تخشى الصين أن تتسع رقعة الحرب في منطقة الشرق الأوسط على خلفية المواجهة الجارية حالياً في الأراضي الفلسطينية، وهو ما سيُكبدها خسائر اقتصادية فادحة على الرغم من أن بكين ليس لديها أي وجود مباشر في المنطقة، لكن هذا لا يعني أن مصالحها لا تتوقف على هذه المنطقة من العالم.
وبحسب تقرير نشرته جريدة «نيويورك تايمز» الأميركية، واطلعت عليه «العربية نت»، فإن لدى الصين سبباً واحداً كبيراً يدفعها إلى الوقوف على الحياد مما يجري في المنطقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كذلك يجعل مصلحتها في عودة التهدئة ويثير خشيتها من اتساع رقعة الحرب والتوترات الجيوسياسية.
أما «السبب الواحد والكبير» للصين فهو النفط، إذ إن بكين هي أكبر مشترٍ للنفط من منطقة الخليج، و«ثلث إجمالي النفط المحروق في الصين مصدره منطقة الخليج، بحسب ما تؤكد الصحيفة».
ويقول أندون بافلوف، كبير محللي التكرير والمنتجات النفطية في شركة كبلر للتحليل في فيينا، إن «الصين بدأت أيضاً في شراء المزيد من النفط من إيران، كما زادت بكين وارداتها من النفط الإيراني أكثر من ثلاثة أضعاف في العامين الماضيين، واشترت 87 في المئة من صادرات النفط الإيرانية الشهر الماضي».
وذكر فيليب أندروز سبيد، المتخصص منذ فترة طويلة في سياسات النفط الصينية في جامعة سنغافورة الوطنية، أن الصين «معرضة بشدة لحالة عدم الاستقرار الحالية في الشرق الأوسط، خاصة إذا تصاعدت».
وأضاف: «لقد أصبحت الصين، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مدمنة على النفط الأجنبي بوتيرة مذهلة. وحتى وقت قريب، في أوائل التسعينيات، كانت الصين مكتفية ذاتياً من النفط. أما الآن فهي تعتمد على الواردات لحوالي 72 في المئة من احتياجاتها النفطية».
وتقول الصحيفة الأميركية، إن الرئيس الصيني شي جينبينغ حافظ على أمن الطاقة باعتباره واحداً من أهم أولويات البلاد طوال العقد الذي قضاه في منصبه.
وأفاد شي في يوليو الماضي بأن: «إمدادات الطاقة والأمن أمران حاسمان للتنمية الوطنية وسبل عيش الناس، وهما أمران مهمان للبلاد ولا يمكن تجاهلهما في أي لحظة».
ولتحقيق هذه الغاية، قامت الصين باستثمارات ضخمة في السيارات الكهربائية. وقال بيل روسو، مستشار السيارات في شنغهاي، إن بكين تهيمن الآن على الإنتاج العالمي للسيارات الكهربائية، وبحلول أغسطس الماضي كانت ثلث السيارات المبيعة في الصين كهربائية.
لكن «نيويورك تايمز» تؤكد أن استهلاك البنزين ظل مرتفعاً على الرغم من طفرة السيارات الكهربائية، كما ارتفعت مستويات القيادة هذا العام، بما في ذلك خلال عطلة وطنية استمرت أسبوعاً هذا الشهر، لأن الصين أنهت ما يقرب من ثلاث سنوات من «إجراءات صفر كوفيد» التي قيدت السفر.
ويشير تقرير «نيويورك تايمز» الى أن «ثمة سببا آخر لتعطش الصين للنفط وهو أنها الدولة الرائدة عالمياً في إنتاج البتروكيماويات، التي يتم تصنيعها من النفط والغاز الطبيعي».
وقال لين بو تشيانغ، عميد دراسات الطاقة في جامعة شيامن في شيامن بالصين، إن لدى بكين فرصة ضئيلة لزعزعة اعتمادها على واردات النفط، مضيفاً: «بالنظر إلى المستقبل، لا أعتقد أنه يمكن أن ينخفض بشكل كبير».
ولا تعترف الصين رسمياً بشراء أي نفط من إيران التي تخضع لعقوبات دولية واسعة النطاق بينما تحاول صنع أسلحة نووية، لكن مشترياتها تم توثيقها جيداً من خبراء الصناعة.
وتعتمد إيران على شحن النفط على متن الناقلات التي تقوم بإيقاف تشغيل أجهزة الإرسال والاستقبال التلقائية الخاصة بها، أحياناً لمدة أسابيع في كل مرة، وغالباً لا تقوم بتشغيلها مرة أخرى حتى تصل إلى الممرات المائية ذات حركة المرور العالية مثل مضيق ملقا بجوار ماليزيا.