قد تبدو هذه النصائح مخالفة لتيار البذخ والإنفاق الاستهلاكي المدمر الحالي، لكنها نصائح شرعية مجربة تعود بالكويتي إلى حياة سعيدة وقانعة تخلو من القلق المستمر وهموم الديون والجري وراء مطالب لا يمكن الوفاء بها.

• الأولى: كن حصيفاً في إنفاقك، ولتكن مصروفاتك على قدر دخلك، ولا تقلد مصروفات الآخرين، ولا تقارن نفسك بمن هو أغنى وأكثر دخلاً منك، وتأمل قول نبيك الكريم «انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله». (رواه مسلم)، واقنع بما يوفره لك دخلك كما قال نبيك: «قد أفلح من أسلم ورُزق كفافا وقنعه الله بما آتاه». (رواه مسلم).

Ad

• الثانية: إياك والمظاهر الكاذبة مثل اقتناء السيارات الباهظة الثمن ذات الأقساط المرهقة، وازهد في الماركات الغالية خاصة الساعات والشنط والأحذية والسفر المكلف، وليكن شراؤك لهذه الأمور من الموديلات المعقولة الثمن، وعلى قدر دخلك اتباعاً لهدي نبيك الذي حذر من التباهي بالمظاهر الغالية بغير قدرة عليها، فقال: «المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور». (رواه البخاري).

• الثالثة: عليك الادخار ولو اليسير من دخلك، فقد تحتاج إلى ما ادخرته في يوم من الأيام، وقد يحتاجه أبناؤك من بعدك، فلا تتركهم محملين بالديون، وقد حثنا نبينا الكريم على ذلك فقال: «إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم». (رواه البخاري).

• الرابعة: إياك والاقتراض من غير ضرورة، فهو مكروه، وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، لا يصلي على المدين حتى يتم سداد دينه، وإن كان لا بد من الاقتراض فليكن للضرورة مع القدرة على السداد، ومن غير إرهاق لميزانية الأسرة، وقد كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يتعوذ من ثمان هي: «الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وغلبة الدين وغلبة العدو». (رواه أنس بن مالك).

• الخامسة: إذا كنت مقبلا على بناء بيت العمر فاحذر «الفخفخة» وبناء الصالات الكبيرة المتعددة والسرداب على كبر القسيمة، وحمام السباحة وعشرات الحمامات التي لن تحتاج الى معظمها، وفكر في صيانتها السنوية التي ستكلفك مبالغ كبيرة رغم أنها ليست من الضروريات، فيكفيك منزل معقول يتناسب مع وضعك المالي وعدد أبنائك دون أن ترهق نفسك بالديون التي ستذهب منك أجمل سنوات العمر في سدادها بدلا من الاستمتاع بها، وليكن قدوتك النبي، صلى الله عليه وسلم، في بيته وملبسه الذي قال: «البذاذة من الإيمان»، أي ترك المبالغة في الترف. (تخريج المسند لشعيب).

• السادسة: احترس من الثلاثة وهي الوكالة والكفالة والمغامرة المالية، فكم مر عليّ أثناء عملي من المنازعات القضائية بسبب الكفالات والوكالات التي يقوم بها الشباب بحسن نية ثم يكتشفون أنها أضاعت أموالهم وربما بيوتهم، وأصبحوا مدينين ومطاردين، أما المغامرة المالية فوقع ضحيتها آلاف الشباب، حيث خُدعوا بصفقات مالية أو عقارية أو أسهم أو استثمارات تبين بعد فترة أنها خاسرة وغير مدروسة وربما مشبوهة ووهمية.

• السابعة: تصدق ولو بالقليل فإن في الصدقة بركة للمال وزكاة للنفس، وقد أخبر النبي أن «من تصدق بعدل تمرة فإن الله يتقبلها ويربيها حتى تكون مثل الجبل». (رواه البخاري).

• الثامنة: لا تأخذ تصريحات بعض النواب المالية واقتراحاتهم الشعبوية على أنها قرارات وقوانين نهائية فقد يرفضها المجلس أو يقلل قيمتها، ولا تصدق رويبضات وسائل التواصل، فقد ورطت تصريحاتهم كثيراً من الشباب بوعود لم تصدق مثل إسقاط القروض أو بزيادات مالية كبيرة غير واقعية لم يتحقق منها شيء، وأوقعتهم في مكابدة سداد الديون لسنوات، وقد قال النبي صلى الله عليه: «بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع». (رواه مسلم)، ومن يكذب بأنه: «يكذب بالكذبه فتُحمل عنه حتى تبلغ الآفاق». (البخاري).

• التاسعة: شارك أباك المتقاعد في بعض المصاريف إذا كنت تسكن عنده في البيت، ويكفي أنه أنفق عليك حتى درست وتوظفت وزوجك الفتاة التي أردت، ويأتي بأبنائك يومياً من المدارس، فلا تنس أن تسهم في جزء يسير من مصروفات المنزل، ولا تنتظر أن يطلب هو منك بل بادر أنت، ولا تنس الوالدة، فهي الخير والبركة، فقد أخبر النبي، صلى الله عليه سلم، أنهما أحق الناس بحسن الصحبة، وقال أيضاً: «برّ أباك وأحسن صحبته». (السلسلة الصحيحة للألباني).

• العاشرة: لا تنس صلة الرحم، فهي تزيد الرزق، فقد أخبر الصادق المصدوق، صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه». (رواه مسلم).

• الحادية عشرة: أخلص في عملك لكي يأتيك الرزق وتجنب الذنوب والإهمال وعدم الانتظام في الدوام إلا لعذر، فقد قال، صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه». (صحيح ابن ماجة).

• الثانية عشرة: استثمر مع إخوانك إذا ترك لكم الوالد أو الوالدة ميراثاً ولو كان يسيراً، فلا تبددوه بعد قسمته الشرعية في المصروفات الجارية والمظاهر البالية التي لا فائدة منها، ولكن اجمعوه في عقار بسيط أو ودائع إسلامية مضمونة، فيبارك الله فيها، وتكون عوناً لكم ولأبنائكم في المستقبل.