة الخارجية تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون أنها لا تملك دليلا رسميا على تورط إيران في هجمات حماس على إسرائيل مطلع الأسبوع.

في غضون ذلك، تحفظت سورية والجزائر وتونس عن بعض العبارات التي وردت في البيان الختامي الصادر عن «الوزاري العربي» والتي يمكن أن يُفهم منها المساواة بين المحتل الإسرائيلي والشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال.

وكان بيان الجامعة العربية دان ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني الشقيق من عدوان وانتهاك لحقوقه، وطالب «بالوقف الفوري للحرب على قطاع غزة»، فضلاً عن إدانة «قتل المدنيين من الجانبين»، مطالبا إسرائيل بتنفيذ التزاماتها بصفتها الجهة القائمة بالاحتلال.