مع ترقب أن تشن إسرائيل هجوماً برياً ضد قطاع غزة، مستخدمة قوات النخبة لديها، يتوقع محللون أن يتحول القطاع المحاصر إلى مسرح لعملية عسكرية دامية ومرهقة وطويلة جدا.

ولا يترك هجوم السبت الماضي، الذي شنه مقاتلو «حماس»، وهو الأسوأ في تاريخ إسرائيل، سوى قليل من الشكوك حول حجم العملية المقبلة، ويرى محللون أن القصف الجوي المكثف، الذي تقوم به إسرائيل منذ بدء عملية «حماس» في 7 الجاري، هو تحضير لهجوم بري كبير.

Ad

ويقول أليكس بليتساس، الخبير في شؤون الدفاع بمجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث أميركي مقره واشنطن، إن الضربات الجوية الحالية تهدف إلى «القضاء على قيادة وسيطرة حماس والقادة الرئيسيين والأنفاق ومخابئ الأسلحة وقاذفات الصواريخ، لتقليل مخاطر الهجمات الصاروخية ضد المدنيين الإسرائيليين والمخاطر التي يتعرض لها أفراد الجيش الإسرائيلي خلال عملية برية».

وبالتالي هناك احتمال بأن تنضم غزة، وهي واحدة من أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان في العالم، إلى قائمة المناطق الحضرية التي تحولت إلى أنقاض بسبب العمليات العسكرية، مثل الفلوجة في العراق عام 2004، والموصل في شمال العراق عام 2017، وماريوبول في أوكرانيا عام 2022.

وشهد قطاع غزة معارك وقصفا مدمرا عام 2014، عندما حشدت إسرائيل 75 ألف جندي احتياطي لعملية استمرت 50 يوما، وفق ما يقول جون سبنسر من معهد الحرب الحديثة في الأكاديمية العسكرية الأميركية ويست بوينت، لكن هذه المرة استدعت السلطات الإسرائيلية 300 ألف.

ويقول بيار رازوكس، من مؤسسة البحر الأبيض المتوسط للدراسات الاستراتيجية، «سيرسل الإسرائيليون كل وحدات النخبة ومركباتهم المدرعة والمشاة وخبراء المتفجرات والكوماندوز والقوات الخاصة». وسيكون لدى هذه القوات دعم من المدفعية والطائرات المسيّرة والطائرات المقاتلة والمروحيات القتالية.

وأضاف رازوكس أن الهدف الأولي قد يكون تقسيم قطاع غزة إلى قسمين، وفصل رفح في الجنوب عن مدينة غزة في الشمال، ويتوقع «عمليات مدعومة بالآليات والمدرعات للسيطرة على الطرق الرئيسية، كما حدث في بيروت عام 1982، قبل هجوم منسق في كل الاتجاهات» برا وبحرا وجوا.

ويرجح أن يتم شن الغزو ليلاً، إذ إن «حماس» محرومة من الكهرباء بينما المقاتلون الإسرائيليون مجهزون بأحدث أجهزة الرؤية الليلية التي تسمح لهم بالرؤية حتى من خلال الجدران.

ورغم ذلك، فإن التفوق التكنولوجي الإسرائيلي لا يقدم حلولا سهلة. ويقول أندرو غالر، من شركة الاستخبارات البريطانية «جينز»، إن حرب المدن تشكّل دائما «واحدة من أكثر البيئات التكتيكية واللوجستية تعقيدا» لأي جيش نظامي.

ويعمل مقاتلو «حماس» في متاهة من الأزقة الضيقة وشبكة من الأنفاق لا تستطيع أجهزة المخابرات الإسرائيلية كشفها إلا جزئيا. ويقول سبنسر: «في تاريخ حرب المدن، يمكن أن يستغرق تطهير مبنى واحد كنقطة حصينة أياما أو أسابيع أو أشهر». وتزداد صعوبة العملية الإسرائيلية مع حقيقة أن «حماس» مدججة بالسلاح.

ويشير سبنسر الى أن «حماس» نشرت في 2014 ما بين 2.500 و3.500 مقاتل مجهزين بالصواريخ وقذائف الهاون والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات وقاذفات القنابل اليدوية والبنادق الآلية والأسلحة الصغيرة، ويضيف أن ترسانة الأسلحة لديها توسعت منذ ذلك الحين، لاسيما مع إضافة «مجموعة كاملة من الطائرات المسيّرة - من الطائرات الانتحارية بدون طيار الى العسكرية - والمروحيات الرباعية التجارية الجاهزة والمعدلة لإسقاط الذخائر».

ويواجه المدنيون في قطاع غزة وضعا مأساويا، وقد فر أكثر من 423 ألف شخص من منازلهم، وفق الأمم المتحدة، لكنهم لا يواجهون سوى خيارات قليلة للهروب مع إغلاق حدود غزة من جميع الجوانب.

ووضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يعلم أن إرثه السياسي برمّته على المحك، هدفا مبالغا به. وقال في مؤتمر صحافي الخميس: «مثلما تم سحق داعش، سيتم سحق حماس»، وهو الهدف الذي يضع الجيش الإسرائيلي أمام معركة طويلة.

ويقول بليتساس: «الطريقة الوحيدة أمام إسرائيل لتحقيق هدفها المتمثل في القضاء على القدرات العسكرية لحماس هي حرب المدن من منزل إلى منزل، ومن مبنى إلى مبنى»، ويضيف أن ذلك قد يستغرق أشهرا عدة، نظرا لحجم غزة، وعدد المسلحين المستعدين للقتال، وحجم مخابئ أسلحة المسلحين وحجم السكان المدنيين.