«طوفان الأقصى» فرحة الشرفاء
قال تعالى «لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ». (سورة التوبة، الآية 47)
عند التمعن في معنى الآية الكريمة أجد أن الله سبحانه وتعالى قد حصن المؤمنين من المنافقين، وأجدُ أنه وصف ينطبق على بعض العرب المتأسلمين أو المتصهينين في زمننا هذا، فهم الرويبضة وهم المنافقون قاتلهم الله، فالعجب كل العجب منهم ومن تبريراتهم التي يسوقونها عند أي هجوم يتعرض له الصهاينة، التي لم يتسع لها حتى خيال الناطق الرسمي الإسرائيلي.
المبررات لا تخرج عن ثلاثة أعذار: الأول يضع اللوم على المقاومة، ويطالبها برد كفها عن الكيان المحتل بسبب اختلاف ميزان القوى بين الطرفين، وأن إسرائيل سترد الصاع صاعين، والثاني التهمة المعلبة بأن «حماس» والفصائل الجهادية تتحرك بأوامر إيرانية لتخريب مشروع السلام، والثالث تهمة جديدة أضيفت للتشكيك في نجاح «طوفان الأقصى» بأن المقاومة ارتكبت مجازر وروعت أطفال ونساء الإسرائيليين العزل.
نرد ونقول لمثل هؤلاء الرويبضة إن حساب فرق القوة يقع على عاتق أبناء وبنات فلسطين من المجاهدين وهم أدرى من غيرهم في تقييم الموقف الميداني، كما أن هذه الإشاعة مردود عليها، فالقصف الإسرائيلي لم يتوقف ومستمر بشكل شبه يومي على قطاع غزة سواء ردت المقاومة أو لم ترد.
ونتساءل أيضًا: هل القصف الدموي الذي يمارسه المحتل على قطاع غزة الذي لم يستثن حجرا عن حجر، وخلف وراءه آلاف الشهداء والجرحى من أطفال وشيوخ ونساء ورجال، ولم يفرق بين ثكنة عسكرية وبين مدرسة ومنزل ومسجد ومستشفى، وفي المقابل لم تسجل الكاميرات لفلسطيني أو فلسطينية أي مقطع يحمل المقاومة ما وصلت إليه الأوضاع، بل لم نسمع منهم سوى كلمات التهليل والاحتساب والتكبير فرحاً بقوافل الشهداء والوقوف خلف المقاومة كالبنيان المرصوص.
التهمة الثانية أن فصائل المقاومة تتحرك بأوامر إيرانية لتخريب مشروع السلام العربي الإسرائيلي، وكأن مشروع السلام لم يكن مطروحا منذ أيام الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، بل قبل ذلك بكثير، متجاوزين حقيقة أن الصهاينة مازالوا يمارسون غطرستهم وظلمهم بإنشاء المستوطنات وتهجير الفلسطينيين من منازلهم ومزارعهم، ويقومون بتصفيات وقتل ممنهج لقادة التنظيمات الجهادية.
التهمة الثالثة تباكي المتأسلمين وعويلهم على نساء وأطفال الصهاينة، وفي المقابل تراهم يتراقصون فرحا بالتفجيرات والمفخخات التي يروح فيها الأبرياء المدنيون من نساء وأطفال وشيوخ في سورية والعراق وباكستان وأفغانستان، ناهيك عن صمتهم عن المجازر التي يقوم بها الجيش الصهيوني في قطاع غزة والمدن والقرى المحتلة.
المشهد البطولي لصولة «طوفان الأقصى» لم يكن وليد المصادفة، ولولا إيمان أهل فلسطين من رجال ونساء عاهدوا الله ورسوله على التضحية بأنفسهم لما شهدنا مثل هذا اليوم، وهو يوم من أيام الله شاء من شاء وأبى من أبى، والأيام حبلى بالمفاجآت التي ستنقلب فيها موازين القوى لصالح المؤمنين.
إعلان الكيان الصهيوني الحرب على غزة بعد ساعات من صدمة «طوفان الأقصى» طوفان الشجعان يا ترى ماذا يعني ذلك؟
هذا الإعلان له دلالاته على أن هذا الكيان يخاف من القوة التي يشكلها قطاع غزة رغم صغر حجمه الجغرافي، والذي لا يشكل سوى 1.33% من مساحة فلسطين، ومن شعب يقبع تحت ظروف معيشية قاسية جدا، وهو محاصر من أربع جهات، ومع ذلك لم ولن يرضخ، «وما رميت إذ رميت، ولكن الله رمى»، هكذا كانت إرادة الله في نصرة أبناء غزة المجاهدين، حيث استطاعت المقاومة الفلسطينية المؤمنة تجاوز الحائط الأمني وكاميرات المراقبة وصفارات الإنذار في دقائق معدودة، وعادت منتصرة على دويلة تخيل لهم ما تخيل لفرعون قبلهم.
أخيراً لهؤلاء المرجفين أياً كان مذهبهم أو ملتهم: كفّوا ألسنتكم وأقلامكم عن غزة قبحكم الله.
ودمتم سالمين.