السعودية تعلّق «التطبيع»... وإيران تهدد بتوسيع الحرب
• رفض عربي ودولي لمساعي الاحتلال الإسرائيلي تهجير الفلسطينيين من غزة... ودعوات لمناطق آمنة
• موسكو تدخل على خط الوساطات لتبادل الأسرى... وبكين تدعو واشنطن لأداء «دور مسؤول»
مع وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الرياض، في زيارة تأتي ضمن جولة إقليمية تشمل 6 عواصم عربية، علّقت السعودية محادثات التطبيع مع إسرائيل، في رد قوي على عدوانها المستمر منذ أسبوع على قطاع غزة واستهداف المدنيين.
وأوضح مسؤول سعودي مطلع أن «المملكة قررت تعليق المحادثات حول التطبيع المحتمل (مع إسرائيل)، وأبلغت ذلك للمسؤولين الأميركيين»، الذين يقومون برعاية المباحثات منذ أشهر.
وغداة إصدار المملكة بياناً هو الأشد لهجة رفضاً لإنذارات الإخلاء التي وجّهها الاحتلال الإسرائيلي لسكان شمال غزة، استقبل وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، نظيره الأميركي، الذي وصل الرياض، ضمن جولة إقليمية تشمل 6 دول عربية.
وشجب بن فرحان سقوط ضحايا من المدنيين، مشددا على أن «الأولوية الآن لوقف المعاناة والتهدئة بسرعة، ووقف الأعمال القتالية، ثم العمل على معالجة التحديات الإنسانية»، مؤكدا ضرورة العمل لضمان دخول المساعدات الإنسانية للقطاع.
مناطق آمنة
من جهته، سلّط بلينكن الضوء على جهود إنشاء «مناطق آمنة» في غزة، إضافة إلى «ممر لتوصيل المساعدات»، مؤكداً أنه «لا أحد يريد أن يرى معاناة المدنيين من أي جانب، ونبذل قصارى الجهد لحمايتهم».
وأكد أن الهجوم على إسرائيل لا يمكن وصفه، و»حماس» لا تمثّل الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن واشنطن تعمل مع الرياض لضمان حماية المدنيين في القطاع وإحلال السلام.
وفي اليوم الثالث من رحلته الأوسع في الشرق الأوسط حتى الآن، أجرى بلينكن اتصالاً هاتفياً مع نظيره الصيني، وانغ يي، طالبه فيه باستخدام نفوذه لاستعادة الهدوء في الشرق الأوسط.
وخلال الاتصال مع بلينكن، الذي استغرق ساعة، دعا الوزير لي إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في أقرب وقت لحل القضية الفلسطينية، مؤكداً أن المهمة الأكثر إلحاحاً هي وقف إطلاق النار في أقرب وقت وتجنّب تفاقم الكارثة.
واعتبر لي أنه عند التعامل مع القضايا الساخنة، يجب على الدول الكبرى أن تكون موضوعية ومحايدة، وأن تحافظ على الهدوء وضبط النفس، وأن تأخذ زمام المبادرة في الالتزام بالقانون الدولي.
وقال لي لبلينكن: «الصين ترفض جميع الأفعال التي تؤذي المدنيين وتنتهك القانون الدولي، وتدعو الولايات المتحدة إلى أداء دور مسؤول».
محور إيران
بدوره، حذّر وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان، في ختام زيارة الى بيروت، التقى خلالها خصوصا الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله، من أن «المقاومة في وضع ممتاز، ويدها على الزناد وتدخّلها سيغيّر خريطة فلسطين»، معلناً عن «اتفاق طهران والرياض على دعم فلسطين والقيام بكل الإجراءات لوقف العدوان ورفع الحصار عن غزة».
وقال عبداللهيان، في مؤتمر صحافي: «حزب الله لديه إمكانات كبيرة، وبإمكانه إحداث زلزال كبير للكيان الصهيوني»، مضيفا أن «فصائل المقاومة وضعت نصب أعينها كل سيناريوهات هذه الحرب، وستعلن ساعة الصفر في بقية الجبهات حال استمرار العدوان».
وحمّل عبداللهيان إسرائيل وداعميها مسؤولية توسّع رقعة الحرب في المنطقة، لكنّه أشار إلى أنه ما زالت هناك فرصة سياسية لمنع ذللك، متهماً «واشنطن بتقديم الدعم الشامل لإسرائيل جهاراً، وهذا يعني أنها انخرطت في المعركة ضد المدنيين في غزة».
من جانبه، أكد المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، أن «حركة غزة ستمضي قدمًا، وستؤدي إلى النصر الكامل»، داعيًا الجميع إلى «مساعدة الشعب الفلسطيني».
حراك عربي
إلى ذلك، دعت السعودية منظمة التعاون الإسلامي إلى عقد اجتماع استثنائي يوم الأربعاء في جدة «لتدارس التصعيد في غزة وتفاقم الأوضاع وتهديد المدنيين وأمن المنطقة واستقرارها».
وأكد الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبوالغيط، خلال استقباله وزيرة خارجية ألمانيا، أنالينا بيربوك، ضرورة العمل الدولي لمنع الاستمرار في ارتكاب مذبحة بغزة.
وطالب الأمين العام لمجلس التعاون، جاسم البديوي، بتدخّل دولي عاجل لإيقاف عقاب الاحتلال الجماعي لغزة، ووضع حد للتصعيد ضد المدنيين وتجنّب حدوث كارثة بحرمان سكان القطاع من المتطلبات الأساسية.
وفي الأردن، بدأ الملك عبدالله الثاني، أمس، جولة أوروبية لحشد الدعم لإنهاء الحرب «الإسرائيلية على غزة»، وذلك غداة لقائه بلينكن وإجرائه اتصالات مكثفة مع زعماء المنطقة والغرب لتهدئة العنف، ومنع انجرار المنطقة إلى حرب أوسع نطاقاً.
وعلى غرار الكويت والسعودية، حذّر الأردن، أمس، من أن أي تحرّك إسرائيلي لفرض تهجير جديد على الفلسطينيين سيدفع المنطقة كلها نحو «الهاوية».
وقال وزير الخارجية أيمن الصفدي: «منع إسرائيل دخول الغذاء والدواء والوقود والمساعدات الإنسانية إلى غزة جريمة حرب»، مشدداً على أن «ضغطها على أكثر من مليون شخص لمغادرة بيوتهم خرق فاضح للقانون الدولي والإنساني وقانون الحرب».
وفي قطر، أعلن وزير الخارجية محمد بن عبدالرحمن، خلال اتصالات مع نظرائه في تركيا والسّعوديّة وسلطنة عمان، رفض أي محاولة للتهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة، ودان استهداف المدنيين كافة وممارسة سياسة العقاب الجماعي تحت أي ذريعة.
وأكد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن دعوة إسرائيل لإجلاء سكان شمال غزة «مستحيلة تماما».
وفي مصر، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي الأهمية القصوى للجهود الدولية المنسقة، لإنهاء المعاناة الإنسانية المتفاقمة بغزة.
وبحث السيسي مع وزير خارجية تركيا هاكان فيدان «جهود وقف العنف واتخاذ إجراءات فعالة لحماية المدنيين من القتل والتشريد والدمار».
وحذّر الجانبان من الخطورة البالغة للوضع الراهن وتهديده لاستقرار وأمن المنطقة، وطالبا بضرورة «توفير النفاذ الآمن والعاجل للمساعدات وتجنّب العقاب الجماعي من حصار وتجويع أو تهجير».
إطلاق رهائن
وفي روسيا، يستعد نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، لقاء مسؤولين من حركة حماس في قطر الأسبوع المقبل لبحث إطلاق سراح رهائن إسرائيليين. وفي موقف ثمّنته «حماس»، اعتبر الرئيس فلاديمير بوتين أن الحصار الإسرائيلي المحكم لغزة «غير مقبول مثل الحصار النازي للينينغراد»، الذي وقع خلال الحرب العالمية الثانية، وعرض المساعدة لإنهاء الأزمة.
وأكد المندوب الروسي بمجلس الأمن، فاسيلي نيبينزيا، أن «التصعيد بغزّة مقلق للغاية، والمنطقة على شفا حرب شاملة، وأميركا تروّج الأكاذيب دعمًا لإسرائيل»، مشيرًا إلى أن «العقاب الجماعي له عواقب كارثية».