حذَّر وزير الخارجية الشيخ سالم الصباح من دعوات الاحتلال الإسرائيلي إلى التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة، معبّراً عن رفض الكويت القاطع لهذا الإجراء الذي يعد خرقاً للقانون الدولي والإنساني.
وقال وزير الخارجية، لـ «كونا» أمس الأول، إن تلك الدعوات ستؤدي إلى المزيد من المعاناة للشعب الفلسطيني، الذي يعاني استمرار التصعيد وعمليات القتل والتدمير العشوائي، داعياً المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى التدخل الفوري، ووضع حدٍّ لهذه الحرب الشعواء التي لا تفرق بين الأهداف المدنية والعسكرية.
وطالب برفع الحصار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية والطبية، وتوفير الغذاء والمياه للشعب الفلسطيني.
ووسط انتقادات من جهات عربية ودولية، بينها الأمم المتحدة، للخطوة الإسرائيلية التي تشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، واصل عشرات الآلاف من الفلسطينيين أمس النزوح من شمال القطاع، بما في ذلك مدينة غزة مركز القطاع الساحلي المحاصر، باتجاه جنوبه، لينضموا إلى أكثر من 300 ألف فلسطيني شُرِّدوا من منازلهم بعد أن بدأ الاحتلال حملة قصف وحشية، رداً على هجوم شنته حركة حماس الأسبوع الماضي وأسفر عن مقتل 1400 إسرائيلي وأسر أكثر من 120 بينهم عدد من العسكريين.
في غضون ذلك أعلن مسؤولون عسكريون إسرائيليون أن قرار الاجتياح البري قد اتُّخذ وسيبدأ الهجوم في وقت وشيك. ووصفت المقررة الخاصة بالأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرنشيسكا البانيز، ما يحدث بأنه مشابه لنكبة 1948 ونكسة 1967 على نطاق أوسع، في وقت زار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الجنود المحتشدين على حدود القطاع، وحثهم على بدء المرحلة الثانية من الرد الإسرائيلي، التي يُعتقَد أنها ستكون عبارة عن حملة برية مطولة ومرهقة داخل القطاع الذي انسحبت منه إسرائيل في 2005، بهدف القضاء تماماً على البنية العسكرية والسياسية والإدارية لـ «حماس».
ووسط حديث إسرائيلي عن ممرين آمنين لخروج الفلسطينيين من الشمال إلى الجنوب، تواصلت الغارات على جميع مناطق القطاع المكتظ بالسكان مودية بحياة عشرات الفلسطينيين بمن فيهم النازحون. وقال المرصد الأورو ـ متوسطي، إن 14 فلسطينياً يُقتَلون كل ساعة.
في هذه الأثناء، أفاد مصدر أمني بأن السلطات المصرية رفضت تخصيص معبر رفح لمغادرة الأجانب فقط من قطاع غزة ما لم يتم إبرام اتفاق ملزم لإدخال المواد الأساسية والإغاثية إلى السكان المدنيين هناك.
أتى ذلك بعد تقارير عن توصل الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل إلى اتفاق يسمح للأميركيين بمغادرة القطاع عبر المعبر.
وفي مؤشر على تصاعد احتمال الدخول في حريق كبير، سمحت وزارة الخارجية الأميركية بخروج الموظفين غير الأساسيين من مقارها الدبلوماسية في القدس وتل أبيب، في وقت واصلت عدة دول إجلاء دبلوماسييها ورعاياها عبر مطار بن غوريون.
وأمس، جدد وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن دعوته لتوفير ممرات ومناطق آمنة لسكان القطاع وإخراج الأجانب منه عبر معبر رفح خلال محادثات مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان في الرياض.
في غضون ذلك، تبادل «حزب الله» والجيش الإسرائيلي القصف، أمس، عبر الحدود بنفس وتيرة الأيام السابقة منذ بدء التوتر في غزة، دون أن يؤدي ذلك إلى مواجهة أوسع، وسط ترقب لاحتمال دخول الحزب، الذي يعد أفضل تسليحاً وتدريباً من حركة حماس، المعركة، مما يجعل إسرائيل أمام احتمال مواجهة حرب على جبهتين، وهو سيناريو تتفادى تل أبيب مواجهته منذ حرب أكتوبر 1973.
ولوّح وزير الخارجية الإيراني حسين أميرعبداللهيان، أمس في ختام زيارة لبيروت التقى خلالها خصوصاً الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله، بتوسيع الجبهة، مؤكداً أن يد «فصائل المقاومة» الموالية لطهران على الزناد.
وقال عبداللهيان إنه لا يزال هناك أمل لحل سياسي يمنع توسع الحرب، مشيراً إلى ضرورة وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية قبل اليوم، الأحد، وهو ما اعتبره مهلة إيرانية قد يتبعها تدخل «حزب الله» في المعارك بشكل واسع.
وكشف مصدر إيراني مطلع، لـ «الجريدة»، أن الرئيس السوري بشار الأسد عبّر لعبداللهيان خلال لقائهما أمس الأول في دمشق عن انزعاجه من عدم إطلاعه على موعد هجوم «حماس»، مضيفاً أن اللقاءات التي أدارها الوزير الإيراني مع كل الفصائل الموالية لطهران أجمعت على ضرورة إبقاء التهديد بإشعال فتيل حرب في شمال إسرائيل وتجنب الدخول في حرب شاملة يمكن أن تشق صف وحدة الدول العربية والإسلامية المتحدة حالياً في دعم غزة.
وأفاد المصدر بأن الخط الأحمر الذي اتفقت عليه فصائل إيران للدخول في حرب شاملة هو قيام إسرائيل بمحاولة اجتياح جنوب لبنان أو اجتياح غزة وفشل «حماس» في صد الهجوم.
وفي تفاصيل الخبر:
مع دخول الحرب بين فصائل غزة وإسرائيل أسبوعها الثاني، نزح نحو نصف مليون فلسطيني، داخل قطاع غزة، في وقت واصل عشرات الآلاف النزوح من شمال القطاع باتجاه جنوبه، قبل ساعات من انتهاء مهلة الجيش الإسرائيلي لهم لإخلاء مناطقهم، منتصف ليل السبت ـ الأحد.
ووسط ترقب لشن عملية برية مدمرة ضد حركة حماس المسيطرة على القطاع ومخاوف من تكرار «نكبة تهجير عام 1948»، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، جوناثان كونريكوس، أن الجيش سينتقل إلى «عمليات قتالية نوعية إضافية»، مجدداً الدعوة إلى مغادرة المدنيين من شمال القطاع، بما في ذلك مدينة غزة مركز القطاع الساحلي المحاصر.
وحث الجيش سكان شمال القطاع على اغتنام الساعات الباقية لمغادرة منازلهم باتجاه جنوب وادي غزة عبر مسارين آمنين من الساعة 4 عصراً حتى الساعة 10 مساءً، مؤكدا أنه «لا يستهدف أي مدني. نحن نقاتل حماس».
وأضاف: «رأينا أشخاصا أصغوا إلى إنذارنا»، داعياً الباقين إلى القيام بالأمر نفسه لحماية أنفسهم وعائلاتهم.
رفض وتحذير
ورغم رفض «حماس» إخلاء مدينة غزة التي يقول الجيش الإسرائيلي إنها مركز عمليات الحركة، وصل عشرات الآلاف من الفارين من المدينة إلى منطقة رفح المحاذية للحدود المصرية، أمس، بحثاً عن ملجأ أو مكان إقامة في ظل استمرار حملة القصف الجوية غير المسبوقة التي تشنها إسرائيل على مناطق القطاع رداً على عملية «طوفان الأقصى» التي أطلقتها «حماس» السبت الماضي وتسببت في مقتل 1400 إسرائيلي وإصابة 3200 شخص وأسر ما بين 150 و200، بينهم العشرات من مزدوجي الجنسية.
وغادر سكان يعيشون في شمال القطاع بالسيارات وعلى دراجات نارية وفي شاحنات وعلى الأقدام، أمس الأول، متجهين جنوبا، وسط انتقادات من جهات عربية ودولية، بينها الأمم المتحدة، لدعوة الإخلاء الإسرائيلية، لأنها تشكل انتهاكا واضحاً للقانون الدولي.
قتل واشتباكات
في غضون ذلك، زعم الجيش الإسرائيلي أنه قتل قادة كبارا في كتائب القسام الجناح العسكري لـ «حماس».
وأفاد بأنه قتل «قائد العمليات الجوية» بقوات النخبة، مراد أبومراد، في ضربة على مركز الحركة لإطلاق الطائرات الشراعية.
كما تحدث جهاز الأمن العام (الشاباك)، في بيان مشترك مع الجيش، عن مسيّرة اغتالت قائد إحدى عمليات هجوم «طوفان الأقصى» علي القاضي.
وغداة قيام القوات الإسرائيلية بعمليات توغل محدودة في القطاع «للقضاء على الإرهابيين ومحاولة العثور على مفقودين»، خرجت احتجاجات أغلقت شوارع رئيسية في تل أبيب للضغط على الحكومة الإسرائيلية من أجل العمل على إنقاذ الرهائن المحتجزين لدى «حماس» وإيصال مساعدات لهم، وطالبوا بإقالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
في المقابل، أعلنت «القسام» تدمير 3 آليات عسكرية بعد تسللها شرق مدينة خان يونس جنوب غزة، واشتباكها مع القوات الإسرائيلية التي تواصل احتشادها بمحيط القطاع.
وأطلقت فصائل غزة رشقات صاروخية مكثفة باتجاه تل أبيب ومطار بن غوريون وعسقلان وسديروت وزيكيم، رداً على التهجير واستهداف المدنيين، أمس، في حين كشف الجيش الإسرائيلي عن إصابة طائرة حربية بصاروخ مضاد للدروع أطلقته عناصر «حماس».
وعيد ووحدة
وتزامن ذلك مع تعهّد رئيس الحكومة الإسرائيلية في بيان غير عادي بالقضاء على «حماس» في غزة، لافتا إلى جهوده من أجل توفير الذخيرة والأسلحة اللازمة لاستمرار الحرب، متعهداً بتحقيق النصر واختتامها بوضع أقوى مما مضى في حال استمرار تدفق الذخيرة والأسلحة اللازمة للعمليات الحربية.
في المقابل، أكدت الفصائل الفلسطينية على «وحدة الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده وحقه في مقاومة الاحتلال».
وطالبت الفصائل في بيان الأمم المتحدة و«الصليب الأحمر» بتحمّل مسؤولياتهما القانونية والأخلاقية تجاه غزة.
كما دعت الفصائل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للعمل على تمكين وصول الجرحى للمستشفيات المصرية من أجل تلقي العلاج.
مغادرة وإغاثة
في هذه الأثناء، أفاد مصدر أمني بأن السلطات المصرية رفضت تخصيص معبر رفح لمغادرة الأجانب من قطاع غزة فقط.
وبحسب التقارير أبلغت السلطات المصرية وفدا أمنيا إسرائيليا زارها أمس، أنها لن تسمح بعبور الأميركيين والأجانب من المعبر ما لم يتم إبرام اتفاق ملزم لإدخال المواد الأساسية والإغاثية إلى السكان المدنيين.
جاء ذلك بعد تقارير عن توصل الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل إلى اتفاق يقضي بالسماح للأميركيين بمغادرة القطاع عن طريق رفح.
واضطرت العشرات من العائلات الأميركية والسويدية، من أصول فلسطينية، إلى العودة إلى حيث جاؤوا بعد حضورهم إلى بوابة المعبر من الجهة الفلسطينية، في حين تم رصد إرسال السلطات المصرية لتعزيزات عسكرية ووضعها لحوائط وحواجز أسمنتية عالية داخل المعبر تحسباً لمواجهة تدفق كبير من الراغبين في مغادرة القطاع.
وأمس، جدد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال محادثات مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان في الرياض، دعوته لتوفير ممرات ومناطق آمنة لسكان القطاع وإخراج الأجانب من غزة عبر معبر رفح.
وتخلى المسؤولون الأميركيون عن مساعٍ لدفع سكان غزة إلى اللجوء نحو سيناء المصرية المجاورة بعد تصاعد تحذيرات إقليمية ومصرية من احتمال لجوء سلطات الاحتلال إلى تهجير سكان القطاع للتخلص من أزمتها المزمنة، ليقروا بأنّ الأولوية باتت لمساعدة المواطنين الأميركيين البالغ عددهم نحو 600 على المغادرة.
قتلى وتحذيرات
من جانب آخر، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل 324 شخصا في القطاع خلال الساعات الـ 24 الماضية جراء القصف الإسرائيلي.
وقالت إن 9 أسرى بينهم 4 أجانب قُتلوا خلال القصف على أماكن وجودهم، ليرتفع بذلك عدد الأسرى الذين قضوا لدى الحركة المسيطرة على القطاع إلى 26 جراء القصف الإسرائيلي المتواصل.
وأفادت «الصحة» بأن 2215 فلسطينيا قتلوا وأصيب 8714 جراء القصف منذ السبت الماضي.
وأوضحت أن من بين القتلى 724 طفلا و458 سيدة، مشيرة إلى أن من بين حصيلة الإصابات 2450 طفلا و1536 سيدة، وأشارت منظمة المرصد الأورو ـ المتوسطي لحقوق الانسان، إلى أن 14 فلسطينياً يُقتَلون كل ساعة. وقُتل عشرات المدنيين امس بغارات على جباليا ودير البلح ومخيم الشاطئ.
وبالإضافة إلى ذلك سجلت «الصحة» مقتل 27 فلسطينيا في اضطرابات واشتباكات متفرقة بين الفلسطينيين وسلطات الاحتلال في الضفة الغربية منذ السبت الماضي.
من جهة أخرى، أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 1300 مبنى في القطاع دمرت. وقالت إن 5544 وحدة سكنية في هذه المباني تم تدميرها، في حين أصيبت حوالي 3750 وحدة أخرى بأضرار جسيمة إلى حد لم تعد قابلة للسكن.
في غضون ذلك، حذرت عدة جهات، في مقدمتها وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين (الأنروا) من تدهور الأوضاع الإنسانية في ظل استمرار حصار إسرائيل الكامل للقطاع، ومنعها ادخال أي امدادات بما في ذلك الطعام والماء والدواء والغاز والكهرباء له.
وقالت «الأونروا» إن إمدادات المياه توشك أن تنفد، محذرة من أن ذلك يشكل مسألة حياة أو موت لـ2.2 مليون نسمة.
وحث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الدولة العبرية على «تجنّب وقوع كارثة إنسانية مع احتمال انهيار النظام الصحي بغزة»، في حين أعلنت عمّان خروج المستشفى الميداني الأردني في غزة عن الخدمة.